الإسبان يشعرون على نحو متزايد بأن المهاجرين أصبحوا عبئاً كبيراً عليهم. غيتي

تصاعد العنصرية ضدّ المهاجرين في إسبانيا‏

‏‏يواجه الأجانب في إسبانيا تحديات جديدة وضغوطاً إضافية تحول دون اندماجهم في المجتمع المضيف، وأسهمت الأزمة المالية الأخيرة في تعقيد أوضاعهم أكثر من أي وقت مضى، وأصبح المواطنون الأصليون يرون فيهم عبئاً كبيراً، خصوصاً في ظل استفحال أزمة البطالة وندرة فرص العمل. وتتفاوت حدة المشكلة بين عرق وآخر، ففي الوقت الذي يتقبل فيه المجتمع الإسباني القادمين من أميركا اللاتينية إلى حد كبير، حيث يشتركون معهم في كثير من العادات فضلاً عن اللغة الإسبانية، ويقابل المنحدرون من أصول عربية وإفريقية برفض من عموم الشعب الإسباني. ويقول أحد سائقي «التاكسي» في مدريد، لويس، «يتردد أصدقائي الإسبان كثيراً قبل إلقاء التحية علي». ويقوم لويس بواجباته على أكمل وجه إلا أن المشكلة تكمن في كونه مهاجراً من الإكوادور، كما يقول.

يشير استطلاع للرأي أجرته الحكومة أخيراً إلى أن 77٪ من الإسبان يرون أن عدد المهاجرين تجاوز الحد المسموح به، في حين قال 19٪ من المشاركين في الاستطلاع أن العدد يعتبر مقبولاً. ويذكر أن سبراً للآراء أجري في ،1996 عندما كانت البلاد في أوج نموها الاقتصادي، أظهر أن 28٪ فقط يعتقدون أن هناك الكثير من المهاجرين. وفي الوقت الذي استطاع فيه القادمون من أميركا اللاتينية الاندماج بسرعة، نظراً للقواسم الاجتماعية والتاريخية، ويعاني المهاجرون المغاربة من التهميش والإقصاء بالرغم من أنهم وصلوا إلى إسبانيا قبل اللاتينيين بفترة طويلة، ويطلق عليهم الإسبان لقب «موروس» وهو لقب عنصري يعني المقبل من شمال إفريقيا.

وفي هذا السياق، تؤكد المسؤولة في جمعية ابن بطوطة الثقافية والاجتماعية بمدريد سميرة أوخيار وجود تمييز عنصري متزايد «ان الشركات هنا لا تقول لك مباشرة إنها ترفض تعيينك بسبب أصولك المغربية، بل تبرر رفضها بالقول إنها تفضل تعيين عمال محليين». يقول مركز «يوروستات» للإحصاءات إن عدد الأجانب، الذين لم يحصلوا على الجنسية في إسبانيا قد تخطى الخمسة ملايين في .2009 وفي المقابل تجاوز عدد الأجانب في ألمانيا السبعة ملايين، ولايزال دون الثلاثة ملايين في فرنسا. وتشهد إسبانيا زيادة غير مسبوقة ضمن أعداد المهاجرين، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة التحكم في تدفق المهاجرين إلى الأراضي الإسبانية. وتقول مديرة مركز الدراسات الديموغرافية في جامعة برشلونة، إنه من بين دول الاتحاد الأوروربي الكبرى تعتبر إسبانيا «البلد الذي استقبل العدد الأكبر من المهاجرين بالنسبة لمجموع السكان فيها» وفي المقابل يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة مدريد، سانتياغو بيريز نيفاس، ان «المهاجرين لن يكونوا كبش فداء»، ولن يتحملوا أخطاء الآخرين. وتتزايد الضغوط على المهاجرين في مجال العمل خصوصاً في المدن التي تضم أعداداً كبيرة من الأجانب. ويذكر أن حصة المهاجرين في سوق العمل لم تكن محل جدال في إسبانيا شأنها شأن بقية الاتحاد الأوروبي، وعادة مايقوم الأجانب بأعمال شاقة لا تتطلب مؤهلات علمية، وعادة ماتكون الرواتب ضعيفة. إلا أن قلة فرص العمل أيام الأزمة ولدت لدى السكان المحليين موقفاً عدائياً ويعتقد هؤلاء أنهم أحق في الحصول على العمل من المهاجرين الأجانب. من جهته ينفي وزير العمل والهجرة سيليستينو كورباتشو، أن يكون المجتمع الإسباني عنصري في العموم «لا توجد لدينا كراهية للأجانب». في سياق متصل، أعرب عدد من جمعيات المغاربة في إسبانيا عن قلقه من تدهور أوضاع الجالية في مقاطعة كتالونيا وتعرضها لحملات استفزازية من طرف الشرطة المحلية، في مختلف المدن والبلدات في المقاطعة، ونددت جمعيات المغربية في مقاطعات أخرى بـ«التصرفات غير المتوازنة» للشرطة ضد المقيمين المغاربة في كتالونيا والبالغ عددهم نحو 300 ألف.

الأكثر مشاركة