بيسان حميد.. ساعية البريد الأولى في فلسطين
على مساحة تبلغ سبعة كيلومترات مربعة، يعيش (15000) مواطن فلسطيني في بلدة بيت ساحور، شرق مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، وجميع الخدمات البريدية لهؤلاء السكان تشرف عليها فتاة فلسطينية.
فمنذ ساعات الصباح الباكر، تعمل الفتاة بيسان حميد بجهد منقطع النظير رغم حرارة الشمس، ونظرة محيطها الاجتماعي السلبية، فهي من تستلم الطرود من مكاتب بريد البلدة، وتوزعها على المنشآت السكنية والخدمية بشكل يومي.
بيسان حميد (27 عاماً) من بلدة بيت ساحور، تغلبت على ظروفها المعيشية ونظرة المجتمع السلبية، لتثبت جدارتها وتحظى بفرصة عمل أكسبتها لقب أول فتاة فلسطينية تعمل ساعية بريد، فمنذ بداية عام 2021 عملت (بيسان) في مكتب بريد مدينة بيت لحم، قبل أن تصبح ساعية للبريد في بيت ساحور.
رحلة كفاح
مشوار الكفاح والمثابرة للفتاة بيسان حميد بدأت بعد تخرّجها في المرحلة الجامعية في عام 2014، وحصولها على دبلوم إنتاج أفلام وثائقية من «كلية دار الكلمة» في مدينتها بيت لحم، حيث لم تجد فرصة عمل مناسبة لتخصصها الجامعي، فخاضت رحلة طويلة تنقلت خلالها بين العديد من المؤسسات في بيت لحم، للحصول على مصدر دخل ثابت لها ولأسرتها، ولكنها لم تستمر طويلاً.
وتقول بيسان في حوار خاص مع «الإمارات اليوم»: «منذ التخرج في الجامعة، لم أجد مكاناً مناسباً أو فرصة متاحة، وقبل أن أعمل في البريد الفلسطيني، عملت في أماكن ومجالات مختلفة، في التصوير والإعلام، ومجال التسويق والمبيعات، ولكن لم أستمر في العمل، لقلة فرص التوظيف المتاحة والمناسبة داخل البلد».
وبعد طول عناء، شهد مشوار (بيسان) تحولاً كبيراً، حيث بدأت تسير على خطى تحقيق طموحاتها وإثبات جدارتها، لتحظى بفرصة تدريب في مكاتب بريد مدينة بيت لحم، ولكن تداعيات جائحة كورونا، حالت دون استمرار هذه الفرصة.
في بداية العام الجاري، عادت (بيسان) لاستلام مهام العمل في مكاتب بريد مدينة بيت لحم، لتحصل بعد ذلك على وظيفة رسمية حكومية في المكاتب البريدية، مكنتها من الإشراف على البريد في بلدة بيت ساحور.
وتقول «بعد جائحة كورونا تلقيت عرض عمل في مكتب البريد الفلسطيني في مدينة بيت لحم، وقد لاقى هذا العرض قبولاً كبيراً من عائلتي، الذين شجعوني على خوض هذه التجربة المهنية الجديدة».
وتشير إلى أنها حصلت على عقد توظيف رسمي في بداية العام الجاري في مكتب البريد الفلسطيني، لتتسلم مهام توزيع البريد في بيت ساحور، موضحة أن عملها كساعية بريد هي فكرة جديدة لتجاوز حاجز الخوف تجاه نظرة المجتمع.
تجاوز الصعاب
تواجه ساعية البريد (بيسان) العديد من الصعاب أثناء عملها، وأبرزها أشعة الشمس، وحرارة الجو، فعملها الخارجي المتخصص في توزيع طرود البريد تنجزه دون وسيلة تنقل.
وتقول: «إن وظيفتي اليومية لا تخلو من الصعاب، وأشدها مرارة، صعوبة المرور في حال عبرت الحواجز العسكرية، فأنا أتنقل بين أحياء وقرى بلدة بيت ساحور، وفي أغلب المناطق يوجد حواجز للاحتلال، حيث يتعمد الجنود تأخير حركة وتنقل الفلسطينيين عبر هذه البوابات العسكرية لأسباب مجهولة، وهذا يتسبب في تأخري عن العمل».
وبالانتقال إلى مشهد آخر فمن التحديات التي اعترضت مشوار (بيسان) المهني، نظرة محيطها المجتمعي تجاه عملها، واستهجان الكثير لها، كونها تعمل في وظيفة مخصصة للرجال.
وتقول: «تخطيت الحاجز النفسي تجاه جميع الانتقادات الموجهة لي بصورة مباشرة وغير مباشرة، كما تجاوزت الصورة النمطية الخاطئة، وأبدلتها بصورة مشرقة».
وتضيف «أتمنى أن تجد فتيات أخريات مثلي في المحافظات الفلسطينية، فرص عمل مناسبة في البريد الفلسطيني، وجميع المؤسسات الرسمية والأهلية، لتخطي هاجس عدم الثقة بقدرات المرأة داخل المجتمع، حيث لا يوجد فرق بين الأنثى والرجل في مجالات العمل كافة».
وتختتم ساعية البريد الفلسطينية حديثها قائلة: «إن طموحي لا يتوقف عند حد معين، أو وظيفة معينة، فأنا مستمرة في مشوار النجاح في عملي، لخوض تجربة جديدة وفريدة، وخطوة انتقالية في مشواري المهني».
تواجه ساعية البريد «بيسان» العديد من الصعاب أثناء عملها، وأبرزها أشعة الشمس، وحرارة الجو، فعملها الخارجي المتخصص في توزيع طرود البريد تنجزه دون وسيلة تنقل.
بيسان حميد: «تخطيت الحاجز النفسي تجاه جميع الانتقادات الموجهة لي بصورة مباشرة وغير مباشرة، كما تجاوزت الصورة النمطية الخاطئة، وأبدلتها بصورة مشرقة».