الضباط قيدوا أيدي الرجلين ثم عذبوهما مراراً وتكراراً. أرشيفية

ضباط شرطة يرتكبون جريمة عنصرية بحق رجلين من السود في ولاية ميسيسبي

في مساء يوم 24 يناير، تلقى ثلاثة ضباط شرطة في مقاطعة رانكين، ميسيسبي، رسالة نصية من ضابط آخر في النوبة نفسها، يدعى كريستيان ديدمون، وتقول الرسالة «هل أنتم جاهزون للقيام بإحدى المهام؟»، وأبلغ الضابط ديدمون زملاءه هانتر إلوارد، وجيفري ميدلتون، ودانيال أوبديك بأنهم سيذهبون إلى مبنى في منطقة براكستون، على بعد نحو 30 ميلاً جنوب جاكسون، للتعامل مع شكوى تلقاها كبير محققي المكتب، بريت ماك ألبين.

كان البلاغ من رجل أبيض يدعى مكالباين، ادعى أن عدداً من الرجال السود يقيمون في منزل امرأة بيضاء هناك، وأنه شاهد سلوكاً مشبوهاً. وحذر ديدمون الضباط من احتمال وجود كاميرات مراقبة على الممتلكات. فإذا رصدوا أي كاميرات، عليهم أن يطرقوا الباب بدلاً من ركله. ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، فلهم حرية الدخول دون أمر قضائي.

فهم الضباط ما قصده، لقد حصلوا على الضوء الأخضر لاستخدام القوة المفرطة على مناطق من جسم الشخص المستهدف لا يمكن للكاميرات التقاطها في صورة مجردة. وأخبر ديدمون الضباط الآخرين عبر الراديو بأن رجلاً آخر، ضابط شرطة خارج الخدمة في ريتشلاند، اسمه جوشوا هارتفيلد، سيرافقهم أيضاً. وسار الرجال الخمسة في أربع سيارات منفصلة، واقتحموا ممر المنزل المكوّن من أربع غرف نوم على طراز المزارع. كان ماكلباين موجوداً بالفعل في الحي، يراقب المبنى من أسفل الشارع، ويتبعهم من الخلف.

تجنب الضباط كاميرا مراقبة فوق الباب الأمامي. كسر ديدمون وأوبديك وإلوارد باب المرآب، وفتح هارتفيلد الباب الخلفي. وعند دخولهم المنزل وجد الضباط رجلين من السود: هما إيدي باركر ومايكل جنكينز. كان باركر يعيش هناك للمساعدة في رعاية المرأة التي تملك المبنى. وكان جنكينز، صديقه، يقيم هناك مؤقتاً. خلال الساعتين التاليتين، تعرض باركر وجنكينز لعنف شديد على يد ضباط إنفاذ القانون، بلغت ذروته عندما أطلقوا النار على جنكينز في فمه.

تم إدراج حالات الرعب والتعذيب الذي تعرض له الرجلان - بالإضافة إلى الرسائل النصية والتفاصيل الأخرى الواردة في هذا التقرير - في وثيقة المحكمة الفيدرالية المقدمة في 31 يوليو. واتُهم الضباط بارتكاب 13 جناية فيما يتعلق «بالتعذيب الجسدي». وتصف وثيقة الاتهام الفيدرالية كيف تم تعذيب الرجلين، وتقييد يديهما، ثم تعذيبهما مراراً وتكراراً. وأقر الضباط، الذين طُردوا أو استقالوا بعد الحادث، بالذنب في جميع التهم الموجهة إليهم في محكمة اتحادية يوم الخميس الماضي.

ويواجه هؤلاء الضباط السابقون تهماً حكومية – حيث يواجه جميعهم تهمة التآمر لعرقلة سير العدالة، وأربعة منهم متهمون بعرقلة سير العدالة من الدرجة الأولى، واثنان متهمان باقتحام منزل، وواحد بالاعتداء الجسيم - ومن المتوقع أن يعترفوا بالذنب كجزء من صفقة من ضمنها الاعتراف. وقالت مساعدة المدعي العام كريستين كلارك، من قسم الحقوق المدنية بوزارة العدل: «لا ينبغي أبداً أن يتعرض أي إنسان لهذا النوع من أعمال العنف المرعبة والتعذيب، والصدمة التي ارتكبها ضباط إنفاذ القانون هؤلاء».

ألوان من التعذيب

لم يقاوم كل من جنكينز ولا باركر الضباط بعد أن دخلوا المنزل في تلك الليلة. طلب ديدمون من باركر أن يخبره عن مكان تخزين المخدرات في المنزل، وقال باركر إنه لا توجد مخدرات. قام ديدمون بسحب بندقيته، وأطلق رصاصة في جدار غرفة الغسيل المجاورة، قبل أن يأمر باركر للمرة الثانية بالكشف عن المخدرات. أصر باركر، مرة أخرى، على عدم وجود مخدرات. ثم اقتاد الضباط الرجلين إلى غرفة المعيشة، وامطروهما بالشتائم العرقية واتهموهما باستغلال المرأة البيضاء التي كانت تملك المنزل. وأمروهما بالبقاء خارج مقاطعة رانكين، والعودة إلى موقعهم من نهر اللؤلؤ، في إشارة إلى الأحياء التي يتكون معظم سكانها من السود. وظل ديدمون يفاجئ جنكينز مراراً وتكراراً بصقعات كهربائية من الصاعق الكهربائي الذي يحمله، وكان يضعه مباشرة على مناطق من جسده، بينما ظل الضباط يسخرون من الرجلين. وكما جاء في وثيقة الاتهام أن الضباط أجبروهما بعد ذلك على خلع ملابسهما والاستحمام معاً «لإزالة أدلة الانتهاكات»، قبل نقلهما إلى السجن. وقالت الوثيقة إن ديدمون وميدلتون وهارتفيلد وإيلوارد بدؤوا بعد ذلك بمضايقة الرجلين بشكل متكرر. ثم وضعوهما على أرضية غرفة المعيشة، وظل ديدمون يسكب الحليب والكحول وشراب الشوكولاتة على أفواههما. وسكب ديدمون شحم الطبيخ على رأس باركر. وألقى إلورد البيض على كلا الرجلين. وادخل إلوارد رصاصة في بندقيته، وأجبر جنكينز على الركوع على ركبتيه، ووضع المسدس في فمه، ثم ضغط على زناد البندقية، لكن الرصاصة لم تنطلق. ثم ضغط الزناد مرة أخرى، فمزقت الرصاصة لسان جنكينز، وكسرت فكه، وخرجت من رقبته.

التستر على الانتهاكات

جاء في وثيقة الاتهام الفيدرالية أن جنكينز كان ينزف وهو ملقى على الأرض، بينما اجتمع الضباط في الشرفة الخلفية لابتكار قصة يتسترون بها على ما اقترفوه. أخبر الضباط الستة المحققين فيما بعد أن الضابط ديدمون عثر على أكياس مخدرات بحوزة جنكينز خارج المنزل، وركض الضباط إلى الداخل لمطاردة جنكينز. وزعموا أن إلوارد أطلق النار عليه دفاعاً عن النفس، وكان إلوارد هو الضابط الوحيد الذي دخل المنزل في ذلك الوقت.

وبدأ الضباط في إتلاف الأدلة، وقالت الوثيقة إن ميدلتون اقترح وضع بندقية، كانت بحوزته في سيارة الدورية، بجانب جنكينز. وكان جينكينز في ذلك الوقت لايزال ينزف ولا يتلقى عناية طبية. وتخلصوا من رصاصة فارغة، وألقى هارتفيلد ملابس الرجلين المتسخة في منطقة حراجية، ثم أخذ الضباط القرص الصلب الخاص بنظام مراقبة المنزل، وتخلصوا منه برميه في مجرى مائي.

وهدد مكالبين وميدلتون بقتل الضباط الآخرين إذا اعترفوا بحقيقة ما حدث في تلك الليلة. وقدم كل من الضباط تقارير كاذبة لتأكيد قصة التستر الخاصة بهم، واستمروا في الالتزام بالنص الكاذب في المقابلات مع مكتب التحقيقات في ميسيسبي، الذي حقق في البداية في الحادث على أساس أن أحد الضباط أطلق النار على جنكيز، وفقاً لبيان صحافي صدر في 25 يناير عن إدارة السلامة العامة في ميسيسبي. ولم يقدم البيان أي تلميح لما حدث للضحايا لاحقاً. في ذلك الوقت، قال مسؤولون محليون إن الضباط كانوا في المنزل لمكافحة المخدرات.

ظهور الحقيقة

في أواخر يونيو، أعلن شريف مقاطعة رانكين، بريان بيلي، طرد بعض ضباط مكتبه، رغم أنه لم يؤكد عددهم أو أسماءهم. وتم إسقاط التهم الكاذبة التي تم تقديمها ضد جنكينز وباركر، في الوقت الذي تم فيه طرد الضباط. وفي منتصف يونيو رفع كل من باركر وجنكينز دعوى قضائية اتحادية لما حدث لهما في تلك الليلة، زاعمين أن ستة ضباط من البيض قد أغلقوا كاميراتهم الشخصية، وقاموا بتقييد أيديهما، وركلوهما، وأغرقوهما في الماء، وأوسعوهما لكماً، واستخدموا مسدسات الصعق الكهربائي بشكل متكرر على جسديهما، وتلفظوا في حقهما بألفاظ عنصرية، وهددوا بقتلهما.

عندما وصل طاقم الطوارئ الطبي إلى مكان الحادث، تم نقل جنكينز إلى المستشفى، وخضع لعمليات جراحية عدة. وتفيد الدعوى المدنية بأنه تعرض لإصابات جسدية دائمة، وأضرار في الإدراك، بما في ذلك التشوه والضعف. وأضافت الدعوى أن باركر سعى أيضاً للحصول على رعاية طبية للإصابات التي لحقت به خلال الحادث.

التحامل على السود

بعد كل الاهتمام الذي ولّدته حركة العدالة العرقية التي تقودها منظمة «حياة السود مهمة»، بعد وفاة المواطن الأميركي الأسود، جورج فلويد، على يد الشرطة في عام 2020، تُظهر البيانات الجديدة أن عدد السود الذين قتلوا على يد الشرطة قد ارتفع بالفعل على مدار العامين الماضيين.

ووفقاً للبيانات التي جمعتها «واشنطن بوست»، أطلقت الشرطة النار وقتلت ما لا يقل عن 1055 شخصاً على مستوى البلاد، العام الماضي، وهو أكبر عدد منذ أن بدأت الصحيفة في تتبع عمليات إطلاق النار القاتلة من قبل الضباط في عام 2015.

وكان السود يمثلون 27% من أولئك الذين قتلوا بالرصاص على أيدي الشرطة في عام 2021، وفقاً لمجموعة بوليس فايولانس مابينغ، وهي مجموعة غير ربحية تتعقب عمليات إطلاق النار من قبل الشرطة. وهذا يعني أن السود أكثر عرضة للإصابة بالرصاص والقتل على أيدي ضباط الشرطة بمقدار الضعف مقارنة بالبيض.

شارة إنفاذ القانون تلطخت

خلال مقابلة مع «سي إن إن»، في يونيو الماضي، قال جينكينز وباركر إنهما حاولا رواية قصتهما في الأشهر التي سبقت الدعوى، لكن لم يتم تصديق روايتهما في كثير من الأحيان. وقال باركر: «كان الأمر صعباً، لأننا كنا نواجه رجالاً يجب أن تكون حياتهم المهنية جديرة بالثقة.. لم نكن نفكر مطلقاً من قبل أن شيئاً كهذا سيحدث لنا».

على مستوى الولاية فإن الضباط الستة السابقين متهمون بالتآمر للإخلال بالعدالة، وفقاً لمكتب المدعي العام في ميسيسبي. ديدمون متهم بالدخول عنوة إلى المنزل، وإيلوارد متهم باقتحام المنزل والاعتداء المشدد. وقال محامي أوبديك إن كل واحد من الضباط السابقين اعترف بخطئه، وسيقرون بالذنب في جميع التهم الموجهة إليهم في محكمة دائرة مقاطعة رانكين. ويضيف «إن موكلي يتحمل المسؤولية عن دوره في الأضرار المروعة التي ارتكبت بحق جينكينز وباركر، وهو مستعد لمواجهة عواقب سوء سلوكه».

قال شريف مقاطعة رانكين، بريان بيلي، خلال مؤتمر صحافي يوم الخميس، إنه «يشعر بالخجل، وإن شارة إنفاذ القانون تلطخت بسبب الأعمال الإجرامية لهؤلاء الأفراد القلائل». وقال الشريف أيضاً إنه لا يعتزم الاستقالة في أعقاب التهم الموجهة إلى الضباط الستة. ولا يواجه بيلي أي تهم فيما يتعلق بالحادث. وقال: «الشيء الوحيد الذي ألوم به نفسي في هذا الحادث هو وثوقي بالرجال الذين أقسموا اليمين للقيام بعملهم بشكل صحيح».

• الضباط تلقوا الضوء الأخضر لاستخدام «القوة المفرطة» على مناطق من جسم الشخص المستهدف، بعيداً عن كاميرات المراقبة.

• تعرّض باركر وجنكينز لعنف شديد على يد ضباط إنفاذ القانون، الذي بلغت ذروته عندما أطلقوا النار على جنكينز في فمه.

الأكثر مشاركة