مشيخة الأزهر تعلي مبدأ «الرحمة والحرص» في قضية «طالب الحضن»
أثارت قضية حمل طالب بكلية الحقوق في جامعة المنصورة، زميلته القادمة من جامعة الأزهر، والدوران بها في الهواء، في احتفال بعيد ميلادها داخل الحرم، ضجة إعلامية وتعليمية ومجتمعية في مصر، انتهت بجامعة المنصورة إلى عقد مجلس تأديب عاجل، فصل الطالب، وبجامعة الأزهر التي تنتمي إليها الطالبة، إلى عقد مجلس تأديب موازٍ قرر فصل الطالبة نهائياً.
وفي حين تشدّدت المؤسسية الأزهرية والتعليمية في مطلع الأزمة، بالتمسك بحق الجامعة في العقاب، واعتبار حماية قيم المجتمع والجامعة أولوية، إلا أنها استجابت بعد متابعة، لدعوات مجتمعية، ظهرت بشكل واسع في الإعلام ووسائل التواصل، اعتبرت عقوبات الفصل النهائي مبالغاً فيها، وحكم بالإعدام المعنوي على الطالب والطالبة، ما حدا بالأزهر والتعليم العالي، إلى إعادة مخاطبة مجالس التأديب في الجامعتين، الأزهر والمنصورة، ودعوتهما إلى التخفيف والمراجعة.
وكان طالب من جامعة المنصورة (نحجب اسمه)، بالفرقة الأولى بكلية الحقوق، ظهر في فيديو يحمل باقة ورد، وينتظر قدوم فتاة ومعه حشد من زملائه، للاحتفال بعيد ميلادها في حرم الجامعة، وبمجرد ظهور الفتاة، وهي مغمضة العينين، ركع الولد على ركبتيه، وتقدم إليها بباقة الورد، ثم احتضنها ورفعها ودار بها في الهواء مرات عدة.
وفتحت جامعة المنصورة تحقيقاً بشأن الواقعة، بعد ساعات من علمها بها، وانتشار الفيديو على وسائل التواصل، وقررت إحالة الطالب للتأديب، وحين اتضح لها أن الطالبة منتظمة في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر، أرسلت إلى شيخ الأزهر مذكرة بالواقعة. وفي 12 يناير الجاري أصدرت جامعة الأزهر قراراً بفصل الطالبة نهائياً، كما أصدرت جامعة المنصورة قراراً بفصل الطالب لمدة عامين.
وتواصلت ردود الأفعال في الصحافة ووسائل التواصل، ووصف بعضها أن «الحضن» غير مقصود، و«تم من دون وعي» بدليل حدوثه وسط الطلاب في جو احتفالي، وفي لحظة انفعال غير منضبطة، ورفض البعض الآخر وهو الاتجاه الأوسع والغالب، أي تساهل تجاه الواقعة، لما يمكنها أن تكون بداية لضرب الالتزام الديني والخلقي داخل الحرم الجامعي، وقبول سلوكيات خارجة متواصلة في المستقبل، بينما ظهر اتجاه ثالث يقر بخطورة «التصرف اللاأخلاقي» وخطورة تمريره والسكوت عنه، لكنه يطالب في الوقت نفسه بنوع من التخفيف والرحمة للطالب والطالبة.
وفتحت الفضائيات المصرية الواقعة للنقاش العام، وقال عميد كلية الحقوق شريف خاطر لفضائية «دي مي سي»، إن «تصرف الطالب والطالبة مخالف للنظام العام والآداب العامة، سواء وقع داخل الحرم الجامعي أم خارجه، وإن الجامعة ستنقلب إلى فوضى إذا لم يتم ردع هذا السلوك بأقسى العقوبات».
من جهته، قال الطالب المفصول في تصريحات إعلامية عقب الواقعة، إنه «أخطأ ويعلن اعتذاره لرئيس الجامعة وللرأي العام»، وأعلن الطالب في حوار مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج «الحكاية» عن «اعتزامه خطبة الفتاة والزواج منها»، مؤكداً أنه «كانت هناك نية لإشهار الخطبة والتوجه لأسرتها»، وإنه «حاول ذلك مجدداً بعد الواقعة، لكن أسرتها ضيقت عليها الخناق، ومنعته من التواصل»، وناشد الطالب الإمام الأكبر «التدخل والنظر بعين الرأفة»، خصوصاً أن القرار ضد زميلة الطالب «كان قاسياً»، بحسب تعبيره.
بدورها تابعت «مشيخة الأزهر» الواقعة، وردود الأفعال المتباينة بشأنها، ثم دعا الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، مجلس التأديب الأعلى بالجامعة لإعادة النظر في قراراته، وأن يضع في اعتباره «حداثة سن الطالبة، والحرص على مستقبلها، وأن يقوم بواجب النصح والإرشاد قبل اللجوء إلى فرض عقوبات»، فاستجاب مجلس التأديب لمبادرة الطيب، وخفف العقوبة ليجعلها حرمان امتحانات الفصل الجاري، ووازى ذلك مناشدة وزير التعليم العالي المصري لمجلس التأديب بجامعة المنصورة، والذي بدوره اتخذ الإجراء المخفف ذاته.
ولاقت مبادرة شيخ الأزهر نوعاً من الارتياح عند قطاعات ليست بالقليلة في الشارع وفي أوساط تعليمية وإعلامية، لجهة مدخلها الإنساني. وقال الداعية خالد الجندي، لقناة «إم بي سي»، «المجتمع كله ناشد الأزهر، حرصاً على الفتاة، رغم خطأها حرصاً على مستقبلها، هي تعلمت الدرس، كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون، أحمد الله الأزهر الشريف دوماً عند حسن ظننا وعهدنا به».
- مبادرة شيخ الأزهر لاقت نوعاً من الارتياح عند
قطاعات ليست بالقليلة في الشارع وفي أوساط
تعليمية وإعلامية، لجهة مدخلها الإنساني.
- البعض يرى أن تصرّف الطالب والطالبة مخالف
للنظام العام والآداب العامة، سواء وقع داخل
الحرم الجامعي أم خارجه.