دخلها عبدالناصر لمشاهدة أم كلثوم.. وأغمي فيها على عبدالحليم حافظ خلال «موعود»
حريق «سينما ريفولي».. القاهرة تودّع شاهداً عزيزاً على تاريخها
وصلت «سينما ريفولي»، أحد أهم معالم القاهرة الحديثة، إلى نقطة نهايتها، بعد اندلاع حريق هائل أتى عليها، أول من أمس، ليلتهم معها سلسلة من الذكريات والأحداث التي شهدتها السينما المصرية، واحتفظ بها القاهريون، في وقت كانت تنتظر فيه مشروع تطوير لتحويلها إلى «سينما لكل أطفال العرب»، من قبل الأمير السعودي الوليد بن طلال، بعد أن تم تسجيلها كأثر مميز منذ عام 2010.
وكان حريق هائل شب، فجر أول من أمس، في «سينما ريفولي»، التي تواجه دار القضاء العالي، وتتبع منطقة التوفيقية في وسط القاهرة، ليأتي على كامل محتويات صالة العرض بالطابق الأرضي، ولينتهي بتفحمها، وامتد إلى الدور الثاني، بحسب معاينة نيابة الأزبكية.
وبحسب شهود عيان التقتهم «الإمارات اليوم»، صباح الأربعاء الماضي، حاول الأهالي إخماد النار بأنفسهم في البداية، إلا أنهم فشلوا، ما دفعهم إلى طلب مساعدة «إدارة الحماية المدنية»، التي أخمدت الحريق، وأنقذت كامل حي التوفيقية من كارثة محدقة، باستخدام 20 عربة إطفاء.
وقال الفنان أحمد ماهر، الذي كان موجوداً داخل السينما، بحكم متابعته مشروع تطويرها، في تصريحات إعلامية، إن «السينما يعود تاريخها إلى عام 1800 تقريباً، وإن الحريق سيعيق السير في مشروع تطويرها، علاوة على التهامه الجزء الذي تم تطويره بالفعل».
وقال الباحث التاريخي صبري محمود، لـ«الإمارات اليوم»، إن «سينما ريفولي تحمل تاريخاً طويلاً، أهّلها لتصبح من أبرز المعالم القاهرية لأكثر من 200 عام، حيث كانت ملكاً لشركة رانك البريطانية، وتم تطويرها فعلياً على يد المعماري سيد عبدالكريم، ليتسع مسرحها لـ2500 مشاهد عام 1948».
وأضاف محمود أن السينما تعرّضت لنيران «حريق القاهرة» الشهير قبيل الثورة في يناير 1952، لكنه لم يقض عليها، وغنت فيها سيدة الغناء العربي أم كلثوم قصيدة «نهج البردة» في يونيو عام 1950، و«مصر التي في خاطري» في أكتوبر 1952.
وحضر فيها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عام 1955 وبصحبته المشير عبدالحكيم عامر، حفلة أم كلثوم التي غنت فيها «قصة حبي»، كما شهدت السينما الحفلة التي غنت فيها أم كلثوم لمصلحة منكوبي زلزال أغادير بالمغرب في 31 مارس 1960.
وغنى في السينما أيضاً الفنان الراحل فريد الأطرش، حفلات الربيع طوال الستينات، كما غنى فيها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، الذي أغمي عليه أثناء أدائه أغنية «موعود» في بدايات أزمته الصحية عام 1971.
وأضاف محمود أن السينما «شهدت واقعة استثنائية لم تفعلها أم كلثوم طوال حياتها، وهي عدم اكتفائها بكونها مغنية، حيث تحولت إلى خطيبة وطنية أشعلت مشاعر المواطنين المصريين في حفلة مصر التي في خاطري، فقد جاءت الحفلة بعد شهور من انطلاق ثورة يوليو 1952، وشعرت أم كلثوم التي انفعلت مع الثورة أن الأغنية ليست كافية للتعبير عن شعلة الحماسة التي تتأجج فيها، فألقت خطاباً تاريخياً قالت فيه: «في هذه اللحظة الخالدة في تاريخ بلادنا الحبيبة الغالية، اللحظة التي ظلت مصر تترقبها منذ أكثر من 70 عاماً، اللحظة التي نستنشق فيها عبير الحرية والكرامة، اللحظة التي نرفع فيها الرؤوس ونتطلع فيها إلى المستقبل الزاهر والنور المبين، نتوجه إلى الله العلي القدير شاكرين نعمته، حامدين منته، أن يجعل ليلتنا هذه فاتحة خير ويمن وعز، وبداية موفقة كريمة لشعب حر كريم، شعب وادي النيل، رددوا معي مصر التي في خاطري وفي فمي».
الجدير بالذكر أن «سينما ريفولي» فقدت بريقها منذ مطلع الثمانينات، حيث توقف عمل الحفلات الكبرى فيها، فاستأجرها الفنان الراحل فريد شوقي لعرض مسرحيته «شارع محمد علي» عليها، كما عرض عليها الفنان الراحل فؤاد المهندس مسرحية «علشان خاطر عيونك» مع الفنانة شريهان، ثم ساد الغموض مصيرها، حيث زحف الباعة الجائلون عليها، واستولي على أجزاء من مبناها، وسط أنباء إعلامية «مجهلة» تظهر من وقت لآخر عن اقتراب تجديدها وإعادة فتحها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news