«أتيليه القاهرة» يحتفي بشاعر قصيدة المقاومة في حرب 1956
احتفى «أتيليه القاهرة»، الأسبوع الماضي، بذكرى شاعر الرفض والمقاومة والحب والغرام، كمال عبدالحليم، الذي اشتهر بقصيدة «دع سمائي فسمائي محرقة» التي انتشرت كأيقونة في مصر والعالم العربي في حرب 1956، التي تعرضت فيها مصر لعدوان ثلاثي من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، ثم قررتها الحكومة المصرية ضمن مناهج المدارس في العقود التالية. يجيء الاحتفال بمناسبة صدور سيرة حياة عبدالحليم في كتاب حمل عنوان «كمال عبدالحليم شاعراً ومناضلاً» للكاتب محمد حسن، وتضمن شهادات لشخصيات مصرية وعربية، من بينها الشاعر السوداني محمد الفيتوري، والمفكر المصري محمود أمين العالم، والكاتب الصحافي مصطفى أمين، والروائي جمال الغيطاني، والكاتب الصحافي محمد عودة، وآخرون.
أدار الندوة جمال عثمان، الذي تعرض لحياة، كمال عبدالحليم، التي جمعت بين الأدب والسياسة، حيث كتب الشعر وهو طالب في الثانوية، والتحق بالتوازي بالنضال السياسي ضد الاستعمار، ومن أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، منذ مطلع الأربعينات، حيث تعرض للاعتقال في أعوام 1953، و1966، و1967، كما ظل مطارداً ومطلوباً القبض عليه لأسباب سياسية، في الفترة مابين 1959 إلى 1964.
اشتهر كمال عبدالحليم، بحسب الكتاب بموقفين مهمين في التاريخ السياسي المصري، أولهما استشهاد رئيس الوزراء المصري الراحل، اسماعيل صدقي، بأشعاره وتلاوته لها في البرلمان، مشيراً إلى مدى خطورتها التحريضية، ليقنع البرلمان بتدبير حملة اعتقالات واسعة ضد الحركة الوطنية عام 1946، وثانيهما نظمه لقصيدة حماسية أثناء حرب 1956 تحولت إلى نشيد للمقاومة الشعبية، بعد أن لحنها الموسيقار المبدع علي إسماعيل، وغنتها الفنانة فايدة كامل، حيث تقول كلماتها (دع سمائي فسمائي محرقة، دع قناتي فمياهي مغرقة، واترك الأرض فأرضي صاعقة. هذه أرضي أنا، وأبي ضحى هنا، وأبي قال لنا مزقوا أعداءنا).
الجدير بالذكر ان الأغنية المشار اليها دفعت مسؤولاً بريطانياً للتصريح لمحطة «بي بي سي» أنه «لو استطعنا إرسال 20 طائرة لإسكات هذه الأغنية لما ترددنا»، كما حفزت الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، لمنح الفنانة فايدة كامل وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، تقديراً لدورها الوطني بعد الحرب، كما تحولت الأغنية إلى بند ثابت في الاذاعات الفلسطينية التي انطلقت من القاهرة بعد حرب 1967 كإذاعة (الصاعقة)، كما أنها تعرضت لتغييرات عدة في كلماتها، لمواءمات فنية سياسية، مثل تغيير كلمة (مات هنا) إلى (ضحّى هنا)، أو حذف الكوبلهين الأخيرين اللذين يبدآن بـ«أنا أقسمت بحبات الرمال، وبأجساد جنودي في القنال، وبأمجاد النضال وجمال»، بحسب متابعين ونقاد.
وقد استعرض مؤلف الكتاب، محمد حسن، حياة كمال عبدالحليم الذي تعرف المؤلف إلى شعره في المرحلة الابتدائية، اثناء دراسته لقصيدة «دع سمائي» التي كانت مقررة ضمن المنهج التعليمي، كما تعرف اليه شخصياً مرتين، كانت أكثرهما عمقاً بعد تظاهرات 1977 في مصر، وتطرق المؤلف إلى سيرة عبدالحليم النضالية، من مقاومة الاستعمار والقصر والانجليز قبل 1952، ثم دفاعه عن قيم الحرية والعدالة بعدها، وحتى تركيزه على الدور التنويري بإنشاء «دار الغد» في السنوات الأخيرة من حياته.
هذا وأشارت شهادة المفكر المصري الراحل، محمود أمين العالم، المتضمنة في الكتاب، إلى حادثة استشهاد رئيس وزراء مصر السابق إسماعيل صدقي باشا، بأشعار عبدالحليم أمام أعضاء البرلمان، للسماح له بشن حملة على الحركة الوطنية المصرية المطالبة بالحرية والاستقلال من الإنجليز، بحجة تبنّيها لأفكار تحريضية عام 1946، وقراءة صدقي لأبيات مطولة من هذه الاشعار لإظهار مدى ما تحمل الأبيات، ويحمل المثقفون، والحركة الشعبية التي كانت تتظاهر وقتها في الشارع، من خطورة.
من جهتها، أشارت زوجة كمال عبدالحليم، مديحة أبوالعز، في شهادتها إلى أنها لم يكن لها اي علاقة بالأدب أو الفن أو السياسة، لكنها بحكم ارتباطها به كانت تعرف عمق صلاته بكثير من مشاهير السياسة، وكذلك بمشاهير الفن مثل آمال فريد، وتحية كاريوكا، ومحرم فؤاد.
في الاتجاه ذاته، روى الشاعر محمود توفيق في شهادته عن صديق عمره ورفيق صباه كمال عبدالحليم، انه فوجئ ذات يوم وهم في الثانوية اثناء العطلة الصيفية، بأغنية عاطفية تغنيها مطربة مشهورة من أشعار كمال عبدالحليم، ثم تلتها أغنية عاطفية أخرى للمطربة نفسها، ثم عرف حين التقى عبدالحليم، انه تعرف الى هذه المطربة التي كانت تغني ضمن حلقة محدودة من أهلها ومعارفها في منزلها بالقلعة، ونتج عن ذلك إيلاؤه اهتماماً خاصاً بها، لكن هذه المطربة «أعطته ظهرها» بتعبير توفيق، وفضلت عليه شخصاً آخر كان وقتها ضابط شرطة شاباً، وأصبح لاحقاً وزير داخلية مصر.
• أشارت زوجة كمال عبدالحليم، مديحة أبوالعز، إلى أنها لم يكن لها أي علاقة بالأدب أو الفن أو السياسة، لكنها بحكم ارتباطها بالشاعر كانت تعرف عمق صلاته بكثير من مشاهير السياسة، وكذلك بمشاهير الفن.