‏البرادعي بين الإعلام والسياسة‏

‏لوحظ حتى من قبل عودته الى وطنه، أن قطاعات في الاعلام المصري ارتكبت أخطاء عدة بحق المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، حيث انطوت تغطياتها على مبالغات ربما تسهم في إحراق صورته بصفته موظفاً دولياً أو حتى قبل التقدم كمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة.

وكان من اللافت تكثيف الصحافة والاعلام الخاص التغطيات والتحليلات حول شخص البرادعي وعودته الى موطنه الاصلي، لدرجة دفعت مراقبين إلى القول إن الظاهرة تحولت الى «تسليع أو إتجار» باسم الرجل، ما قد ينسف جهود التغيير والاصلاح في مصر.

وظهرت عناوين ساخنة في الصحف المصرية راوحت بين المديح والترحيب والسخرية والتهكم والغضب والاستياء من البرادعي، والتقليل من شأنه، فمنها عنوان يقول «ثلاثة آلاف افترشوا الارض ومدخل صالة الوصول وهتفوا للبرادعي»، وآخر يقول «شد القلوع يا برادعي مفيش رجوع يابرادعي» وثالث يقول «زعامة البرادعي وغروب دولة الامن»، بينما جاءت عناوين الصحف الحكومية مهاجمة له بشدة ومسرفة في إبراز عيوبه ونقاط ضعفه والتشكيك في أهليته كمرشح رئاسي.

وقد دفعت التغطية الاعلامية غير المتوازنة مثقفين وسياسيين من اوساط مختلفة إلى استهجان الامر، فهذا هو رئيس حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد يستنكر ما سمّاه بالتجاهل الرسمي للبرادعي، باعتباره ابن مصر البار الذي خدمها في المحافل الدولية لسنوات والاسراف غير الرسمي في كيل المديح بشكل يلحق به الضرر، حيث وصف ماحدث بأنه «هوجة اعلامية» ادت الى تسليع البرادعي.

ويرى السعيد ان ما حدث ويحدث مع البرادعي من قبل وسائل الاعلام «يحرقه باعتباره ورقة يمكن المراهنة عليها من اجل التغيير، بتصويره على انه البطل الاسطوري المقبل لتحقيق المعجزات، في حين ان الواقع يقول غير ذلك» وان الصحف التى تجاهلت عودة البرادعي«خالفت الواقع الذي يقول ان هناك شخصية مصرية مرموقة عادت الى القاهرة وكان في استقبالها عدد لا بأس به من الاشخاص الذين يطمحون إلى ان يقود قاطرة التغيير والاصلاح في مصر بخوض سباق الرئاسة او بقيادة حملة منظمة نحو هذا الغرض».

وائل الابراشي، رئيس تحرير صوت الامة المستقلة من جانبه أقر بوجود مبالغة في التغطية، ولكنها مبررة من وجهة نظره، فيقول «نحن استخدمنا العناوين كعناوين صحافية بعضها يرقى الى مرتبة الحلم، لكن الواقع يقول إن هذا صعب في ظل التعليمات والظروف الراهنة، و كل من طرح اسمه كمرشح في الماضي واجهته عقبات، وان البرادعي لا يحمل عصا موسى ويجب ألا نتعامل معه كصانع اساطير ومعجزات واستخدام العناوين الصحافية المثيرة، انما كان لتبرير حاجة الناس الى منقذ وإلى حلم يخلصهم مما هم فيه من هموم ومشكلات».

وقد نفى مبارك في حوارات عديدة سابقة وجود نية لتوريث الحكم لنجله جمال، لكن كثيرين ينظرون إليه على انه المرشح الفعلي للمنصب، في وقت تزايدت فيه التسريبات من مستويات مختلفة بأن مبارك سيخوض الانتخابات المقبلة لفترة سابعة، ما لم تحدث طوارئ أو أمور غير متوقعة. ويتبقى القول: إن الاسابيع المقبلة ستوضح لنا ما اذا كان البرادعي مجرد فقاعة هواء لا تجدي شيئاً مع واقع صعب مرير، وما اذا كان لديه من الصلابة والذكاء ما يحمله على الاستمرار كمرشح للرئاسة او حامل شعلة التغيير والاصلاح الذي يتطلع اليه الشعب المصري، وكل المأمول أن يلتزم الإعلام الحياد والموضوعية.

 

الأكثر مشاركة