رحيل أقدم مراسل صحافي في مصر.. عاشق اللغات والسكك الحديدية
فولكهارد فيندفور.. «الألماني الناصري» الذي حاور دايان.. وزامل أحمد بن بيلّا
توفي الإثنين الماضي عميد المراسلين الأجانب في مصر، ومراسل مجلة «دير شبيغل»، فولكهارد فيندفور، عن عمر ناهز الـ83 عاماً قضى منها أكثر من 60 عاماً في القاهرة، استطاع عبرها نسج شبكة علاقات مصرية وعربية وعالمية، وقام بتغطية أحداث تاريخية في المنطقة، مثل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وعدوان 1967، وحرب أكتوبر 1973، والثورة الجزائرية، كما غطى الحرب الأهلية في لبنان 1975، حيث تعرض للخطف هناك، وغطى ايضاً أحداث ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 في مصر، كما أجرى فيندفور حوارات مع شخصيات مؤثرة من الزعماء السياسيين، مثل جمال عبدالناصر، وأنور السادات، وياسر عرفات، ومعمر القذافي، ومع حائز «نوبل» الأديب الكبير نجيب محفوظ.
خسارة بالغة
حضر فيندفور الى مصر عام 1955 وهو صبي بعد وفاة والده، والتحق بالمدرسة الألمانية، ثم حصل على الثانوية العامة المصرية ليدخل كلية الآداب قسم اللغات الشرقية، بجامعة عين شمس، ليدرس اللغات العبرية، والفارسية، والتركية، إضافة الى إجادته الألمانية، والانجليزية، والفرنسية، والعربية.
عمل فيندفور بالقسم العربي بالإذاعة المصرية، وزامل الزعيم الجزائري أحمد بن بيلّا، وتعرف إلى الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل الذي قدمه بدوره لعبدالناصر، والذي لم ينكر فيندفور انبهاره بشخصيته لدرجة قوله في حوار صحافي إنه لا يمانع أن يطلق عليه - أي على فيندفور - لقب «الألماني الناصري». عمل فيندفور لفترة مترجماً للزعيم المصري، ثم مديراً لمكتب مجلة «دير شبيغل» في بيروت، حيث تعرض للاختطاف هناك، ليعود بعدها الى القاهرة ويؤسس «جمعية المراسلين الأجانب» التي تولى عمادتها حتى وفاته. وقال صديق فينفورد، عالم المصريات والقائم بأعمال القنصل الايطالي في مصر، فرانسيس أمين، لـ«الإمارات اليوم»، إن «رحيل فيندفور يمثل خسارة بالغة لمصر التي أحبها بإخلاص، وأوصى بدفنه فيها، وارتبط فيها بأحداث وتحولات تاريخية، أصبحت جزءاً من تجربته الذاتية».
اقترب من التاريخ
وتابع أمين أن «فيندفور اقترب من التاريخ المصري القديم، وغطى حدثاً ضخماً، وهو نقل آثار النوبة المهددة بالغرق بعد الشروع في بناء السد العالي، وتحديداً نقل معبد كلابشة، وكانت تغطيته الصحافية جزءاً من مسببات اهتمام الغرب والرأي العام العالمي بها».
وأكمل أن «الراحل الكبير التقى موشيه دايان، عقب حرب أكتوبر عام 1973 على متن طائرة، واغتنم الفرصة ليجري حواراً معه، ونقل عنه، كما روى لي، قول دايان إن مصر كانت تستطيع مواصلة طريق الحرب لو أرادت بعد أكتوبر، بعد ان أحدثت نقلة حقيقية في جيشها أثناء وبعد حرب الاستنزاف، وحتى خوضها حرب أكتوبر، لكن السادات اختار السلام عن اقتناع راسخ».
كان فيندفور قد رافق السادات أثناء رحلته إلى القدس عام 1977، وأجرى حواراً مطولاً معه عقب الزيارة، كما أجرى معه حواراً آخر قبل اغتياله في أكتوبر 1981 بأربعة أيام.
شخصية بسيطة
وقال أمين إن فيندفور الذي تعرف إليه في ندوة تاريخية وتطور تعارفهما الى صداقة: «اتسمت شخصيته بالبساطة، فقد كان من النادر بالنسبة له رد شخص يريد إجراء حوار معه، كما كان يقدم خبراته ومعارفه وعونه بكل أريحية لعشرات من شباب الصحافيين الأجانب، الذين يأتون لعمل تغطية صحافية في مصر، بشكل عابر أو متواصل».
هذا ونعت «الهيئة العامة للاستعلامات» المصرية، وهي الجهة المنوط بها التعامل مع المراسلين الأجانب في مصر، رحيل فيندفور، حيث وصفه رئيس الهيئة، نقيب الصحافيين المصريين، ضياء رشوان، بأنه - أي فيندفور «نموذج الإعلامي الملتزم بالمهنية والصدقية على مدار عمله الطويل في مصر، حيث عمل بدأب على نقل الحقائق دون تزييف أو مبالغة».
يذكر أن فيندفور، الذي تزوج من مصرية رافقته حتى وفاتها، عرف باهتمامه الخاص بالسكك الحديدية، حيث أسس «جمعية أصدقاء السكك الحديدية العربية في مصر» عام 1994، ونظم عبر هذه الجمعية رحلة بقطار الفوسفات من الواحات الخارجة وحتى شاطئ البحر الأحمر في عربات ملك مصر الحديدية.
- اتسمت شخصيته بالبساطة، فقد كان من النادر بالنسبة له رد شخص يريد إجراء حوار معه، كما كان يقدم خبراته ومعارفه وعونه بكل أريحية لعشرات من شباب الصحافيين الأجانب، الذين يأتون لعمل تغطية صحافية في مصر، بشكل عابر أو متواصل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news