حفيد قتيل في «مذبحة المماليك» وراء صعود الفنان محمد رشدي
كشفت مذكرات الفنان محمد رشدي التي تنشر لأول مرة في مصر، أن دخوله إلى عالم الفن كان وراءه حفيد إسماعيل زعلوك الذي قتل في مذبحة المماليك عام 1811 ظلماً، وأن الحفيد دفع رشدي إلى دائرة الموسيقار محمد عبدالوهاب، كما عرفه بالصحافي الشهير محمد حسنين هيكل. وكشفت المذكرات عن ارتباط رشدي بثورة 23 يوليو صعوداً وهبوطاً، وتأثير الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي الإيجابي على مسيرته، كما تطرقت لمعاناة رشدي في الحقبة الساداتية، واضطراره للهجرة إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
وأماطت المذكرات التي نشرت تحت عنوان «الفنان محمد رشدي.. موال أهل البلد غنوة»، وحققها الكاتب سعيد الشحات من «دار ريشة للنشر والتوزيع»، عن فيض من الأسرار السياسية والفنية التي تعلقت بمسيرة رشدي، منها الدور الذي لعبه فريد زعلوك، حفيد قتيل مذبحة القلعة الشهيرة في دفع رشدي لترك بلدته دسوق، والذهاب إلى القاهرة والالتحاق بمعهد الموسيقى العربية، وتعريفه برموز الفن والصحافة في تلك الفترة، من بينهم كوكب الشرق أم كلثوم، والموسيقار محمد عبدالوهاب، والصحافي محمد حسنين هيكل.
سارق
ويحكي رشدي في المذكرات عن واقعة طريفة أوقعه فيها وزير خارجية مصر الوفدي الراحل محمد صلاح الدين، حين صعد على المسرح وقدم بنفسه الفنان محمد عبدالوهاب في أغنية «انت انت ولا انتش داري»، الأمر الذي كثف الاضواء حول الأغنية، وجعل الصحافة تنبش وراءها، لتطلق حملة تشير فيها إلى أن «عبدالوهاب سرق الأغنية من مطرب أفراح مغمور»، بينما كانت الحقيقة هي أن رشدي الذي كان يعمل في مكتب عبدالوهاب، هو الذي سرقها أثناء حضوره تسجيلها في المكتب، وغناها بعد ذلك في الأفراح الشعبية، معتقداً أن هذا الأمر لن يعرفه أحد.
وتتطرق المذكرات إلى علاقة رشدي بثورة 23 يوليو 1952، وتروي واقعة طريفة أخرى عن تصادف وجود رشدي في مبني الإذاعة المصرية صبيحة ثورة يوليو، وإصراره على تسجيل أغنية سبق اتفاقه مع الإذاعة عليها، رغم ما طرأ من الأحداث، وذلك لاحتياجه الشديد لمبلغ الـ17 جنيه ثمن الأغنية، الأمر الذي دفع رشدي للدخول في توسلات وصلت الى حد ذرف الدموع، ما حدا بأحد قادة الثورة، وهو الرئيس الراحل أنور السادات، إلى التدخل وسؤال رشدي «مش انت اللي بتغني أغنية مأذون البلد؟»، وحين رد عليه رشدي بالإيجاب قال السادات «خلاص غني الأغنية دي، النهاردة يوم أفراح»، كاقتراح لوضع حد للأزمة.
مغني الثورة
وتبرز المذكرات حالة التنافس التي كانت بين رشدي والفنان عبدالحليم حافظ على لقب «مغني الثورة»، وإخبار الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي لرشدي بأنه الأقرب للثورة «بسبب شعاراتها الاجتماعية والاشتراكية واحتياجها لأغان فيها الفلاح والعامل البسيط والفقير»، وانتهاء النقاش بين رشدي والأبنودي بالتعاون في أغانٍ اتخذ فيها رشدي صورة «المطرب الشعبي»، ليقدم أغاني مثل «عدوية»، و«وهيبة»، في نقلة نوعية أصابت عبدالحليم حافظ بالغيرة الشديدة.
ويروي رشدي في المذكرات واقعة اختطاف عبدالحليم حافظ للأبنودي، بـ«طريقة مخابراتية»، حيث أرسل إليه شخصين يرتديان بذلات أنيقة ونظارات سوداء، سحباه إلى سيارة كاديلاك سوداء كانت بانتظارهم، ليقوداه إلى شقة في وسط القاهرة، ليجد عبدالحليم حافظ بانتظاره، حيث طلب منه الكتابة له والبعد عن رشدي، كما يروي أيضاً إصرار عبدالحليم على وصفه له بأنه «مطرب الفلكلور»، وهو توصيف لم يعجب رشدي، ورد عليه في الإعلام بأنه «مطرب العامل البسيط».
وتستطرد المذكرات أن معركة «رشدي - عبدالحليم»، كانت ميداناً لانقسام واسع بين المثقفين والصحافيين والنقاد في الستينات، شارك فيها أسماء لامعة مثل إحسان عبدالقدوس، وصلاح حافظ، وسعد الدين وهبة، كما قاد الصحافي أنيس منصور معركة ضده. تختم المذكرات سطورها بتأثير هزيمة 1967 على تجربة رشدي، ولحاقه بتجربة «تيار الغضب» الذي مثله الشاعر أحمد فؤاد نجم، والمغني الثوري الشيخ إمام عيسى، وبوجود ما يشبه المؤامرة، لحجبه عن الظهور العام، ويعلل رشدي هذا الحجب بعلاقته بالأبنودي الذي اختار أن يكون معارضاً بوضوح أيام السادات الأخيرة، وباتهام البعض لرشدي باستخدام الإسقاطات السياسية في أغانيه، الأمر الذي دفع رشدي في نهاية الأمر للسفر للخارج.
يروي رشدي في المذكرات واقعة اختطاف عبدالحليم حافظ للأبنودي بـ«طريقة مخابراتية»، حيث أرسل إليه شخصين يرتديان بذلات أنيقة ونظارات سوداء، سحباه إلى سيارة كاديلاك سوداء كانت بانتظارهم، ليقوداه إلى شقة في وسط القاهرة ليجد عبدالحليم بانتظاره، حيث طلب منه الكتابة له والبعد عن رشدي.