عُرفت بمواقفها المناهضة لإسرائيل
إلهان عمر من مهاجرة صوماليــة إلى مشرّعة فـي الكونغرس الأميــركي
في الثالث من يناير الماضي، أدت عضو الكونغرس الجديدة، إلهان عمر، اليمين الدستورية ضمن الأعضاء الجدد في الكونغرس الأميركي الـ116. وتعتبر إلهان، التي تمثل الدائرة الخامسة للكونغرس في ولاية مينيسوتا، أول أميركية من أصول صومالية يتم انتخابها للكونغرس، وهي واحدة من امرأتين مسلمتين انضمتا إلى الكونغرس في عام 2019، والأخرى هي رشيدة طليب التي تمثل دائرة ميشيغان الـ13 في الكونغرس.
وعرفت إلهان بمواقفها السياسية المناهضة لإسرائيل والمؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، واتهمها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وسياسيون آخرون بمعاداة السامية، ولاتزال المعركة مستعرة بينها وبين خصومها.. فَمَن إلهان عمر؟
ولدت إلهان، وهي الأصغر ضمن سبعة إخوة، في العاصمة الصومالية مقديشو، عام 1981. توفيت والدتها عندما كانت في الثانية من عمرها، وتعهدها بالرعاية والدها وجدها، وفرّت أسرتها من البلاد أثناء الحرب الأهلية الصومالية، وأمضت أربع سنوات بمخيم للاجئين في كينيا، قبل أن تنتقل الأسرة إلى الولايات المتحدة عام 1995.
تتذكر إلهان تلك الأيام قائلة: «الحياة في الصومال قبل الحرب الأهلية كانت جميلة، وعندما وقعت الحرب، كنت في الثامنة من عمري، وفي تلك المرحلة كنت أفهم العالم بطريقة مختلفة. لقد هربنا إلى كينيا وانتهى بنا المطاف في مخيم للاجئين لمدة أربع سنوات، ووصلنا إلى الولايات المتحدة عندما كان عمري 12 سنة، واستطردت قائلة: «كان عليّ أن أفهم ما الذي يعنيه أن أكون بانية جسور، وما تعنيه إقامة علاقات لم تكن موجودة أبداً، وأصبحت الخلفية الأساسية للمكان الذي انتهى بي المطاف فيه».
وتقول إن عائلتها تلقبها بـ«الطفلة كثيرة السؤال»، لأنها كانت دائماً ما تتساءل عن سبب حدوث شيء ما، ولماذا يجب عليها عمل شيء ما، ولماذا.. ولماذا.
وتمضي قائلة «ومازلت على هذا النحو، أطرح على نفسي أسئلة باستمرار، وأستجوب من حولي، وأتساءل عن المبرر والمنطق وراء كل شيء». وتتحدث كثيراً عن الرجال في عائلتها، وتبرر ذلك بقولها إن والدتها توفيت عندما كانت صغيرة، وتوفيت جدتها كذلك وهي في سن مبكرة، وإن جميع عماتها كن صغيرات في السن، ولم يكن في العائلة أي نساء كبيرات تقتدي بهن، لكن جميع أفراد أسرتها من الإناث كن يعشن حياة متساوية مع الذكور، ويتحدثن مثلهم تماماً، «لم نكن نشعر نحن الإناث حقاً بأننا نعيش في بيئة تسود فيها التفرقة على أساس النوع. ولم يكن لدينا تسلسل هرمي، وتتمتع عائلتي بالشجاعة، وتؤمن بأن لها هدفاً تسهم به في المجتمع، وأن لها التزاماً نحو البشر». وتسترسل قائلة «أحاول أن يفهم أطفالي أن لديهم شيئاً يسهمون به نحو المجتمع، وإنهم يقدمون شيئاً لأن هذا من واجبهم، وليس فقط ليصبحوا موضع تقدير».
صورة مختلفة
تقول «عندما كنا نزمع الرحيل إلى أميركا، كان الكبار يرسمون لنا صورة لما سيكون عليه وطننا الجديد، كنا نشعر أن أميركا التي سنذهب إليها لامعة ومذهلة للغاية، عندما وصلنا قادتنا تجربتنا الأولى عبر مدينة مانهاتن، كانت هناك رسوم على الجدران في كل مكان، والقمامة تملأ المدينة، وينام عمال المناجم والمشردون في الشوارع، أتذكر أنني كنت أتطلع للحصول من والدي على إجابات عن ذلك، قلت له: هذا لا يبدو مثل أميركا التي وعدتمونا بها، قال لي: حسناً لم نصل إلى أميركا بعد، تحتاجين فقط إلى التحلي بالصبر».
حب حياتها
تزوجت إلهان ثلاث مرات، من رجلين مختلفين، حيث عاودت الزواج من زوجها الأول بعد طلاقها من الثاني، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، وجدت نفسها في سلسلة من المزاعم الغريبة المغرضة بشأن الزواج المزور وشهادة الزور، وتنفي كل هذه الاتهامات، لديها ثلاثة أطفال من زوجها الحالي، أحمد حرسي. وتقول إنها تزوجت أحمد حرسي عام 2002. وتشير إليه بأنه «حب حياتها». كانت تبلغ من العمر 19 عاماً في ذلك الوقت. تقدمت هي وحرسي بطلب للحصول على شهادة زواج، لكن في نهاية الأمر قررت عدم إجراء مراسم قانونية، وبدلاً من ذلك، تزوجاً وفقاً لـ«الشريعة الإسلامية»، وفقاً لبيان صدر عن حملتها في أغسطس الماضي.
أنجبا طفلين ثم انفصلا عام 2008، ويقول بيان صدر عنها إنهما «وصلا إلى طريق مسدود» في حياتهما. وتطلقا حسب مقتضيات الشريعة الإسلامية، ولم يخضع هذا الطلاق للنظام القانوني الأميركي مثل زواجهما. وذكرت صحيفة مينيسوتا بوست أن العديد من الشباب الصوماليين لا يهتمون بالزواج وفقاً للقانون الأميركي. وفي عام 2009 اقترنت بأحمد نور سعيد علمي، وهو مواطن بريطاني، وفي عام 2011 تطلقا وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وفي العام نفسه اقترنت مرة أخرى بحرسي.
الزواج الثاني
في عام 2016، بدأ مدون اسمه سكوت جونسون يكتب عن إلهان عمر وحياتها الخاصة. بعد ذلك التقطت «بي جي ميديا»، المدونة المحافظة، القصة وبحثت في زواج إلهان بمزيد من التفصيل. ويتهم جونسون إلهان بأنها ربما تكون قد تزوجت شقيقها في عام 2009، «لأغراض احتيالية»، وادعى جونسون أنه استند في هذا الزعم إلى منصة مناقشة صومالية -أميركية (تم حذف المنشور منذ ذلك الحين). ومع ذلك، لا تقدم ادعاءات جونسون أي دليل على أن زوج إلهان الثاني هو شقيقها، ويبدو أن نظريته تستند كلية إلى تلك المادة المحذوفة من على منصة المناقشة الصومالية - الأميركية.
وكررت «بي جي ميديا» الادعاء نفسه، لكن «بي جي ميديا» لم تقدم أي دليل على الإطلاق لدعم هذا الادعاء. وقال الموقع ببساطة إن هذا الادعاء كان «سائداً» لبضع سنوات، وإن إلهان لم تثبت عكسه أبداً. واستمر سكوت جونسون في القول إن إلهان تزوجت شقيقها في أغسطس 2018، ووصف القصص في وسائل الإعلام الرئيسة التي تدافع عنها بأنها «ضعيفة للغاية».
وتنفي إلهان مراراً أن يكون زوجها الثاني، أحمد نور سعيد علمي، هو شقيقها، ووصفت هذه المزاعم بأنها «سخيفة ومثيرة للسخرية». وتقول إن علمي مواطن بريطاني، وإنهما تزوجا عام 2009، ووفقا لإلهان فقد انفصلا عام 2011، وفقاً لـ«الشريعة الإسلامية» وليس من خلال النظام القانوني الأميركي.
نجم صاعد
بدأت إلهان حياتها المهنية معلمة تغذية مجتمعية في جامعة مينيسوتا، وعملت في هذه الوظيفة من عام 2006 إلى عام 2009 في منطقة مينيابوليس - سانت بول الكبرى. وفي عام 2012، شغلت منصب مدير حملة إعادة انتخاب كاري دزييدزيتش في مجلس الشيوخ بولاية مينيسوتا. وبين عامَي 2012 و2013، عملت منسقة للتوعية الغذائية للأطفال في وزارة التعليم بولاية مينيسوتا.
في عام 2013، أدارت حملة أندرو جونسون لمجلس مدينة مينيابوليس.
وبعد انتخاب جونسون، عملت مساعدة سياسية له في الفترة من 2013 إلى 2015. وخلال مؤتمر حزبي مثير للجدل، تحول إلى العنف في ما بعد، في فبراير 2014، تعرضت لهجوم من قبل خمسة أشخاص، وعانت بعض الإصابات. وأوردت صحيفة «مينوبوست»، إنه في اليوم السابق للمؤتمر، حذر عضو مجلس مدينة مينيابوليس، عبدي ورسم، جونسون من أن يطلب من إلهان الحضور لهذا التجمع. واعتباراً من سبتمبر 2015، عملت مديرة للسياسات والمبادرات الخاصة بالشبكة النسائية المنظمة لأنشطة المرأة. وتدعو الجمعية النساء من شرق إفريقيا إلى تولي أدوار قيادية مدنية وسياسية. وفي سبتمبر 2018 وصفها ناشر صحيفة «رول كول»، جيف سيريللو، بأنها «نجم تقدمي صاعد».
كيف ينظر الناخبون المهاجرون إلى امرأة سمراء
تقول إلهان عمر عن ترشحها لشغل منصبها في الكونغرس الأميركي: «كونك أسمر البشرة في الولايات المتحدة فإن هذا يعني شيئًا ما، وسواء كنت مهاجراً أو لاجئاً أو مسلماً، فكل هذه الأشياء تمثل أموراً ليست عادية، وهي متجذرة في النسيج الاجتماعي لهذا البلد. هذه حقيقة صعبة استيقظت عليها عندما وصلت لسن الـ12. يعتقد الناس أن مينيابوليس مدينة ليبرالية تقدمية. لدينا الكثير من المهاجرين هنا»، وتضيف «المنصب الذي سعيت إليه هو منصب رائد، عندما يتعلق الأمر بالنساء في السياسة، لذلك كنت أعتقد أن نوعي لن يكون له مشكلة كبيرة، لكن الجميع أراد أن يجعل من ذلك قضية. كان الناس متحمسين للتصويت لي لأنني ربما كنت ذكية، ولكن بالنسبة للمجتمعات الإسلامية والصومالية، كان نوعي يشكّل مشكلة لأن السياسة يفترض، حسب اعتقادهم، أن تكون حكراً على الرجل وليس المرأة. ثم إن هناك الأشياء النموذجية التي تتعامل معها النساء المرشحات، مثل كونهن أمهات، وإن الكثير من الوقت يقضينه خارج المنزل، لا أحد يسأل المرشحين الذكور، الذين هم أيضاً آباء، كيف يتوقعون أن يوازنوا بين الحياة الأسرية، وأن النوع يمثل شيئاً كبيراً».
وتختم إلهان كلامها قائلة: «يقول الناس إنني يجب أن أكون فخورة بنفسي حتى لو حصلت على 10% من الأصوات، لكني كنت قادرة على المنافسة، كنت أرغب في الاستمرار حتى أتمكن من إثبات خطأهم، انتهى بي الأمر إلى دفع كل الأمور السلبية جانباً لأنني ظللت أفكر، بغض النظر عما إذا كنت سأفوز أو أخسر، لأن هذا سيؤدي إلى تغيير الرواية بشأن ما هو ممكن».
تغريدات إلهان عن مزاعم معاداتها للسامية
غردت إلهان عمر مدافعة عن ولائها لبلادها وليس لإسرائيل «بنيت ديمقراطيتنا على النقاش، وبوصفي عضواً في الكونغرس لا أرى أن أدين بالولاء لبلد أجنبي حتى استطيع أن أخدم بلدي، أو لأكون ضمن لجان في الكونغرس، انتخبني مواطنو الدائرة الخامسة لكي أخدم مصالحهم، أنا متأكدة أننا اتفقنا على ذلك».
وردّ عليها ترامب في تغريدة: «النائبة إلهان عمر تتعرض للنقد مرة أخرى بسبب تعليقاتها الفظيعة تجاه إسرائيل، أرسلت الجماعات اليهودية للتو عريضة إلى رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، تطلب منها إلغاء عضوية عمر من لجنة العلاقات الخارجية، إنه يوم مظلم لإسرائيل». وردّت هي بالمثل قائلة: «معارضتي (لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو والاحتلال ليس معاداة للسامية، أنا ممتنة للعديد من الحلفاء اليهود الذين تحدثوا وقالوا الشيء نفسه». واسترسلت في تغريدة أخرى: «يقولون لي كل يوم إنني معادية لأميركا إن لم أكن مؤيدة لإسرائيل، وهذا يسبب لي إشكالية، ولست وحدي التي تعاني من ذلك، وأجد نفسي على استعداد للتحدث عن ذلك والتعرض للهجوم».
وتتحدث عن الهجوم الذي تتعرض له من ترامب كل يوم: «يشكك الرئيس والحزب الجمهوري كل يوم في وطنيتي، لكن زملائي يلزمون الصمت، أعرف ما يعنيه أن أكون أميركية ولا يجرؤ أحد أن يخبرني خلاف ذلك».
وتتحدث عن نفسها وعن معاناتها قبل هجرتها لأميركا «الحرب من أجل البقاء على قيد الحياة تمنحك منظوراً جديداً للحياة، تعلمت عدم الخوف، والعمل على خلق حياة تحرر الناس من الخوف».
وعندما وضع أحدهم ملصقاً يحاول أن يربطها بأحداث 11 من سبتمبر في المجلس التشريعي لولاية فرجينيا، غردت: «لا أندهش لماذا أنا على قائمة الاغتيالات التي نشرها إرهابي محلي، وأرى (اغتيال إلهان عمر) مكتوبة على محطات الوقود المحلية».
وتابعت في تغريدة أخرى: «لا تنظروا إلى أبعد من ذلك، التيار المناهض للمسلمين في الحزب الجمهوري يشبّهني بالإرهابية في الكونغرس ولا أحد يدينه»، وحول حظر ترامب للمهاجرين واللاجئين تقول: «إن انفتاحنا على اللاجئين والمهاجرين والأشخاص من جميع الأديان هو ما يجعل أميركا عظيمة حقاً.. لن يجدي أي حظر نفعاً».
واتهمها ترامب، الشهر الماضي، بمعاداة السامية، بعد أن قالت إن دعم الديمقراطيين لإسرائيل نابع من التبرعات التي تقدمها لجنة الشؤون الأميركية الإسرائيلية العامة المعروفة بـ «إيباك» للحزب، لكنها اعتذرت عن ذلك، بيد أن ترامب أصر على أن تستقيل من منصبها في الكونغرس أو أن يتم طردها من لجنة الشؤون الخارجية، وردت عليه بتغريدة: «مرحباً ترامب، لقد روجت للكراهية طوال حياتك ضد اليهود والمسلمين والسكان الأصليين والمهاجرين والسود وغيرهم. لقد تعلمت أنا من أشخاص تأثروا بكلماتي، فمتى ستتعلم أنت؟».
ترجمة :ع.خ عن «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز»
- تزوجت إلهان ثلاث مرات، من رجلين مختلفين، حيث
عاودت الزواج من زوجها الأول بعد طلاقها من
الثاني، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية،
وجدت نفسها في سلسلة من المزاعم الغريبة
المغرضة بشأن الزواج المزور وشهادة الزور.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news