جونسون.. رئيس وزراء بريطانيا القـادم لا يتورّع عن الاستهزاء بالرؤساء والسياسـيـين والنـساء
عضو حزب المحافظين البريطاني، والمرشح الأوفر حظاً لرئاسة الحكومة البريطانية، بوريس جونسون، شخصية مثيرة للجدل، ليس في بريطانيا فحسب، وإنما في العالم أجمع. وهو إحدى الشخصيات الأكثر تعقيداً وتناقضاً في السياسة البريطانية، اكتسب خصوماً ومؤيدين منذ أن تولى منصب عمدة لندن عام 2008، ودافع بشدة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وصفه نائب رئيس الوزراء السابق في حكومة ديفيد كاميرون، نك كليغ، بأنه مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب «لكنه يحمل قاموساً لغوياً أكثر غرابة»، وساوى جونسون جهود من ينادون ببقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بجهود كل من الزعيم النازي، أدولف هتلر، والقائد الفرنسي، نابليون بونابرت، اللذين كانا يسعيان إلى توحيد القارة. فمن هو بوريس جونسون؟
هو ألكسندر بوريس دي بفيفيل جونسون، من أصول شركسية، ولد في 19 يونيو 1964 بمدينة نيويورك لأبوين بريطانيين، وتربى وترعرع بين نيويورك ولندن وبروكسل قبل أن ينضم لمدرسة داخلية في بريطانيا، وحصل على منحة دراسية بكلية إيتون، ثم درس الكلاسيكيات في كلية باليول بأكسفورد، حيث كان رئيساً لاتحاد طلاب أكسفورد.
صحافي وساخر وغشاش
بعد فترة وجيزة من العمل مستشاراً إدارياً، انخرط جونسون في العمل في مجال الصحافة. وبدأ مراسلاً لصحيفة «التايمز» في عام 1987، ولكن تم فصله بسبب تزويره اقتباساً. ثم عمل مراسلاً في صحيفة «الديلي تلغراف» لتغطية أخبار المجموعة الأوروبية بين 1989-1994، ثم شغل منصب محرر مساعد في الصحيفة نفسها بين 1994-1999. في عام 1994، أصبح جونسون كاتب عمود سياسي في مجلة «ذي سبيكيتور»، وفي عام 1999 تم تعيينه رئيس تحرير للمجلة، واستمر في العمل في هذا المنصب حتى عام 2005.
في عام 1997 رشحه حزب المحافظين، الذي ينتمي اليه، نائباً لمنطقة كلويد ساوث في مجلس العموم، لكنه خسر بشكل حاسم أمام مرشح حزب العمل، مارتين جونز. بعد فترة وجيزة، بدأ جونسون في الظهور في مجموعة متنوعة من البرامج التلفزيونية، ابتداءً من عام 1998، بدءاً من برنامج حواري لهيئة الإذاعة البريطانية. ومنحه سلوكه المتعجرف وملاحظاته الساخرة عن مضيفيه في بعض الأحيان، شعبية في البرامج الحوارية البريطانية.
ترشح جونسون مرة أخرى للبرلمان في عام 2001، وفاز هذه المرة ممثلاً عن دائرة هنلي أون تيمز. وعلى الرغم من أنه استمر في الظهور بشكل متكرر في البرامج التلفزيونية البريطانية، وأصبح واحداً من أكثر السياسيين شهرة في البلاد، إلا أن مسيرته السياسية تعرضت للكثير من الانتكاسات في عدد من المناسبات. واضطر للاعتذار لمدينة ليفربول بعد نشر افتتاحية غاية في الحساسية بمجلة «ذي سبيكيتور»، وفي عام 2004 طُرد من منصبه كوزير ظل للفنون بعد ظهور شائعات عن علاقة غرامية بينه وبين صحافية. وعلى الرغم من تعرضه لتوبيخ علني، أعيد انتخابه لمقعده البرلماني في عام 2005.
علاقته بالنساء
زوجة جونسون الأولى هي أليجرا موستين أوين، التي تزوجها عام 1987 بعد لقائهما في أوكسفورد. ومع ذلك، انفصلا عام 1993 بعد ست سنوات من الزواج، وبعد أسابيع فقط من انفصالهما تزوج جونسون من المحامية والمؤلفة وكاتبة العمود البريطانية، مارينا ويلر. بعد 16 عاماً من زواجه من ويلر أنجب جونسون طفلة باسم ستيفاني خارج إطار الزوجية من مستشارة الفنون، هيلين ماكينتير، رغم أنه لايزال متزوجاً من ويلر. وعلى الرغم من استئنافه دعوة قدمها للحفاظ على أبوته لستيفاني، التي ولدت في نوفمبر 2009، رفضت محكمة الاستئناف هذه الدعوة.
ومن بين ما ذكره القاضي، رولز لورد دايسون وقت صدور قرار المحكمة في عام 2013: «إن المعلومات الأساسية في هذه القضية، هي أن الأب كان على علاقة غرامية بالأم، حيث خدع زوجته وشريكته في الحياة الزوجية». وأعلن جونسون وزوجته مارينا عن انفصالهما في سبتمبر 2018، ولديهما معاً أربعة أطفال: لارا، وميلو، وكاسيا، وتيودور أبولو. وأصدر الزوجان بياناً مشتركاً في سبتمبر أعلنا فيه أنهما «قبل أشهر عدة، وبعد 25 عاماً من الزواج، قررنا أنه من مصلحتنا الانفصال، وأن عملية الطلاق تأخذ مجراها في الوقت الراهن، وسنواصل كأصدقاء دعم أطفالنا الأربعة في السنوات المقبلة، ولن نعلق بأكثر من ذلك». ويرتبط جونسون في الوقت الراهن بعلاقة مع المسؤولة السابقة بالمكتب الإعلامي بحزب المحافظين، كاري سيموندز، 31 عاماً.
الأسبوع الماضي اندلع شجار عنيف في المنزل الذي يقيم فيه جونسون مع صديقته سيموندز، وسمع الجيران صراخاً وفرقعة من داخل البيت، وسمعوا صديقته تصرخ وتقول له اخرج من المنزل، فاتصل أحد الجيران بالشرطة التي جاءت الى المكان وغادرت بعد أن تأكدت أنه لم يحدث شيء يستحق التدخل. وأشار أحد الجيران إلى أنه سمع سيموندز، وهي تقول لأحدهم (ويرجح أن يكون جونسون) «ابتعد عني» و«اخرج من بيتي». ونشرت «الغارديان» تسجيلاً صوتياً لأحد جيران سيموندز، يرفض فيه جونسون مغادرة الشقة، وقوله لسيموندز «ابتعدي عن حاسوبي المحمول».
جونسون و«البريكست»
في فبراير 2016، دعم جونسون الأصوات المنادية بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو ما يعرف بـ«بريكست» أو «الخروج» في حملة استفتاء بشأن عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.
ووصف تحذيرات رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون، حول الخروج بأنه «مبالغ فيه إلى حد كبير».
وبعد هذا التصريح، الذي فسرته الأسواق المالية بأن خروج بريطانيا من الاتحاد أصبح أكثر احتمالاً، انخفضت قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة 2٪ تقريباً إلى أدنى مستوى له منذ مارس 2009.
وعندما حث الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، المملكة المتحدة على البقاء في الاتحاد الأوروبي، ادعى جونسون أن أوباما كان مدفوعاً جزئياً بالمشاعر المعادية لبريطانيا بسبب أصله الكيني.
وانتقد العديد من السياسيين العماليين والديمقراطيين الليبراليين هذه التعليقات باعتبارها عنصرية وغير مقبولة، وألغى اتحاد طلاب «كينجز كوليدج» بلندن دعوة كانت موجهة له للتحدث عن «الخروج»، وفي المقابل، دافع كل من زعيم حزب الاستقلال البريطاني، نايجل فاراج والنائب المحافظ، إيان دنكان سميث، عن تعليقات جونسون العنصرية.
الكذب وإساءة استخدام المنصب
جمع المدعي الخاص، ماركوس بول أكثر من 200 ألف جنيه إسترليني من نحو 6000 مؤيد لمقاضاة جونسون في ثلاث تهم تتعلق بسوء السلوك الجنائي في المناصب العامة. ويزعم هذا المدعي الخاص أن جونسون قد أساء استخدام ثقة الجمهور في حملات «البريكست» عام 2016 وذلك من خلال كذبه، خلال تقلده منصبه عضواً في البرلمان وعمدة للندن، بشأن إنفاق المملكة المتحدة على عضوية الاتحاد الأوروبي. وفي 23 فبراير 2019، قدم الادعاء معلومات عن القضية في محكمة ويستمنستر الجزئية وقدم طلباً لاستدعاء جونسون.
وفي حكم مكتوب صادر في 29 مايو، قال قاضي المنطقة، ماركوس كولمان: «هناك أدلة كافية على أن المدعى عليه يعلم أن التصريحات كانت كاذبة، وأنا مقتنع بأن هناك ما يكفي من الأدلة لإثبات دليل ظاهر للقضية». لكن القاضي أكد أن الادعاءات غير مثبتة حالياً. وانعقدت الجلسة الأولية في محكمة ويستمنستر الجزئية، ثم تم إرسال القضية إلى محكمة التاج للمحاكمة. وهذه هي المرة الأولى في بريطانيا التي يحاكم فيها عضو في البرلمان لسوء سلوكه في وظيفته العامة. وفي وقت لاحق تم رفض القضية من قبل المحكمة العليا. وخارج المحكمة العليا، قال ماركوس، مخاطباً جونسون «لقد فزت اليوم، لكنني لن أستسلم حتى أقاضيك، ليس لديك الحق في الكذب على الجمهور بشأن كيفية تحويل أموالهم، اذهب إلى التلفزيون وأخبرهم عن الحقيقة». وفي رسالة خاصة إلى أنصاره بتاريخ 8 يونيو 2019 قال ماركوس: «كما قلت لكم، لم تنتهِ هذه القضية بعد، فريقنا في انتظار الحكم النهائي من المحاكم».
تعليقات ساخرة عرضته للانتقادات اللاذعة
في مؤتمر حزب المحافظين في أكتوبر 2017، تعرض جونسون للانتقاد بعد أن قال إن مدينة سرت الليبية سيكون لها مستقبل ناجح كمنتجع فاخر بمجرد أن «يتخلص المستثمرون من جثث القتلى».
وفي تعليق له بصحيفة «تلغراف» عن المجازر التي يرتكبها الرئيس السوري، بشار الأسد، في مارس 2016 علق: «أقول له برافو، امضِ قدماً».
وفي المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي، قال رئيس الوزراء الماليزي السابق، نجيب رزاق، إن 68% من النساء سيذهبن إلى الجامعة، وهو ما سخر منه جونسون وعلق قائلاً: «تذهب الطالبات إلى الجامعة لكي يعثرن على رجال يتزوجونهن».
وعلق عام 2007 في صحيفة «الديلي تلغراف» على المرشحة الرئاسية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، قائلاً: «لديها شعر أشقر مصبوغ وشفاه متوترة، وحدقات زرقاء فاتحة، مثل ممرضة سادية في مستشفى للأمراض العقلية».
وتعرض جونسون لانتقادات شديدة في عام 2008، بسبب مقال نشره بمجلة «سبيكيتور» عندما كان رئيس تحرير للمجلة.
واتهمه عمدة لندن السابق، كين ليفينغستون، ومحامٍ أسود بالعنصرية بعد أن سمح بنشر المقال، الذي يقول «المستشرقون لديهم أدمغة أكبر ودرجات ذكاء أعلى، أمّا السود فهم في الطرف الآخر».
ترجمة: ع-خ عن «الإندبندنت»
شجرة عائلة جونسون تبدأ من أسرة تركية مسلمة
تعود أصول جونسون إلى أسرة مسلمة من تركيا، حيث ولد جده الأكبر، علي كمال في القسطنطينية (تعرف الآن بإسطنبول) في عام 1867 لأم من شركيسيا (أصبحت الآن جزءاً من روسيا). عاش كمال كصحافي وكاتب وشاعر بارز في القسطنطينية.
وتزوج بالأنجلو سويسرية، وينيفريد برون، في بادينغتون بلندن، في 11 سبتمبر 1903. توفي كمال خلال ثورة «تركيا الفتاة» ضد الإمبراطورية العثمانية في عام 1922، على أيدي مجموعة من الغوغاء حرضهم جنرال في الجيش التركي، وترك وراءه ثلاثة أطفال، سلمى، عثمان وزيكي. اعتمد كل من سلمى وعثمان، اللذين كانا يعيشان في إنجلترا، لقب جونسون، اسم جدتهما الأولى. وغيّر عثمان اسمه الأول إلى ويلفريد وتزوج بإيرين ويليامز من كنت، التي أنجبت والد بوريس جونسون، ستانلي. وتزوج ستانلي بوالدة بوريس جونسون، شارلوت فوسيت في عام 1963. وأنجبا معاً بوريس، وراشيل، وجو وليو جونسون.
ترجمة: (ع.خ) عن «ذي إكسبريس»
- جونسون من أكثر
السياسيين شهرة
في بريطانيا، إلا أن
مسيرته السياسية
تعرضت للكثير
من الانتكاسات في
عدد من المناسبات.