تحدّد مهر الزواج بـ 60 قرشاً مصرياً وكسوة العروس 7 قطع ملابس فقط
قرية صعيدية تقيم «مأدبة ملوخيــة كبرى» في احتفالات المولد النبوي
تشهد قرى ونجوع مصر تنويعات واسعة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كإقامة ليالي المداحين والمنشدين و«الدورة» في الشوارع، لكن «نجع العقاربة» بالطود قرب مدينة الأقصر، يحتفظ بعادة محببة إلى أهاليه تلازمه منذ عشرات السنين، وهي عمل «مأدبة ملوخية كبرى» في ساحة القرية المركزية التابعة لمسجده، وافتراش الأهالي، كباراً وصغاراً، الساحة وجلوسهم على الأرض، لتوزع الملوخية ومعها قطع اللحم على الجميع، ليعود بعدها كلٌّ بوجبته ليقيم احتفاله الخاص بمنزله.
وقال الناشط الاجتماعي والإعلامي ناشر صحيفة «السلامية اليوم»، عبدالصبور سلطان، لـ«الإمارات اليوم»، إن «هذه العادة توارثها نجع العقاربة منذ عشرات السنين، وخرج الأحفاد ليتسلّموها من الأجداد، وفي الليلة الأخيرة للمولد النبوي الشريف تجد مشهداً مبهراً، حيث يخرج الأطفال والرجال والنساء، شباباً وشيبة على حد سواء، وعلى ملامحهم البهجة، يحملون الأكواب والآنية وطناجر الطبخ الصغيرة، ويتوجهون بها الى ساحة النجع الرئيسة، حيث يجلسون على الأرض، ويكون في انتظارهم قدور الملوخية الناشفة، ليتم توزيعها عليهم ومعها قطع اللحم، ليعودوا بها الى منازلهم».
وأضاف سلطان أن «وليمة الملوخية الكبرى يتم تجهيزها على يد شباب القرية، ومعهم محترفون في الطبخ، بعد أن يذبحوا عجلاً كبيراً وربما أكثر، ويطبخون مع الملوخية، الوجبة الرئيسة، كميات أرز وكمونية، لكن تظل الملوخية لها وضع خاص، حيث تطبخ في ما لا يقل عن 10 إلى 12 قدراً ضخماً، لتكفي الكميات لكل فرد في القرية أو حتى الضيوف».
وكشف سلطان أن «أصل القصة بدأ من مصادفة امتلاك أحد الأجداد المؤسسين للقرية لبقرة كانت على وشك الولادة قبل المولد النبوي في إحدى السنوات البعيدة، فنذر الرجل لله أن يخصص كل عجل تلده البقرة طيلة حياتها لإطعام الناس، وعمل وليمة به يوم المولد النبوي، فتصادف أن هذه البقرة ظلت تلد عجولاً من الذكور ولم تلد إناثاً قط، فاستمر الرجل يذبح كل عجل في كل عام، واعتبر أهالي القرية بدورهم أن هذا العجل يخصهم جميعاً، فتركوه طليقاً في مزارعهم وبيوتهم وأحواشهم، واعتبروا أن مهمة إطعامه ورعايته تخصهم جميعاً، لدرجة انهم كانوا يبحثون عنه بصعوبة في مزارعهم وأحواشهم حين يحل ميعاد ذبحه، وقد ترافق مع هذا المسلك، طبخ الملوخية، ربما لأنها الأكثر توافراً، أو لأنها الأسهل في طبخها».
عادة محمودة
وأشار سلطان الى أن «الرأي العام وعلماء الدين ورجالات القرية الحكماء اعتبروا أن هذه العادة محمودة، فهي تجمع أهالي القرية في ساحة المسجد، وتجمعهم على الخير، وتحيي الأجواء الجماعية والتضامنية للقرية، ولا يتم معها ممارسة أو ترويج أي شعوذات مرفوضة، وتنشر الحب بين أهالي النجع، وبالتالي استمرت العادة واحتضنها الناس ولم تجد أي اعتراضات».
واستطرد سلطان أن «نجع العقاربة يمتاز حتى اليوم بالترابط الشديد، والتمسك بالإيجابي من الموروث، وله عاداته الخاصة جداً، أبرزها أن المهر الذي يقدم الى العروس لايزال محدداً حتى اليوم بـ60 قرشاً مصرياً، وأن العروس لا يقدم لها إلا سبع قطع ملابس توضع في طشت، ويلتزم بذلك الغني والفقير، وتوضع في طشت ثانٍ ملابس يهديها لها الأقارب والأحبة، وقد بلغ الالتزام بحرفية هذا الطقس أن الأهالي وجدوا في الطشت ثماني قطع بدلاً من سبع، فطلبوا من إحدى الحاضرات اختيار أجمل قطعة في الملابس وتم إحراقها بالغاز أمام الجميع، حتى لا يتكرر الأمر فيفتح الباب أمام المزايدات، وتنتهي عادة هم اعتبروها مكسباً عظيماً لتسهيل الزواج على الشباب».
من جهته، قال الصحافي بجريدة الدستور، إيهاب مصطفى، إن «نجع العقاربة معروف دائماً بالوقائع الطريفة لكنها طيبة، ومن ذلك حضور الفنان حسين فهمي لعرس فتاة بسيطة ويتيمة توفي والدها قبل عرسها بفترة، بعد أن جاء حسين فهمي، حسب رواية الصحافي أحمد عطالله، لتصوير حلقة عن عادات الزواج بالقرية التي تتحدى الطبقية وغلاء المهور، وتعزز التكافل، ضمن حلقات برنامجه الشهير (مع احترامي وتقديري)، وقد قدّر لهذه الفتاة أن تشهد مصر كلها عرسها، وأن يكون حسين فهمي أحد ضيوفه».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news