الأعضاء المسنّون في الكونغرس الأميركي يصرّون على البقاء في الخدمة
أصبحت السيناتور عن ولاية كاليفورنيا، ديان فاينشتاين، في دائرة الضوء بعد تقرير لصحيفة «نيويوركر» حول المخاوف بشأن التدهور الذهني الواضح لديها. وتعتمد القصة في المقام الأول على شهادة المصادر، التي تحدثت «باحترام لمسيرتها المهنية الناجحة»، لكنها تعتقد أن «ذاكرتها قصيرة المدى أصبحت ضعيفة جداً لدرجة أنها غالباً ما تنسى أنها قد تم إطلاعها على موضوع ما». وفي وقت سابق من هذا العام، تلقت عضو مجلس الشيوخ ردود فعل عنيفة من سياسيين بشأن تعاملها مع جلسة تأكيد تعيين قاضية المحكمة العليا اليمينية، إيمي كوني باريت؛ وتواجه الآن التدقيق لسبب مختلف تماماً. ونتيجة لذلك، طلب زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، من فاينشتاين، وهي أكبر سيناتور أميركي في منصبه، تبلغ من العمر 87 عاماً، التنحي عن منصبها القيادي في اللجنة القضائية بعد تأكيد باريت، لكنها تجاهلت الطلب.
وأعاد ذلك النقاش حول كبار السن في الكونغرس والمدة المفترضة في الخدمة داخل المؤسسة التشريعية. وقبل سنوات، وضع السيناتوران الجمهوري تشارلز جراسلي والديمقراطي باتريك ليهي، معايير غير عادية لتقرير ما إذا كانا سيترشحان لإعادة انتخابهما، في عام 2022، لفترة مدتها ست سنوات، تنتهي مع جراسلي في منتصف التسعينات من العمر، وليهي في أواخر الثمانينات. وقال جراسلي، 87 عاماً: «إذا كان بإمكاني الركض لمسافة ثلاثة أميال وأربع مرات في الأسبوع، فسأترشح لإعادة انتخابي».
مؤشر واضح
أما ليهي، 80 عاماً، فيحتفل بعيد ميلاده بالغطس، في الأوقات العادية، حيث يسبح أولاً إلى عمق محدد، ويقوم بحركات تحت الماء. وقال ليهي، في أواخر عام 2017: «إذا وصلت إلى النقطة التي لا يمكنني فيها ممارسة الغوص والقيام بحركات تحت الماء، فسيكون ذلك مؤشراً واضحاً». ويعتبر العضوان الجمهوري والديمقراطي الأطول خدمة في مجلس الشيوخ، وهما من بين مجموعة من الأعضاء الذين بلغوا الـ80 من العمر، ويستمرون في الخدمة لفترة أطول بكثير من متوسط سن التقاعد النموذجي في الولايات المتحدة. واليوم، يبلغ عمر سبعة من أعضاء مجلس الشيوخ 80 عاماً على الأقل، وهو ثاني أكبر عدد من المسنين يخدمون معاً، وفقاً للسجلات التي يحتفظ بها المكتب التاريخي لمجلس الشيوخ.
وكانت أكبر مجموعة في عام 2018، عندما تجاوز ثمانية من أعضاء مجلس الشيوخ الـ80 عاماً. واثنان من هؤلاء الأعضاء، وهما لامار ألكسندر وبات روبرتس، بحثا في الترشح لولاية أخرى هذا العام، واختارا التقاعد.
إلى ذلك، لايزال السيناتور الطامح في الرئاسة، بيرني ساندرز، الذي قارب الـ80، في منصبه. وبعد بضعة أشهر، سيكمل زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل ثمانية عقود، ليصبح عدد أعضاء نادي الثمانيين سبعة، إذا بقي الجميع في صحة جيدة. وعندما قرر ألكسندر، 80 عاماً، التقاعد في عام 2018، قال علناً إنه لا يريد ارتكاب خطأ و«البقاء لفترة طويلة»، بينما اعترف روبرتس، 84 عاماً، قبل أيام، بأنه أجرى محادثة طويلة مع زوجته، حول مستقبله، قائلاً: « تحدثنا أنا وفرانكي عن ذلك، وفكرت أنه من الواضح، وفي مستوى النضج الذي وصلت إليه، فقد حان الوقت».
واكتسبت مسألة العمر أهمية جديدة في الأسابيع الأخيرة، إذ أعلنت السيناتور فاينشتاين، أنها ستتنحى عن منصبها كأكبر عضو في اللجنة القضائية. لكن ظلت الأسئلة تدور حول قدراتها الذهنية لسنوات عدة. وأعرب مساعدون سابقون عن أسفهم لقرارها الترشح لولاية أخرى في عام 2018، عن عمر 85 عاماً، حينها، إذ كان من الممكن أن «تتقاعد» بدلاً من ذلك.
خدمة طويلة
وكان ثاد كوكران، وهو عضو مخضرم في مجلس الشيوخ منذ نحو 40 عاماً، قد قرر التنحي جانباً عن إدارة لجنة المخصصات، في 2018، بعد أن تدهورت حالته الصحية. وتقاعد قبل انقضاء أكثر من عامين ونصف العام في الفترة التي فاز بها في 2014 قبل أن يبلغ 77 عاماً. والآن يواجه جراسلي وليهي والسيناتور ريتشارد شيلبي، الأسئلة نفسها التي أجاب عنها ألكسندر وروبرتس وفاينشتاين وكوكران بطريقة مختلفة. ويبدو أن جراسلي وليهي على استعداد للخوض في هذا الالتزام الذي يمتد لثماني سنوات. وسيكون جراسلي في الخامسة والتسعين من عمره في نهاية هذه الفترة المحتملة، في عام 2028، ما سيجعله ثاني أكبر عضو خدم في مجلس الشيوخ، بعد ستروم ثورموند، الذي بلغ 100 عام، في 2002، قبل أن يتقاعد بقليل. ومع ذلك، فإن الجمهوريين يغازلون جراسلي علانية، ويريدونه أن يبقى في المؤسسة التشريعية.
وقال السيناتور الجمهوري عن فلوريدا، ريك سكوت، الرئيس القادم للجنة الوطنية لمجلس الشيوخ، إن جراسلي يخطط لاتخاذ قراره بحلول منتصف العام المقبل. من جانبه، صرح جراسلي قائلاً: «لقد شجّعني العديد من زملائي على الترشح مرة أخرى، وأنا أحب عملي، لهذا السبب أستيقظ في الساعة الرابعة صباحاً، كل يوم، وأنا أول شخص يأتي إلى المكتب، ومستعد للعمل». ويميل السيناتور عن ولاية أيوا إلى الاستمرار في الخدمة، قائلاً: «لدي الكثير من العمل الذي لم أنجزه حتى الآن لسكان ولاية أيوا».
قرار شخصي للغاية
وُصف السيناتور السابق عن ولاية كارولينا الجنوبية، ستروم ثورموند، الذي خدم في مجلس الشيوخ حتى سن الـ100 عام، بأنه مرتبك وغير قادر على أداء واجباته، بشكل مناسب، مع نهاية فترة ولايته. وبدا سيناتور أريزونا السابق جون ماكين، الذي خدم حتى سن الـ81 عاماً، مرتبكاً أثناء استجوابه لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، جيمس كومي، خلال تحقيق عام 2016 في رسائل البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون. واستمر ماكين في تلقي الثناء باعتباره بطلاً جمهورياً مناهضاً لترامب. وحتى وفاتها أخيراً، في سبتمبر، كان مصير الديمقراطية الأميركية بأكمله يقع على روث جينسبيرغ، القاضية في المحكمة العليا، التي بلغت 87 عاماً، وظلت في المحكمة خلال معركتها مع سرطان البنكرياس.
وقال أعضاء مجلس الشيوخ المسنّون إن قرار الترشح والبقاء في الخدمة، شخصي، لدرجة أنهم لا يناقشونه مع بعضهم بعضاً. وبعد إعلانه قراره، قبل عامين، قال السيناتور لامار ألكسندر إنه أعطى ميتش ماكونيل، صديق عمره لـ50 عاماً، تلميحاً بسيطاً لما كان يفكر فيه. وقال السيناتور بات روبرتس إن أحداً لم يسأله كيف قرر التقاعد، «إنهم يطلبون مني النصيحة، بشأن أشياء أخرى، لكن هذا قرار خاص جداً».
اختبار المهارات
أوضح مكتب تشارلز جراسلي أن السيناتور كان يركض لـ13 يوماً متتالياً، خلال أزمته الصحية الأخيرة، على الرغم من أن جولاته الصباحية اقتصرت، الآن، على ميلين فقط. ويخطط السيناتور ليهي لإجراء مناقشة مع زوجته واتخاذ قرار نهائي، في نوفمبر، وهو جزء من تقليده الطويل الأمد لاتخاذ القرار، قبل عام من مواجهة الناخبين. وقال المتحدث باسمه، ديفيد كارل، «لم تتح له الفرصة لاختبار مهاراته في الغوص أثناء الوباء، لكنه يأمل في الحصول على فرصة للقيام بذلك قبل نوفمبر المقبل». ويبدو أن ريتشارد شيلبي، 86 عاماً، أقل ميلاً للترشح، مرة أخرى. وكان السيناتور يُعتبر، في السابق، من أكثر جامعي التبرعات في مجلس الشيوخ، وقد جمع 261 ألف دولار لحساب حملته منذ عام 2017. وقال إنه سيحسم أمره في أواخر يناير «أعتقد أن على الجميع تقييم وضعهم الخاص، وماذا يريدون القيام به، والمدة التي يريدون البقاء في المجلس، وماذا يفعلون عندما يكونون هنا، وما هي فرصهم». وكان شيلبي قد شغل منصب رئيس لجنة المخصصات، ومقعداً في الصف الأول لأعضاء مجلس الشيوخ. فيما اضطر ثاد كوكران إلى الاستقالة من منصبه في منتصف المدة، وتوفي اثنان من رؤساء اللجان السابقين، وهما روبرت بيرد ودانييل إينوي، أثناء فترة خدمتهما.
تضاعف الرقم
في 20 يناير، سيؤدي الديمقراطي جو بايدن، 78 عاماً، اليمين الدستورية رئيساً للبلاد رقم 46، خلفاً للرئيس دونالد ترامب، البالغ من العمر 74 عاماً. ووفقاً لمكتب إحصاءات العمل، كان الموظفون والعمال، الذين يبلغون من العمر 55 عاماً وما فوق يمثلون 12.7%، من إجمالي القوى العاملة الأميركية، في 1999. لكن بحلول العام الماضي، تضاعف هذا الرقم تقريباً إلى 23.4%. وهذا على الرغم من أن تلك الدراسة لم تشمل الموظفين الذين بلغوا الـ80 من العمر وما فوق.
100
عام، عُمر ستروم
ثورموند أكبر عضو خدم في مجلس الشيوخ الأميركي.
- اكتسبت مسألة العمر أهمية جديدة في الأسابيع الأخيرة، إذ أعلنت السيناتور فاينشتاين أنها ستتنحى عن منصبها كأكبر عضو في اللجنة القضائية، لكن ظلت الأسئلة تدور حول قدراتها الذهنية لسنوات عدة.