رئيس وزراء كندا لا يعيش في السكن الرسمي لرئيس الحكومة
في المقر الرسمي لرئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، تراقب الكاميرات الأمنية السياج الخارجي بصمت مطبق، وتتمعن في الزوار وهم يمرون عبر البوابات التي تمنع مرور الشاحنات المفخخة، وينتشر في المكان ضباط شرطة الحرس الملكي الكندي بالزي الرسمي ليلاً ونهاراً. لكن الشيء الوحيد الذي لا يتوقعه أحد هو عدم وجود ترودو داخل المبنى.
عندما أصبح ترودو رئيساً للوزراء، قبل ثلاث سنوات، حصل على تصريح بنقل عائلته إلى مقر الإقامة الرسمي في 24 شارع ساسكس، الذي بناه عام 1868 بارون أميركي المولد يعمل في تجارة الأخشاب، لكنه لم ينتقل الى هناك بسبب قدم المبنى جراء الإهمال وحاجته الى صيانة مكلفة، ولم يجرؤ أي من رؤساء الوزراء السابقين السكن في هذا المبنى، كما انهم ليسوا على استعداد لإنفاق عشرات الملايين من الدولارات التي قد يحتاجها البيت الحجري، ليصبح قابلاً للسكن مرة أخرى. وسيبدو الأمر كما لو أنهم ينفقون المال على أنفسهم، وهي خطوة غير حميدة سياسياً في كندا.
لم يكن ترودو (46 عاماً)، الذي عاش في 24 شارع ساسكس عندما كان والده رئيساً للوزراء، استثناءً. وقال ترودو أمام هيئة الإذاعة الكندية في وقت سابق من هذا العام: «لا يريد أي رئيس وزراء أن ينفق فلساً واحداً من أموال دافعي الضرائب على صيانة ذلك المنزل». ولم يتعرض ترودو للكثير من الانتقاد لقراره العيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة في ريدو كوتاج، وهو منزل من الطوب الأحمر متواضع نسبياً مكون من طابقين، يقع خلف ريدو هول، منزل الحاكم العام في كندا. وذلك لأن الحالة المتدهورة للمنزل الرسمي ليست سراً للكنديين. وهذه التقارير تجعل الوضع قاتماً لأي شخص، إلا لمقاول يأمل في الحصول على عقد لتجديد المبنى.
لا يمكن العلاج
ويؤكد أحد التقارير الصادرة عن لجنة العاصمة الوطنية، وهي الجهة التي تدير المساكن الرسمية، أن نظام بنية عقار 24 شارع ساسكس وصلت الى نقطة لا يمكن معالجتها، وتقدّر اللجنة أن حالة المسكن حرجة للغاية. وقال التقرير إن المبنى الذي سكن فيه والد ترودو من قبل أصبح «متعفّناً»، وتسهّل وحدات تكييف الهواء غير الفعالة تسلل المتطفلين داخل المبنى. وأصبحت توصيلاته الكهربائية، وفقاً للتقرير، قابلة لإشعال الحرائق، والمرجل عفا عليه الزمن؛ والحجارة الخارجية تتآكل وتنهار؛ وأنظمة السباكة متآكلة هي ايضاً.
علاوة على كل ذلك، فإن البيت غير مناسب للمناسبات الرسمية. ومن بين أوجه القصور العديدة التي يعانيها المنزل، أن «غرفة الطعام، في الوقت نفسه، كبيرة للغاية بالنسبة لعائلة صغيرة جداً، وصغيرة جداً للمناسبات الرسمية»، حسبما ذكر التقرير.
كلفة الإصلاح
تقديرات الكلفة الحالية لمعالجة كل شيء (باستثناء التحسينات الأمنية)، تبلغ 38 مليون دولار كندي، أو 28.7 مليون دولار أميركي، وهو مبلغ كبير بالمعايير الكندية لمنزل أسرة واحدة.
لم يكن لرؤساء وزراء كندا السابقين أي مكان رسمي يعيشون فيه، فقد عاش أول رئيس وزراء كندي، وهو السير جون.أ.ماكدونالد، على بعد بضعة أمتار من 24 شارع ساسكس، في منزل يعيش فيه الآن الممثل الدبلوماسي البريطاني في كندا. وعاش رئيس الوزراء المحافظ، ر.ب.بينيت، الذي ترأس حكومة البلاد أثناء ذروة الكساد الكبير، في جناح مساحته 5000 قدم مربعة في فندق شاتو لوريير المجاور للبرلمان. وصادرت الحكومة الفيدرالية منزل 24 شارع ساسكس في عام 1943، عندما كان آخر سكن خاص في شارع تشغله السفارات والمباني الحكومية والحدائق العامة. بعد سنوات من الجدل القانوني، انتقل لويس سانت لوران، وهو ليبرالي، على مضض إلى 24 شارع ساسكس في عام 1951 شريطة أن يدفع الإيجار. وعلى الرغم من الشروط والقيود المفروضة على المنزل، عقد فيه رؤساء الوزراء بانتظام اجتماعات مهمة وأقاموا حفلات في كثير من الأحيان في حديقته الواسعة.
- المبنى «متعفّن»، وتسهّل وحدات تكييف الهواء
غير الفعالة تسلّل المتطفلين داخل المبنى. وأصبحت
توصيلاته الكهربائية قابلة لإشعال الحرائق.