ارتبطت به في سن الـ 19 وواظبت على زيـارته أملاً في الالتقاء به ثانية خارج السجن
صمود البرغوثي.. فلسطينيــة حرمتها إسرائيل خطيبها 11 عاماً
«اصمدي كي تبقي قوية في عيون نفسك»، هذه العبارة رافقت الفلسطينية صمود البرغوثي على مدار 11 عاماً، فبها صمدت أمام وجع سكن قلبها ليالي وأياماً طويلة، وفيها كانت تصبّر نفسها على فراق خطيبها الأسير محمد البرغوثي، خلف القضبان الإسرائيلية، لتنتهي رحلة المرارة التي تجرعتها بالإفراج عنه، والالتقاء به منذ أن حرمته بعد التقدم لخطبتها.
صمود البالغة من العمر 30 عاماً من سكان بلدة بيت ريما غرب مدينة رام الله في الضفة الغربية، كان لها من اسمها نصيب، فقبل 11 عاماً اعتقلت القوات الإسرائيلية خطيبها محمد البرغوثي، بعد التقدم لخطبتها، لكنها لم ترضخ أمام ذلك، وسجلت رقماً قياسياً في الوفاء والصمود، فانتظرته طوال السنوات الماضية، متنقلة بين السجون لتزوره، وتنعم بمشاهدة وجهه المأسور ولو لحظات قليلة.
مرت تلك الأوقات العصيبة على صمود وكأنها دهر طويل، ليزورها الفرح مرة ثانية بعد انقطاع استمر منذ عام 2008، ففي مشهد امتزجت فيه الفرحة مع ملامح الحرية، وقفت صمود على حاجز المسكوبية العسكري، مرتدية الثوب الفلاحي ذي اللون الأسود والمطرز بالتراث الفلسطيني، متشحة بالكوفية الفلسطينية، لتقطع تذكرة لأول مرة مع الفرح بعد سنوات طوال من الوجع.
وبعد ساعات من الانتظار، طل محمد البالغ من العمر 35 عاماً، كأنه القمر الذي غاب عن سماء صمود طويلاً، فهرعت مسرعة لاحتضانه، في مشهد تتحرك له المشاعر، وتفيض العيون دمعاً دون توقف.
اصطحبت صمود محمد بعد أن ألبسته الكوفية الفلسطينية، وعادا إلى قريتهما بيت ريما، وقد زفهما الأشقاء والأقارب، معلنين فرحتهما التي توقفت حتى إشعار الإفراج، بأمر من إدارة السجون الإسرائيلية.
تقول صمود البرغوثي لـ«الإمارات اليوم» وملامح السعادة تغمر وجهها «إن غياب محمد داخل السجون الإسرائيلية، كان الوجع الذي لم أتوقع أن يسكن قلبي يوماً ما، ولكنه أمر نفذ في حياتي، وفي المقابل لم أجعله ليسري في جسدي، فتحملت وصمدت في وجه كل الظروف، داومت على زيارته، ورغم أنني كنت أخبئ الألم في قلبي كلما أشاهده من خلف القضبان، إلا أنني كنت أبتسم في وجهه، لأمده بالقوة، ليصبر على سنوات الأسر، ويرجع لي، لنعيش حياة الفرح من جديد».
وتضيف «الحمد لله الذي أكرمني بالإفراج عن خطيبي محمد، لترجع الفرحة إلى قلبي، وتسري الدماء في عروق حياتي، بعد أن توقفت طوال السنوات الماضية، فاليوم سأنعم بمشاهدته كل ثانية، وساعة دون حواجز عسكرية أنتظر عليها ساعات طوال ليسمح لي بالدخول، وسأعانقه من دون قضبان وزجاج، وسأتحدث معه دون كلل وملل، بعيداً عن صوت الجندي الإسرائيلي الذي كان يقول دائماً انتهت الزيارة».
وأفرجت إسرائيل عن محمد البرغوثي الأربعاء 20 فبراير من العام الجاري، بعد أن أمضى 11 عاماً داخل السجون من مدة محكوميته البالغة 16 عاماً، قضاها متنقلاً بين السجون الإسرائيلية، متعرضاً لأقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
وتقول صمود بابتسامة رقيقة «قبل يوم من الإفراج عن محمد، لم أنم دقيقة واحدة، كنت أشعر بفرحة كبيرة جداً، وفي الوقت ذاته لم أصدق أن انتظاري الطويل لسنوات عدة سيكلل باللقاء، والاجتماع وسط الأهل والأقارب».
وتتابع البرغوثي «إن خبر الإفراج عن محمد، ومشاهدته بعد خروجه من السجن كان أغرب وأجمل شعور أعيشه في وقت واحد، ففرحة الحرية لا يعادلها ثمن، فقد مررت بتجربة صعبة للغاية بفعل غياب شريك حياتي داخل السجن، ولكنها كانت جميلة لأبعد الحدود عندما رجع لي محمد ثانية، لنكمل مشوار حياتنا معاً».
وتشير صمود إلى أنها ارتبطت بخطيبها محمد وهي في سن الـ19، وذلك عندما شاهدها أول مرة عند زيارتها شقيقها في سجن نفحة الإسرائيلي، فقد أعجب بها، وأخبر والدته بنيته الارتباط بها.
من جانبه، يقول الأسير المحرر محمد البرغوثي، وقد طغت ملامح السعادة على وجهه «إن السنوات التي قضيتها داخل السجون كانت مريرة للغاية، فقد كنت أتأمل العودة إلى خطيبتي صمود، وأحتفل بخطوبتي وزواجي منها، فصمود انتظرتني 11 عاماً، وتحملت كل أشكال المعاناة، وبفضل الله الحلم تحقق وعدت إليها، لنكمل مشوار حياتنا من دون سجون وحواجز تفرقنا».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news