العمل من المنزل.. تحدٍّ جديد للأشخاص الصُّم في بريطانيا
يمثل العمل من المنزل تحدياً للكثيرين منا، ابتداءً من تعلم كيفية التواصل مع الزملاء عبر «زوم»، ثم التعرف إلى التفاصيل الدقيقة في المكالمات الهاتفية الجماعية. ولكن تخيل ما قد تكون عليه الحال إذا كنت أصم، أو تواجه صعوبة في السمع.
وجد بحث نشرته مجموعة خيرية تهتم بشأن فقدان السمع، أخيراً، أن ثلاثة أرباع الأشخاص الذين يعانون الصمم، يخشون أن يكونوا أقل إنتاجية خلال العمل من المنزل.
وخلُص البحث إلى أن العمل في المنزل يمثل تحدياً كبيراً للأشخاص الذين يعانون الصمم أو فقدان السمع، وهم أكثر عرضة لمزيد من العزلة، بسبب تدابير التباعد الاجتماعي. وفي حين أن العديد من الأشخاص يستخدمون المكالمات الهاتفية والفيديو للبقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلات وزملاء العمل، فإن الأشخاص الذين يعانون فقدان السمع، خصوصاً أولئك الذين يستخدمون لغة الإشارة، سيتم استبعادهم من هذه التفاعلات.
يقول المسؤول في مؤسسة العمل الخاصة بفقدان السمع، روب جيني، إن قراءة الشفاه تتطلب من الفرد التركيز باهتمام على حركة الشفاه، والصوت الذي يمكنهم سماعه لتجميع ما يقال، وهذا أمر مرهق؛ موضحاً: «من المفيد إذاً التفكير في استخدام مربعات نصية أو عروض مرئية، جنباً إلى جنب مع مؤتمرات الفيديو، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأرقام أو المصطلحات المعقدة».
وفي المملكة المتحدة، يعاني 12 مليون شخص فقدان السمع، وينخرط 65% من الأشخاص الصم في سوق العمل، مقارنة بـ79% من عموم السكان. وما يقدر بنحو 24 ألف شخص يستخدمون لغة «بي إس إل»، كلغتهم الرئيسة. ويُلزم قانون المساواة، لعام 2010، أصحاب العمل بإجراء تعديلات، ويقدم برنامج الوصول إلى العمل الحكومي منحاً للمعدات المتخصصة. وأوضح جيني: «لجعل مكان العمل أكثر سهولة، واجه شخصاً ما عند التحدث إليه، وتحدث إليهم واحداً تلو الآخر في الاجتماعات، ولا تمنح الأشخاص مكتباً يواجه الحائط، لكن اسمح لهم بالوصول إلى المكتب، حتى يتمكنوا من التواصل».
ويضيف: «الشيء الرئيس للعمل من المنزل، هو أن المديرين يجب أن يشعروا بالقدرة على التحدث إلى الأعضاء المشرفين، حول مسألة فقدان السمع والتعديلات التي يحتاجونها». لكن مجموعات العمل في المؤسسة الخيرية كشفت عن تردد بين الموظفين في الكشف عن فقدان السمع في العمل، بسبب الإحراج أو الضغط أو الخوف من أن يؤثر ذلك في فرص العمل. وقال أحدهم: «أريد أن أقوم بعمل جيد في العمل، ولا أريد أن يرى أي شخص أن الصمم ضعف».
وفي ذلك يقول جيني: «إنها حالة خفية، والعديد من الموظفين الذين أخفوا فقدان السمع وتعاملوا دون أي دعم، قد يحتاجون، الآن، إلى الدعم للعثور على التعديلات التي تناسبهم». وبالمثل، قد يحتاج الأشخاص الذين لديهم تعديلات تم إعدادها في مكان عملهم، الآن، إلى تعديلات جديدة، مثل الهواتف المحمولة.
تغييرات سلوكية
وتتضمن التغييرات السلوكية التحدث واحد تلو الآخر، وكتم صوتهم عندما لا يتحدثون لتقليل ضوضاء الخلفية، ووجود أجندة واضحة لتوفير هيكل وقرائن سياقية لما يقال. وبالنسبة لمؤتمرات الفيديو، من المفيد أن تكون الكاميرا مربعة الشكل، وتظهر الجميع من الأمام بشكل واضح.
وتشير أبحاث الإجراء المتعلق بفقدان السمع إلى أن السبب الأكبر وراء عدم حصول المعنيين على الدعم، هو شعورهم بأن الزملاء يفتقرون إلى المعرفة للمساعدة. وقال نحو نصف المستطلعة آراؤهم: إن الوعي بالصم، أي «معلومات حول تثقيف الزملاء أو المدير»، سيساعدهم على تحقيق إمكاناتهم، وقال أكثر من الثلث إن الدعم لإدارة القلق من فقدان السمع في العمل سيساعد أيضاً.
ومن المرجح أن يعاني الأشخاص الصم ضعفاً في الصحة العقلية مقارنة بالآخرين، إذ تؤدي حواجز الاتصال إلى تفاقم أعراض مثل الاكتئاب، وهناك، أيضاً، حواجز اتصال عند الأشخاص الصم، الذين يتلقون دعم الصحة العقلية، لأن مترجمي «بي إس إل»، هم طرف ثالث في جلسات المشورة، المصممة لتكون واحداً لواحد. ويمكن أن يؤثر ذلك في العلاج، لأن الاستشارة قد تكون أقل حميمية.
مواقف سلبية
يُعتقد أن «السمعة» أو «المواقف السلبية تجاه الصُّم» متأصلة بعمق. ويقول خبراء إن المزيد من المتخصصين في السمع باستخدام لغة الإشارة، سيساعدون في تخفيف المشكلة. وإذا احتاج شخص أصم الذهاب إلى الطبيب، فيجب أن يتمكن من إجراء محادثة مع الطبيب بلغته الأولى. ويجب أن يكون هناك المزيد من الأشخاص، مثل الأطباء والإداريين والاستشاريين، الذين يقومون بذلك.
شبكة مترجمين
تنظم كلية «سيتي ليت» لتعليم الكبار، في وسط لندن، يوماً سنوياً للصم، لرفع مستوى الوعي؛ إلا أن الحدث تم تأجيله هذا العام بسبب فيروس «كورونا». وتأسست الكلية في 1919، وبدأت بإدارة فصول قراءة الشفاه للجنود الذين فقدوا السمع في الحرب العالمية الأولى. وتشمل الدورات المخصصة للأشخاص الصم لغة «بي إس إل»، واللغة الإنجليزية، والرياضيات، والمهارات الرقمية. ويوجد 12 معلماً أصم وستة أشخاص يسمعون بشكل عادي، لكنهم يدرسون في لغة الإشارة، بالإضافة إلى شبكة من مترجمي «بي إس إل»، الذين يقدمون الدعم في الاجتماعات أو مقابلات العمل؛ كما تقدم الكلية استشارات التوظيف لطلابها، بالشراكة مع الجمعية الملكية للصم. وتساعد المنحة الطلاب الصم، ذوي الدخل المنخفض، على دفع رسوم الدورة والسفر.
65 ٪
من الأشخاص الصم منخرطون في سوق العمل.