الشرطة تحتل الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو
فوق تلة مرتفعة وسط مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية ترتفع لافتة بيضاء إلى جانب خزان مياه ينتشر فيه عدد من الثقوب. وكتب على اللافتة «حكومة ولاية ريو دي جانيرو، لجعل شعبنا أكثر سعادة». وظل سكان المنطقة التي يطلق عليها مورو دابروفيدانشيا، ينظرون إلى هذه اللافتة والثقوب الناجمة عن تبادل إطلاق النار بين مهربي المخدرات والشرطة بمزيج من السخرية والاحباط والقرف. أصبحوا معتادين على القبضة الحديدية لعصابات تهريب المخدرات والهجمات المتفرقة والقاتلة لقوات الشرطة، ولذلك فإن سكان المنطقة المعوزين لايجدون أي سبب يجعلهم يشعرون بالامتنان لحكومة ريو دي جانيرو.
وعلى الرغم من أن الاشياء يمكن أن تتغير، فقد أفاق سكان المنطقة ذات صباح على أكثر من 100 شرطي يرتدون ملابس سوداء، اندفعوا بقوة الى المكان واحتلوه وطردوا مهربي المخدرات منه، وكانت الشرطة في السابق تأتي لاعتقال المهربين وتطلق زخات من الرصاص قبل العودة إلى القاعدة، ولكن هذه المرة بقوا في الحي. وقال خوسيه ماريانو بيلتمار المدير المدني للولاية «وصلت الشرطة هنا وستبقى».
وكانت عملية احتلال مورو دابروفيدانشيا آخر مرحلة من مشروع الحكومة الرائد من اجل « نشر الامن» والذي يهدف الى تحرير مئات الآلاف من سكان المنطقة، وإبعاد عصابات المخدرات، بحيث يحل مكانهم رجال الشرطة. ومن ضمن ألف حي من الاحياء الشعبية الفقيرة المنتشرة ريو دي جانيرو، تم احتلال سبعة منها من قبل الشرطة خلال الاشهر الـ18 الماضية، كجز ء من برنامج نشر الامن.
وبحلول نهاية عام 2010 سيستفيد اكثر من 59 حياً من هذه الاحياء جراء هذا البرنامج، حيث سيتم تحرير اكثر من 210 آلاف شخص من حكم العصابات كما تقول السلطات التي تخطط للقيام بالمزيد من خطط الاحتلال التي تقوم بها الشرطة في الفترة مابين الآن وحتى 2016 موعد الالعاب الاولمبية التي ستقام في ريو دي جانيرو.
وقال رئيس الشرطة المدنية في ريو دي جانيرو الان تورنوفسكي «حالما يتم إحلال وحدات نشر الامن في اول 40 حياً من تلك الاحياء نكون قد حققنا تخفيضا كبيرا في مستوى العنف في المدينة».
وبعد عقود من الاشتباكات المميتة بين الشرطة وعصابات المخدرات التي وقع فيها آلاف الضحايا يعتبر برنامج نشر الامن خطوة كبيرة نحو الأمام لفرض الأمن في المدينة.
وقال الرئيس البرازيلي السابق فرناندو هنريك كاردوسو بعد زيارته الاخيرة لأحد الاحياء التي تدخل في البرنامج «نحن نتحدث عن تحرير مئات الآلاف من الناس من ايدي عصابات المخدرات».
ولا تخفي سلطات ريو دي جانيرو الحقيقة التي مفادها أن هدفها هو تحرير مئات الاحياء الفقيرة من حكم العصابات وليس القضاء على تهريب المخدرات تماما، وقال بالتيمور «لا نستطيع أن نضمن اننا سنقضي على تهريب المخدرات أو أن لدينا هذا الطموح».
وفي أحد شوارع هذه الاحياء الفقيرة تتساءل إحدى النساء، بعد بضعة ساعات من قيام القوات الخاصة باقتحام حارتها «هل نحن محتلون فعلاً»، وتساءلت أيضاً عما اذا كان قدوم الشرطة هو تغير ايجابي، وقالت «نحن لسنا أحراراً حتى نقول رأينا بما يحدث». وثمة فتاة أخرى في الشارع نفسه ردت على التساؤل نفسه بغضب قائلة قبل أن تختفي في أحد الشوارع الفرعية «هل ما فعلته الشرطة جيداً أو سيئاً؟ انه مريع».
وأظهرت استطلاعات الرأي المستقلة حتى الآن ترحيباً كبيراً ببرنامج نشر الامن، ولكن ثمة تقارير متفرقة تعرب عن السخط ازاء سلوك رجال الشرطة وإساءة معاملتها للسكان اثناء عمليات التفتيش، اضافة الى صيحات غاضبة من بعض السكان الذين يتهمون الشرطة بإقامة علاقات مع العصابات.
وتعرض نحو 12 شخصا للجروح بداية هذا الشهر عندما فتح مهربو المخدرات النار على سكان احد الاحياء الفقيرة احتجاجا على برنامج نشر الامن. واشتكت بعض جماعات حقوق الانسان من التكتيكات المرعبة التي تقوم بها الشرطة.
وقال سكان من بروفيدانشيا ان الاحتلال الجديد الذي قامت به الشرطة حقق لهم الأمان. وقالت امرأة من الحي «قبل هذا الاحتلال كنا نخشى على الاطفال عندما يلعبون في الشارع».
وفي الشهر الماضي، قالت الشرطة المدنية إنها قتلت أحد مهربي المخدرات المشهورين في المنطقة أثناء تبادل لإطلاق النار في الحي الذي يسيطر عليه.
وقالت التقارير الاخبارية في الصحافة المحلية إن الرجل قتل بطلق ناري في وجهه. من جهته قال قائد الشرطة المحلي ان مثل هذه العمليات سيستمر.
وأضاف «يتم حل كل هذه المشكلات عن طريق نشر الامن».