يموج بالأشباح والخلافات والروايات الغريبة
البيت الأبيض.. صرح للحرية بناه العبيد وأحاطت به المؤامرات السياسية
البيت الأبيض هو أحد أكثر المباني المشهورة في العالم، فهو مسكن لرئيس الولايات المتحدة، ورمز الديمقراطية الأميركية، لكنه أيضاً مكان غريب حقاً، فهو مسرح للقصص الطريفة والمرعبة، وشاهد على بعض اللحظات الأكثر أهمية في تاريخ البشرية الحديث، وهو المكان الذي انطلق منه الرئيس إبراهام لينكولن ليحرر العبيد، والمكان الذي اتخذه الرئيس فرانكلين روزفلت لإطلاق القفشات والدردشات. بل إنه تجسيد حي للتاريخ الأميركي. فخلف أعمدته يكمن عالم مملوء بأسرار لم يستطع معظم المؤرخين الرئاسيين سبر غورها. لحظات مليئة بالأشباح والفضائح الجنسية والمؤامرات السياسية، فإذا كانت الجدران تتحدث فقد نرى واقعاً أغرب من الخيال. بدأ إنشاؤه عام 1792، حيث استوحى مهندس معماري يدعى جيمس هوبان تصميم البيت الأبيض من فيلا في دبلن، وأشرف على بنائه حتى عام 1800، لينتقل إليه الرئيس جون آدامز.
موطن الحرية بناه العبيد
في عام 2016، أثارت السيدة الأميركية الأولى السابقة، ميشال أوباما، بعض الجدل، عندما ذكرت أن البيت الأبيض بناه العبيد. وبينما ظل البعض منزعجاً من تصريحات ميشال، يبدو أن السيدة الأولى تعرف تاريخها الأميركي جيداً. ووفقاً لتحقيقات أجراها الكونغرس عام 2005، سخّرت السلطات الفيدرالية 400 من العبيد، من بين 600 عامل جُلبوا لبناء البيت الأبيض.
وفي الواقع، كان المخططون الفيدراليون يعتزمون توظيف عمال من أوروبا، لكنهم - ربما لأسباب مالية - لم يتمكنوا من الحصول على قوة عاملة كافية. لذا بدلاً من ذلك، قررت الحكومة استغلال العبيد لهذا الغرض. ودفعت الحكومة لمالكي العبيد 60 دولاراً سنوياً، مقابل كل عبد استأجرته للمشروع، وليس من المستغرب ألا يكون العبيد قد رأوا فلساً واحداً مما دفع لأسيادهم. ومن دون أن يكون لهم أي خيار في هذه المسألة، أُجبر هؤلاء الرجال على قطع الأشجار، واقتلاع الحجارة من المحاجر، وصناعة الطوب، وطلاء الجدران. وبنوا الجزء الخارجي من المبنى، وعندما تم الانتهاء من ذلك، عملوا في الداخل أيضاً.
ولم يقم العبيد ببناء البيت الأبيض فحسب، بل عملوا، أيضاً في مبنى الكابيتول، والمباني الحكومية الأخرى في العاصمة، وبينما لم يتم تعويضهم أبداً، لم ينمحِ هذا المشهد تماماً من ذاكرة التاريخ. واستطاع المؤرخون الحصول على بعض أسماء هؤلاء العبيد، مثل: بيتر، وبن، وهاري، ودانيال. لقد أمضى هؤلاء العبيد أيامهم في واشنطن العاصمة، فقاموا ببناء «الأرض الحرة»، و«موطن الشجعان»، كما يطلق عليه الأميركيون. وتقول ميشال أوباما «أستيقظ كل صباح في منزل بناه العبيد، تحول في ما بعد إلى منزل تسكنه ابنتهم».
البيت الأبيض موطن الأشباح أيضاً
ادعى رؤساء، بدءاً من وليام تافت إلى هاري ترومان، وانتهاء برونالد ريغان، أنهم شهدوا نوعاً من النشاط الخارق للطبيعة في البيت الأبيض، ويتمثل ذلك في سماع طَرْق خفيف على باب إحدى الغرف، وعند فتح الباب يتبين عدم وجود شخص هناك، أو همس في الظلام، يبدو كأنه ينادي الرئيس آندرو جاكسون، أو رؤية سيدة أولى سابقة تمر من خلال الجدار، كما لو أنها تريد أن تنشر غسيلها على النافذة.
لكن الأغرب من ذلك هو تلك اللحظات المخيفة المملوءة بالفزع، التي تشاركها كثيرون من سكان البيت الأبيض على مر السنين، وهي رؤياهم لرئيس الوزراء البريطاني السابق، وينستون تشرشل، وهو يتناول كعكة في البيت الأبيض، ولم يكن في الحقيقة بالبيت الأبيض في تلك اللحظات. وروى البعض أن تشرشل أثناء زيارة له للبيت الأبيض، خلال الحرب العالمية الثانية، كان يستحم في غرفة الرئيس الراحل إبراهام لينكولن، وخرج من الحمام عارياً كما ولدته أمه، ليرى شبح لينكولن يقف بجانب المدفأة، نعم، إنه لينكولن، الذي رحل من الدنيا قبل 70 عاماً، أو نحو ذلك من زيارة تشرشل للبيت الأبيض. وجرى اتصال بصري بين الإثنين، وقال له تشرشل، الذي لم تفارقه أبداً رباطة جأشه: «مساء الخير سيدي الرئيس، يبدو أنك جعلتني في وضع محرج». ويبدو أن الشبح ابتسم وتلاشى في الأثير بالحال. ولم ينم تشرشل مرة أخرى في تلك الغرفة.
البيت الأبيض كاد أن ينهار
كثيراً ما يطلب معظم الرؤساء، عبر تاريخ رئاستهم، إضافة ميزات جديدة إلى البيت الأبيض، مثل غرف أو جدران جديدة، وكانت هذه الأعمال الإنشائية تتم بسرعة فائقة ودون أي تفكير في التصميم العام للمبنى. ونتيجة لذلك، بدأ البيت الأبيض يتشقق ويهتز. وفي عام 1945، وقع حادث مريع، عندما كان الرئيس هاري ترومان يأخذ حماماً، وسقطت الثريا في الغرفة أدناه، التي كانت تجلس فيها زوجته مارغريت وصديقاتها، وكادت أن تسحقهن جميعاً، ما جعل ترومان يتساءل ما إذا كان ذلك سيحدث له أيضاً في غرفته. وفي وقت لاحق ابتلعت أرضية الغرفة إحدى أرجل بيانو مارغريت، وقال الرئيس إن البيت الأبيض «بدا يتحرك جيئة وذهاباً، مثل السفينة في البحر». وفي النهاية، فحص فريق من المفتشين المكان، ووجدوا أن الدعامة التي يستند إليها المبنى تنوء تحت حمل ثقيل. وحذر المهندسون الرئيس من أن القصر على وشك الانهيار. واضطر ترومان للنوم في غرفة نوم لينكولن، لأن غرفته كانت تشكل خطورة شديدة على حياته. وكرد فعل، اقترح بعض المسؤولين إزالة البيت الأبيض، وبناء مبنى جديد في مكان آخر. لكن ترومان، الذي كان يقدس التقاليد، رفض الفكرة، وبدلاً من ذلك أمر المهندسين ببناء البيت الأبيض بأكمله من جديد من الداخل فقط. وعلى مدى السنوات الثلاث التالية، عاش ترومان بعيداً عن البيت الأبيض. وخلافاً للجدران الخارجية يرجع تاريخ البيت الأبيض إلى أوائل الخمسينات.
توقيع الرئيس
يُعرف البيت الأبيض بأنه «بيت الشعب»، وفي بعض الأحيان يفسر بعض أفراد الشعب هذه العبارة بشكل حرفي، ويحاولون الدخول إلى المبنى بشتى الطرق، بدءاً من استخدام طائرة هليكوبتر مروحية تهبط في الحديقة الأمامية، إلى رجل يرتدي زي «النينجا» يقفز فوق السور، إلى إقدام النجم، جيك باول على قضاء ليلة في حمام خاص بالبيت الأبيض. هناك أمر يغري الكثيرين لإيجاد طرق للتسلل للمسكن الخاص بالرئيس الأميركي.
وتروي السجلات قصة طريفة رواها جيمي، ابن الرئيس فرانكلين روزفلت. إذ يقول كانت العائلة الرئاسية قد أنهت للتوّ عرضاً لفيلم في غرفة العرض السينمائي الخاصة، وعندما تمت إضاءة الأضواء من جديد رأوا، لدهشتهم، أن شخصاً غريباً يرتدي ملابس أنيقة يقف إلى جوار الرئيس. وبدلاً من مهاجمة الرئيس كما كان متوقعاً، طلب هذا الشخص توقيع الرئيس، وحصل الرجل على مبتغاه، قبل أن تصطحبه للخارج ثلة من عناصر الخدمة السرية، الذين أحسوا بالحرج للغاية. ويبدو أنه تسلل إلى المبنى لمجرد نزوة انتابته، وصادف أن وجد بطريقة ما طريقه إلى دهاليز البيت الأبيض، ولم يكتفِ بذلك، بل حظي بالاستمتاع بالفيلم.
رئيس مشاكس
الرئيس تيدي روزفلت كان يتمتع بالقوة والصلابة، إذ حدث أن أطلق عليه أحدهم النار أثناء إلقائه خطاباً، لكنه قال إن الأمر يحتاج إلى أكثر من رصاصة لقتله، وواصل حديثه لمدة 90 دقيقة أخرى. لذا من غير المفاجئ أن يعرف كيف يتعامل في حالة القتال، وذلك بفضل إرادته في التغلب على مرض لازمه خلال فترة طفولته، وبفضل حزامه البني في فن الجودو. هذا صحيح، تيدي كان أول رئيس يتقن فن القتال. ولأن هذا الرئيس المشاكس لا يستطيع الخروج إلى الشارع والقتال مع من يتحداه، فقد فعل ما كان عليه أن يفعله، وهو إنشاء نادٍ للقتال في قبو البيت الأبيض.
فقد وجد في القبو مساحة غير مستخدمة، فزودها بمعدات التدريب، ودعا إليها أي شخص مستعد وقادر على التحدي. وعندما يقول أي شخص، فإنه يعني ذلك. ومن المعروف أنه ألقى فيها أرضاً زوجته وأختها، وألقى ذات مرة وزيراً سويسرياً على الأرض. تيدي كان رجلاً يستطيع التغلب على جميع منازليه، حتى بطل الملاكمة في ذلك الوقت، جون إل سوليفان، مؤكداً أن أول قاعدة في هذا النادي هي السماح للرئيس بالفوز.
- رؤساء، بدءاً من
وليام تافت إلى هاري
ترومان، وانتهاء برونالد
ريغان، ادعوا أنهم
شهدوا نوعاً من
النشاط الخارق
للطبيعة في البيت الأبيض.
معظم الرؤساء
طلبوا إضافة
ميزات جديدة إلى
البيت الأبيض، مثل
غرف أو جدران
جديدة، وكانت هذه
الأعمال الإنشائية
تتم بسرعة فائقة،
ودون أي تفكير
في التصميم
العام للمبنى.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news