معركة سياسية سودانية بسبب الفنانة ندى القلعة
فجّرت الفنانة السودانية، ندى القلعة، معركة حامية في الساحة السودانية، بعد أن أضافت كلمة «قحت» (اختصار تعبير قوى الحرية والتغيير، الحاضنة السياسية لقوى الثورة السودانية)، لأغنيتها «يمه السياسة»، مثيرة استياء المؤلف الذي نفى أن تكون الكلمة ضمن نصه، واستياء أصوات منضوية في «الحرية والتغيير»، التي تضم نحو 80 تجمعاً سياسياً مدنياً سودانياً.
وكانت الفنانة ندى القلعة قد أضافت كلمة «قحت» في نص أغنية «يمه السياسة» التي غنتها أخيراً، والتي انتقدت فيها ما فعلته السياسة في السودان، وهاجمت جميع الأحزاب السياسية ومسيرتها، وما سمته لعبة الكراسي، معتبرة أنها مسؤولة عما حدث تاريخياً من إخفاقات، وأن الثابت الوحيد هو الناس البسيطة (اللي في حالها)، بحسب كلمات الأغنية. وجاءت الانتقادات لندى، التي وصفها البعض بـ«عدوة الثورة»، بعد أن استبدلت كلمة «لا جبهة ولا شيوعي» بعبارة «لا قحت ولا شيوعي»، بما يعني مساواتها لـ«الجبهة القومية الإسلامية»، المعبّرة عن الإنقاذ وحكم الإخوان المسلمين، التي تفجرت ثورة ديسمبر ضدها، بـ«قوى الحرية والتغيير» التي قادت الثورة.
الكلمات قبل «الحرية والتغيير»
وقال مؤلف الأغنية، الشاعر عبدالوهاب هلاوي، في تصريحات نقلتها الصحف السودانية «قمت بكتابة قصيدة (يمه السياسة) قبل خمس سنوات، ولم تكن قوى (الحرية والتغيير) (قحت) موجودة وقتها، وقمت بنشر القصيدة في الصحف. وأخيراً اتصلت الفنانة ندى القلعة بي، وقالت إن القصيدة أعجبتها، وتريد أن تغنيها، فوافقت، إلا أنني فوجئت بإقحامها كلمة (قحت) أثناء الغناء، ولما سألتها من أين أتت بهذه الكلمة، قالت: إنها إضافة من عندي».
وتابع هلاوي «في نظري ما فعلته ندى القلعة أمر خاطئ لم يرق لي، وعلى ندى تحمل تبعات ذلك. فهل يُعقل بعد هذا الكفاح الطويل أن أكتب كلمة تشوه النص الذي يعبر عن رؤيتي للسياسة في السودان؟».
يذكر أن هلاوي قال في حوار صحافي لصحيفة «الجريدة» في يناير 2018، مع نص منشور للقصيدة، إنه «لم ولن تكون لي علاقة بالسياسة، ولا يعجبني أولئك الذين يخلطون الوطن بالحكومة».
لا يحق للمطرب تغيير الكلمات
وقال الصحافي والمحلل السوداني المقيم بالقاهرة، عبدالجليل سليمان، لـ«الإمارات اليوم» إنه «ليس من حق المطرب أو المطربة أن يغير كلمات أغنية دون الرجوع إلى المؤلف، والحصول على موافقته الصريحة على هذا التغيير في كل الأحوال، وأياً كانت كلمات أو مجال الأغنية». وتابع سليمان «وحتى القول بأن الأغنية تنتقد كل الأحزاب السياسية من كل الاتجاهات، و(قحت) التي تعني (قوى الحرية والتغيير) هي مظلة لأحزاب سياسية، لا يبرر قيام ندى القلعة بإضافة كلمة (قحت) دون استئذان، لأن الكلمة لها معنى معين، وتاريخ معين، مرتبط بثورة ديسمبر».
ورداً على ما قالته ندى القلعة من رفضها عرض حزب معين لضمها إلى صفوفه، قال سليمان إن «ندى القلعة لم يكن لها توجه سياسي في يوم من الأيام، وكانت أيام الرئيس المعزول عمر البشير تغني في حفلات حكومية، وبالتالي فإن كلامها عن العرض المذكور يفتقد الصدقية، كما أن اليسار السوداني كان يعتبرها مدافعة عن أفكار مرفوضة من وجهة نظره».
وعن موقف ندى القلعة من الثورة السودانية، قال سليمان إن «ندى لم تظهر في ثورة ديسمبر 2018، لا في الميادين ولا في أغنيات من الاستوديو، وقبلها كانت أقرب إلى نظام البشير، وكانت أغانيها مرتبطة بالأعراس، وكانت مثاراً لضجة إعلامية كل فترة، مثل حفلات نيجيريا، وغيرها».
وحول الانتقادات التي وجهتها الفنانة السودانية، نانسي عجاج، لندى، بعد ظهورها بزي عسكري في أوبريت، قال سليمان إن «هذا يحدث في دول أخرى كثيرة، خصوصاً عندما تكون البلاد في حرب وطنية. لكن ربما لأننا في لحظة انتقالية بها شراكة بين قوى عسكرية ومدنية، وينتظر السودانيون فيها الانتقال التام إلى حياة مدنية ديمقراطية، فقد يتم النظر أحياناً بحساسية إلى مثل هذه اللقطات».
يذكر أن ندى القلعة ولدت في الأول من فبراير 1975، واسمها الحقيقي ندى محمد عثمان، أما القلعة فهو اسم المنطقة التي كانت تسكن فيها في الخرطوم وقت ظهورها. احترفت ندى القلعة الغناء منذ 23 عاماً، ولها 240 أغنية، بعضها من تلحينها.
الطريف أن ندى القلعة أصبحت محل خلاف فكري بين المثقفين السودانيين، ففي حين اعتبر المفكر وعالم الاجتماع الدكتور حيدر إبراهيم أنها، رغم كونها معبّرة عن ثقافة فرعية «كانت ظاهرة مثّلت ثقافة مضادة للهيمنة الرسمية في زمن الإنقاذ»، حسب مقال نشره إبراهيم في «الراكوبة» عام 2008. واعتبرها الكاتب السوداني، الفاضل الهاشمي، أنها «مغنية السلطة والأمن» في تلك الحقبة، وقال حيدر إبراهيم أيضاً إن ما شجعه للكتابة عنها، كتابة المفكر الفلسطيني البارز، إدوارد سعيد، عن الفنانة «تحية كاريوكا».
كلمات أغنية
«ما بريد يُمّه السياسة»
ما بريد يمه السياسة
ولا الحكومات من أساسا
لاني جبهه ولا شيوعي
لاني امه ولا اتحادي
عشقي ساكن بين ضلوعي
لي عيون شعبي وبلادي
وما بحب لعب الكراسي
الماسي ورا الماسي...
انتكاسه ورا انتكاسه..
وما بريد يمه السياسة
جني جن..
شمسا تبقبق
غير تنور ليها عتمه..
جني جن..
ناسا تنقنق..
غير تحلحل ليها أزمه
وجني جن..
ناسا تصفق
لما تسمع ليها كلمه
الطواحين التدقدق...
غير توفر ليها لقمه
ودمعة الناس التعاسه..
وما بريد يمه السياسة
ولا الحكومات من أساسا
الله لي عمال بلدنا...
راجعه ساعة المغربيه
والله لي أصوات رعدنا
في الأراضي السندسيه
والله للناس الفي حالها
بين سواقيها وظلالها..
بين طبولها ودق نحاسا
وما بريد أصلو السياسه
ولا الحكومات من أساسا.....
ندى لم تظهر في ثورة ديسمبر 2018، لا في الميادين ولا في أغنيات من الاستوديو، وقبلها كانت أقرب إلى نظام البشير، وكانت أغانيها مرتبطة بالأعراس، وكانت مثاراً لضجة إعلامية كل فترة، مثل حفلات نيجيريا، وغيرها.