حركة طالبان سيطرت على أفغانستان بعد خروج الولايات المتحدة. من المصدر

«دول الجوار» لا تريد حرباً أهلية جديدة في أفغانستان

أعلن قائد جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية، أحمد مسعود، أخيراً، أنه سيهزم طالبان «مهما كانت الصعوبات»، ويرى مسعود أنه بحاجة إلى تعاون جمهوريات آسيا الوسطى، مثل إيران، أو باكستان، من أجل تشكيل تهديد عسكري على طالبان. ولكن الدول المجاورة لأفغانستان ليس لها أي مصلحة في اندلاع حرب أهلية أخرى في أفغانستان، يمكن أن تؤدي إلى انتشار العنف واللاجئين عبر حدودها، وتسبب تفككاً، واضطرابات اقتصادية.

وبعد عقدين من الفوضى خلال وجود الولايات المتحدة في منطقة هندوكوش، أصبح كل ما تريده المنطقة، هو استعادة الفرص في «العقود الضائعة» منذ عام 2001 حتى عام 2021.

ولا تفضل الدول المجاورة لأفغانستان حركة طالبان على أي مجموعة أخرى، وهي تعارض حكومة طالبان غير التمثيلية، وسياساتها تجاه النساء. ومع ذلك، يتعين على قادة هذه الدول حل مشاكل اليوم على الرغم من عدم رضاهم عن أساليب طالبان في الحكم.

جيران إلى الأبد

وكان نهج هذه الجمهوريات إزاء كابول هو «جيران إلى الأبد» أو بالنسبة للمتشائمين هو «أسى المواقع الجغرافية»، وقامت كازاخستان بإزالة طالبان من قائمة الإرهاب في ديسمبر عام 2023. ولم تعلن أوزبكستان مطلقاً بأن طالبان هي مجموعة إرهابية، وفي عام 2018، شجعت طالبان علانية على بدء التفاوض معها.

والتزمت تركمانستان الصمت بشأن موضوع طالبان، بما يتماشى مع سياستها، المتمثلة في الحياد الدائم. وقام رئيس جهاز الأمن في طاجيكستان بزيارة إلى كابول، لإجراء محادثات وصفت بأنها «مثمرة»، وفي الشهر نفسه أزالت جمهورية قيرغيزستان طالبان من قائمتها للمنظمات الإرهابية.

وتتعاون أفغانستان والدول المجاورة لها، لتسهيل التجارة والنقل بينها، من أجل تحسين الطرق وسكك الحديد في أفغانستان، ومساعدتها على تطوير مشاريع الري، وشحن الغاز الطبيعي من تركمانستان إلى أفغانستان، وباكستان، والهند، وبناء سكة حديدية من أوزبكستان إلى الموانئ البحرية في باكستان.

الأمن الغذائي

في مارس 2022 بدأت طالبان بناء قناة «تيبا كوش» بطول 285 كيلومتراً، والتي ستعمل على تحويل 10 مليارات متر مكعب من الماء سنوياً من نهر «أمو داريا»، الذي تعتمد عليه أوزبكستان وتركمانستان المتعطشتان للمياه. وستعاني الدولتان انخفاضاً بمعدل 15% من إمداداتها الحالية من الماء. وسيكلف المشروع 684 مليون دولار، لكنه سيعمل على ري 2100 ميل مربع، وسيخلق نحو 250 ألف فرصة عمل. وتشعر كابول بأنه من المهم للغاية تأمين الأمن الغذائي لدولة أفغانستان.

ولا تشعر أوزبكستان وتركمانستان، بالرضا إزاء هذا المشروع، لكن أوزبكستان قدمت مساعدة تقنية لأفغانستان، لضمان بناء القناة «وفق المعايير الدولية»، وبات هذا الوقت مناسباً لدعوة أفغانستان إلى الانضمام لمنظمة إدارة المياه الإقليمية في وسط آسيا، وهي اللجنة المشتركة بين الدول، لتنسيق المياه في آسيا الوسطى.

ووفقاً للأمم المتحدة، يوجد الآن 7.6 ملايين أفغاني في إيران وباكستان، معظمهم من اللاجئين. وفي عام 2023، طردت باكستان 54 ألف لاجئ أفغاني، وقد تشهد المرحلة التالية من الخطة ترحيل 800 ألف أفغاني آخرين. ومن المرجح أن يؤدي العنف المتزايد إلى عكس مسار هذه التدفقات، وإثقال كاهل إيران وباكستان، اللتين لا تستطيعان تحمل كُلفة دعم اللاجئين الموجودين لديهما الآن.

زمام القيادة

السؤال المهم الذي يطرحه كثيرون، هل أفغانستان معزولة؟ يبدو أن الجواب هو بالطبع لا، إذ إن هناك 17 دولة من ضمنها جميع الدول المجاورة لأفغانستان، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي تحتفظ بوجود دبلوماسي في كابول. ويقول الصحافي الأميركي أون زيلين في تقرير «في الفترة ما بين أغسطس 2021 وفبراير 2022 حتى عام 2024، أعلنت طالبان عن القيام بـ1382 اجتماعاً دبلوماسياً مع نحو 80 دولة على الأقل» من بينها الصين، حيث تم اعتماد أوراق سفير طالبان في عاصمتها. ويبدو أن «البراغماتية» ستكون هي الفائزة، بغض النظر عمّا قد تفكر فيه الحكومات أو مواطنوها بشأن سياسات طالبان.

وبعد أن أثبتت خطة «التكاتف والتضامن» أنها ضعيفة حان الوقت لأن يتولى سكان أفغانستان زمام القيادة، وإن كانت واشنطن وبروكسل قادرتين على المساعدة من خلال تسهيل الدعم الدبلوماسي والاقتصادي للمشاريع المفيدة. وسوف يحتاج الأميركيون، على وجه الخصوص، إلى التفكير ملياً، لفهم احتياجات المنطقة وفرصها بدلاً من الهوس بما كان يمكن أن يحدث.

وربما شهدت هزيمة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) نهاية عصر الإمبراطوريات في وسط آسيا وأفغانستان، «فبعد الإمبراطورية الروسية، جاء التدخل البريطاني، ومن ثم الإمبراطورية السوفييتية، وأخيراً الإمبراطورية الأميركية». ومن الممكن أن تجني الشخصيات المثيرة للشكوك بعض الدولارات من خلال الاحتلال والقتال، لكن ذلك هو الثمن الذي يجب دفعه لإصلاح الضرر الذي أحدثته الحملة التي احتلت هذا البلد لإصلاح الثقافة الأفغانية كجزء من حرب واشنطن على الإرهاب، بعد أحداث 11 سبتمبر، وهي «أول تجربة عالمية كبرى في القرن الـ21». عن «ذي هيل»

• تتعاون أفغانستان والدول المجاورة لها، لتسهيل التجارة والنقل بينها، من أجل تحسين الطرق وسكك الحديد في أفغانستان، ومساعدتها على تطوير مشاريع الري، وشحن الغاز الطبيعي من تركمانستان إلى أفغانستان، وباكستان، والهند.

• هناك 17 دولة من ضمنها جميع الدول المجاورة لأفغانستان إضافة إلى الاتحاد الأوروبي تحتفظ بوجود دبلوماسي في كابول.

الأكثر مشاركة