«دبلوماسية الحيوانات» وسيلة لحل الخلاف.. وإقامة التحالفات.. وتخويف الخصوم
عندما عاد الرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي-إن، من زيارته لبيونغ يانغ في أكتوبر الماضي، حمل معه كلبين صغيرين - جومي وسونغ غانغ- هدية من الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون. وكما تبين في ما بعد، أن الكلبة جومي كانت حاملاً عندما سافرت للشطر الجنوبي، وعقب نهاية الأسبوع نشر مكتب مون صوراً للجراء الصغيرة. وتزاوجت الجراء بعد أن كبرت لتقوّي أكثر الروابط الدبلوماسية بين البلدين.
تم استخدام الحيوانات على مر التاريخ للفوز على الأعداء، ولإقامة التحالفات، وأحياناً لتخويف الخصوم. في أواخر العشرينات من القرن التاسع عشر، على سبيل المثال، أرسل الحاكم المصري محمد علي باشا ثلاث زرافات إلى بلاط ملوك أوروبيين كمناورة دبلوماسية. وفي حقبة ما بعد الحرب، عملت الحيوانات في الغالب كدعامات دبلوماسية، وكإشارات لإبداء حسن النية.
البداية مع الصين
الفترة الحديثة لدبلوماسية الحيوانات بدأتها الصين، التي أرسلت دببة الباندا إلى أصدقائها ومنافسيها في الخارج في محاولة لتحسين العلاقات، وإضفاء مزيد من القوة الناعمة. وأرسلت الصين لأول مرة دب باندا إلى الاتحاد السوفييتي في الخمسينات. وبعد زيارة الرئيس الأميركي السابق، ريتشارد نيكسون، إلى بكين في عام 1972، لبدء علاقات دبلوماسية معها، اهدى الصينيون الاميركيين اثنين من الدببة.
وأقام الدبان لينغ لينغ وهيسنغ هيسنغ، بمنزلهما الجديد في حديقة حيوان سميثسونيان الوطنية في واشنطن، حيث عاشا لعقود من الزمن. لم ينجبا أي ذرية، لكنهما أصبحا نقطة جذب لزوار حديقة الحيوانات، التي لاتزال موطناً لباندا أرسلتها الصين إلى الولايات المتحدة، حيث يعيش الباندا في حديقة حيوان واشنطن.
اتخذت الصين إرسال الباندا إلى الخارج في الماضي كبادرة حسن نية، فعادة ما تكافئ حلفاءها بباندا أو شيء من هذا القبيل، لكنها في ما بعد تتخذ هذه الحيوانات كأداة للدبلوماسية القسرية. بالمناسبة، قدم نيكسون هدية بالمقابل للرئيس ماو تسي تونغ عبارة عن ثيران مسك.
في عام 2007، سافرت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، إلى سوتشي لعقد اجتماعات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. ما لم تكن تتوقعه ميركل هو أن كلبة بوتين، واسمها كونني، ستكون ضمن حضور الاجتماع أيضاً. ومما يجدر ذكره هنا أن ميركل تخاف من الكلاب، وتظهر صور الحدث أنها تراقب الكلبة بعصبية، وهو ما بدا وكأن الرئيس الروسي يلاحظه. وقال لها: «إنها كلبة ودودة، وأنا متأكد من أنها لن تزعجك». واعتذر بوتين في ما بعد قائلاً إنه لم يكن يدري أن ميركل تخاف من الكلاب، وهو ما يعتبره الكثير من المراقبين في دبلوماسية الحيوانات أمراً مشكوكاً فيه إلى حد ما، ونظراً لخلفيته في الاستخبارات السوفيتية فإنه من المرجح أن يكون على علم جيد بمخاوف ميركل.
بوتين والجرو
على الرغم من سلوكه الجاف فإن حب بوتين للحيوانات معروف تماماً، ففي عام 2017، كانت تركمانستان حريصة على استئناف صادرات الغاز الطبيعي إلى روسيا، والتقى الرئيس التركمانستاني، قربان قولي بيردي محمدوف، مع بوتين في سوتشي، حيث قدم للزعيم الروسي جرو رعاة من آسيا الوسطى. ولايزال التأثير الدبلوماسي الدقيق للكلب غير معروف، لكن روسيا تخطط لاستئناف واردات الغاز الطبيعي من تركمانستان العام المقبل. قد لا يكون رئيس الوزراء الأسترالي السابق، توني أبوت، قد أمضى وقتاً طويلاً في منصبه كرئيس وزراء، ولكن خلال فترته المثيرة للجدل في منصبه، التي دامت عامين، أثبت أنه خبير في مجال دبلوماسية الحيوانات، ففي نوفمبر 2014، استضافت أستراليا قمة مجموعة العشرين في ذلك العام، واستطاع أبوت أن يضفي جواً مثيراً على اليوم الأول من اجتماع القمة الذي خيمت على أجوائه الازمة بين روسيا وأوكرانيا، حيث ظهر في صورة مع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، وهما يحملان دبَّين (كوالا).
يقول المشرف على حديقة حيوان سينسيناتي، جوني أرنيت، لإحدى الصحف عام 1990 مشيراً الى سحلية يبلغ طولها سبعة أمتار، ويبلغ وزنها 120 رطلاً: «هذه أضخم سحلية في العالم». السحلية كانت واحدة من اثنتين تم التبرع بهما إلى حديقة الحيوان بعد أن تلقاهما الرئيس السابق، جورج دبليو بوش، هدية من قبل الرئيس الإندونيسي، سوهارتو.
- الفترة الحديثة لـ«دبلوماسية الحيوانات» بدأتها
الصين، التي أرسلت دببة الباندا إلى أصدقائها
ومنافسيها في الخارج في محاولة لتحسين
العلاقات، وإضفاء مزيد من القوة الناعمة.