ناقد فني يقترح دراما تُظهر الجانب الإنساني لجمال عبدالناصر
على هامش الاحتفاء بذكرى ثورة 23 يوليو 1952، دعا الناقد الفني، طارق الشناوي، أبناء القادة السياسيين والرموز الفكرية والثقافية في مصر، إلى التوقف عن اعتبار أنفسهم المرجعية الوحيدة لتفاصيل حياة آبائهم، خصوصاً عندما تتحول هذه الحياة إلى أعمال درامية، بما يستتبع ذلك من سحب مؤلفيها إلى المحاكم، متسائلاً: «هل يملك الورثة كل الأوراق؟ من أول ذكر الحقائق التاريخية عن مورثهم، إلى انتقاء من يحق لهم استقبالهم في زيارة قبور آبائهم؟»، كما دعا الشناوي إلى تصوير الزعماء المصريين في الدراما بشكل إنساني، بوصفهم من لحم ودم، وليس بشكل أسطوري، وردت ابنة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، هدى، بأن والدها كان أكثر شخص قادر على انتقاد نفسه ذاتياً، رأته في حياتها، مضيفة «إنها لا ترى نفسها وريثة لعبدالناصر الذي تعتبره أسرتها مِلْكَاً للأمة».
وتفصيلاً، قال الشناوي في سلسلة كتابات له عن عبدالناصر بمناسبة ذكرى يوليو 1952، في جريدة «المصري اليوم»، إنه «لم يتعاطف يوماً سياسياً ولا فكرياً مع حمدين صباحي»، وإنه «لا مساحة في عقله أو قلبه لخطاب حمدين صباحي السياسي لأسباب عدة، ومع ذلك عندما يرفض عبدالحكيم جمال عبدالناصر استقبال حمدين صباحي في ضريح عبدالناصر، وهو - أي الضريح - يفترض أن يتسع لكل العشاق ولكل الأطياف، حتى من لديه آراء سلبية في الزعيم، فإنه يرى أن عبدالحكيم استخدم سلاحاً غير مشروع».
وكانت صحف ومواقع وفضائيات قد نشرت وبثت تقارير مفصلة عن واقعة رفض استقبال عبدالحكيم عبدالناصر لحمدين صباحي في مقر ضريح عبدالناصر، بمسجد عبدالناصر في كوبري القبة، أثناء احتفالات ذكرى يونيو 1952 الأسبوع الماضي، وأرجعت التقارير هذا الموقف إلى الخلاف الذي وقع بين عبدالحكيم وحمدين حين ترشح الأخير للانتخابات الرئاسية عام 2014، بينما رفض الأول دعمه وأعلن عن مناصرته لترشح الرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسي، معتبراً أن ذلك هو الموقف الصحيح لدعم الاستقرار من وجهة نظره، كما أن عبدالحكيم اتهم صباحي بالتحالف مع جماعة «الإخوان المسلمين» أثناء وجودها في الحكم.
وشدد الشناوي على أن المشاهد لا «يشعر أبداً بأن الدراما تعامل الزعيم كإنسان من الممكن أن ينفعل أو يغضب أو يثور أو يحب أو يكره».
وقد ردّت هدى عبدالناصر، في رسالة، على ما طرحه طارق الشناوي، قالت له فيها: «أحب أن تعرف أن أسرة عبدالناصر، وهي توثق له، تعرف أنه مِلْك أمة، ولا تنتقي نجاحاته فقط، وإنما تعرض على الباحثين ما وجدته من أوراقه بمكتبه في منشية البكري دون انتقاء».
بدوره، رد الشناوي على رسالة هدى بالإشارة إلى أنه «عندما قال إن الورثة يريدونه فقط زعيماً، كان يعني أيضاً أن صُناع الأعمال الدرامية في مصر لا يعرفون سوى (الاستريو تايب) للرئيس، خوفاً ليس فقط من غضب الورثة ولكن لأن عشاق عبدالناصر، وهم كُثر، لا يمكن أن يتقبلوا سوى هذا الوجه»، وتساءل: «هل يملك الورثة كل الأوراق؟ من أول ذكر الحقائق التاريخية عن مورثهم، إلى انتقاء من يحق لهم استقبالهم في زيارة قبور آبائهم؟».
من جهته، قال عضو المكتب السياسي للحزب الناصري، حمادة فؤاد، لـ«الإمارات اليوم»، إن «موقف أسرة الزعيم من صورة الزعيم في الدراما، هو أمر يخصها، لكن في ما يتعلق بموقف الناصريين كمؤمنين بالخط العروبي لعبدالناصر، فنحن ضد التقديس وضد التناول الأسطوري ومع إظهاره كإنسان من لحم ودم، كما يطالب الأستاذ طارق الشناوي، وهو صاحب تجربة تاريخية له ما له وعليه ما عليه، لكن هذا الإظهار الإنساني لابد أن يتم في إطار وفي حدود، فبقدر ما كان عبدالناصر إنساناً ولطيفاً مع أطفاله ومحباً للفن، وله كل جوانب الإنسان المحببة، بقدر ما هو في الأصل ضابط وطني جاد، وصاحب قضية، ومقاتل في معارك محلية وعالمية شرسة، وبالتالي يجب إظهاره في كل هذا الإطار».
طارق الشناوي: «أروح لمين» أغنية سياسية تحمل رسالة خفية
قال الناقد، طارق الشناوي، إن عبد الناصر كان سمّيعاً لأم كلثوم، ويذهب إلى حفلاتها، وعُرف من خلال من عايشوا تلك السنوات، أن الوصلة الثالثة التي كانت تفاجئ بها «الست» جمهورها هي أغنية «أروح لمين»، لأنها المفضلة لدى الرئيس، منذ أن رددتها لأول مرة عام 54. واستطرد الشناوي «بالمناسبة الأغنية كتبها (البكباشي) عبدالمنعم السباعي، من رجال الصف الثاني في تنظيم الضباط الأحرار، وكما روى لصديقه الشاعر مأمون الشناوي، فقد كان يقصد توجيه رسالة غير مباشرة للرئيس بقوله (ما هو انت فرحي وانت جرحي وكله منك)، إذ تعرض لوشاية أبعدته في مطلع الثورة عن العمل في مكتب الرئيس».