تغيير التفكير
على بعد بضع ساعات بالسيارة إلى الجنوب الشرقي من بلجيكا، يحاول مسؤولو السجون في ولاية «هيسه»، بوسط ألمانيا، اتباع نهج مختلف، وهو نوع من التجربة في تعديل السلوك الذي يحدث في الوقت الفعلي. وفي سجن «جي في آي» بمدينة فرانكفورت، لا توجد وحدات عزل، حيث يتم الاحتفاظ بالسجناء المتطرفين في مكان واحد. وبدلاً من ذلك، يشترك جميع السجناء في المكان نفسه، بوجود نظام مراقبة وثيق بشكل غير عادي، وإمكانية التدخل من قبل مجموعة من الحراس تم تدريبهم حديثاً على اكتشاف بوادر التطرف. ويسعى المسؤولون الألمان، الذين لديهم ميزانيات أكبر وموظفون أكثر، مقارنة مع جيرانهم في بلجيكا، إلى تحييد تهديد التطرف لكل نزيل على حدة، من خلال تدخل مكثف - وأحياناً عدواني - في كل قضية فردية.
وتابع زوار السجن في يونيو باهتمام حديث مدير السجن، الذي راح يشرح كيف يراقب الحراس علامات التحذير الأولية في مظهر السجناء وسلوكهم وممتلكاتهم الشخصية.
ومنذ ذلك الحين، تم إلقاء القبض بصورة منتظمة على العائدين من العراق وسورية، ووضعهم خلف القضبان. وهكذا، وعلى الرغم من أن «داعش» لم يعد قائماً، إلا أن عدد الاعتقالات المرتبطة بـ«الإرهاب المتطرف» لايزال في ارتفاع، من 395 في عام 2014 إلى 705 خلال العام الماضي، وفقاً للإحصاء الذي أصدرته الشرطة الأوروبية (يوروبول) في يونيو الماضي.
لكن الكثيرين ممن هم الآن في السجن سيصبحون أحراراً قريباً. ووفقاً لتقرير «يوروبول»، الذي صدر الشهر قبل الماضي، فإن متوسط عقوبة السجن في بلجيكا بالنسبة للسجناء المدانين بدعم الجماعات الإرهابية هو خمس سنوات. ويقول مدير أكاديمية البحث والتطوير الإسلامي، التي تتخذ من بروكسل مقراً لها، إبراهيم لعيتوس: «كانت لدينا مشكلة بذهاب الشباب إلى الشرق الأوسط، والآن لدينا مشكلة أخرى بعد عودتهم». ويضيف مدير المؤسسة غير الربحية، التي تسعى إلى إعادة تأهيل السجناء المتعصبين، قائلاً: «هناك المئات في سجوننا هنا، في بلجيكا، وربما 150 منهم يمكن اعتبارهم خطرين. ولا تمتلك مؤسستي سوى الموارد اللازمة للتعامل مع 10 حالات في وقت واحد».