«من لندن إلى مكة».. قصة رحلة حج أول بريطانية إلى الأراضي المقدسة
كشف كتاب ترجم أخيراً، وقائع رحلة أول بريطانية إلى الأراضي الإسلامية المقدسة في مكة المكرمة عام 1933، هي ليدي ايفلين جوبولد، بتصريح خاص من الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود، ووساطة من سفير السعودية في لندن الشيخ حافظ وهبة. وألقى الكتاب الأضواء على مشاعر الأوروبيين تجاه الإسلام والمسلمين في تلك الفترة، كما صوّر تفاصيل الحياة في المشرق الإسلامي، والحياة العربية بإجمال وقتئذ، وعلى مدينة جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة بشكل خاص.
ويتتبع الكتاب، الصادر عن دار السراج بالقاهرة، وترجمة هبة هنداوي، رحلة حياة ايفلين جوبولد الاسكوتلندية الأصل، والمولودة في إدنبره 1867 في الشرق الإسلامي عبر روايتها لرحلتها بنفسها، بدءاً من الجزائر التي قضت فيها أوقاتاً في طفولتها، إلى مصر التي زارت فيها بورسعيد وبورتوفيق والسويس ومناطق أخرى، وصولاً إلى جدة ومكة المكرمة، والمرور بتجربة الحج، التي وصفتها بأنها «أعظم تجارب البشر الملهمة» على وجدانها منذ الطفولة.
وكانت ايفلين جوبولد، التي أشهرت إسلامها في توقيت غير معروف، واختارت لنفسها اسم «زينب»، قد كتبت في مذكراتها: «غالباً ما يسألني الناس متى ولماذا أصبحت مسلمة؟ لا أملك إجابة واضحة، لأني لا أعرف اللحظة الدقيقة التي أشرق فيها إسلامي، يبدو أنني كنت مسلمة على الدوام».
وكان الشيخ حافظ وهبة، السفير السعودي في بريطانيا، قد ذكر في مقدمة النسخة الإنجليزية من الكتاب أن «الليدي ايفلين جوبولد حين طلبت منه تقديم تقريرها عن رحلة الحج التي قامت بها، انتابه شعور بالفخر والتشوق إلى أن يمتثل لرغبتها، لأن كتاباً من هذا النوع سيجمع الفائدة إلى المتعة في نقله لأحاسيس أول مسلمة بريطانية تجاه الأماكن الإسلامية المقدسة، كما أنه سيكون مفيداً لكل العقول العالمية المفكرة، حيث سيقدم صورة مباشرة وبقلم رشيق عن الحج عند المسلمين».
وترى ايفلين جوبولد في الكتاب، الذي صدرته في نسخته الإنجليزية بالبسملة، مكتوبة بالعربية، وآيات من سورة الحج، أن علاقتها بالإسلام بدأت عبر قضائها فترات من فصول الشتاء مع والديها في الجزائر، وعبر تعلمها للغة العربية التي تحدثتها مع رفيقاتها الجزائريات، لتتسلل معهن سراً لتزور أحد المساجد، ولتصبح مسلمة بالقلب، على حد تعبيرها.
وتروي ايفلين جوبولد قصة رحلتها إلى الحج التي بدأت وعمرها تجاوز الـ65 عاماً من مصر التي تعشقها، على حد قولها، إلى الأراضي المقدسة التي «نادتها»، كما تصف، كما تروي قلقها قبل انطلاق الرحلة، وخوفها من الإحباط، وألا يسمح لها بالدخول إلى الأراضي المقدسة، وبحثها عن صديق لها تعرفت إليه عام 1915 في «مسجد التوفيقية» في بورسعيد هو الشيخ سيد أحمد، حين هاجم الأتراك القنطرة، الذي وجدته في حجرة صغيرة بجانب المسجد مدفوناً وسط أكوام من الكتب، والذي أخبرها بأن زوجته قد توفيت، وإخبارها له بأنها متوجهة لزيارة بيت الله، وتمنياته لها بالتوفيق، وأمنيته بأن يكون مرافقها لولا ظروفه.