نزلاء سجون دول جنوب شرق آسيا أكثر عرضة لانتهاكات حقوقهم ومعاناة من الظروف الحياتية فيها. غيتي

‏سجناء العالم يتعرضون لبشاعات أكثر فظاعة من عقوباتهم‏

‏عندما كان محقق التعذيب والعقوبات في الأمم المتحدة مانفريد نواك يستعد لإنهاء فترة عمله في وقت لاحق من العام الجاري، ركز على مجموعات من الناس قال انها الاكثر «هشاشة» وعرضة للتمييز والتجاهل، انهم المساجين الذين نسيهم العالم.

ورغم ان الاشكال الأخرى من التمييز تم فضحها من قبل الحركات الاجتماعية في انحاء العالم كافة، إلا ان البلوى التي يعاني منها السجناء الذين يعتبرون جنائيين عادة لا تثير كثيراً من الاهتمام والتعاطف. ورغم الضجة الكبيرة التي اثيرت حول التعذيب الذي تعرض له السجناء في سجن أبوغريب، الا ان أحداً لم يكلف نفسه عناء الاكتراث بما يجري في سجون آسيا.

وانفضحت هذه الحكاية في اندوينسيا العام الماضي، عندما اكتشفت قوة مكافحة الفساد أن بعض الشخصيات الثرية والمهمة والمسجونة في سجن جاكرتا المركزي كانت تقيم في غرف مزودة بالتكييف وأجهزة التلفزيون الحديثة (إل سي دي) وأسرة فارهة رغم الاكتظاظ الشديد الذي تعاني منه سجون الدولة. واعترف وزير العدل وحقوق الانسان العام الماضي ان هناك اكثر من 130 الف سجين في سجون مخصصة لـ80 الفاً فقط.

وكانت الصرخات التي أطلقها سجناء سريلانكا اقل نجاحاً اذ لم يحظ الاضراب عن الطعام الذي قام به السجناء واستمر لمدة خمسة ايام، والمطالب بتحسين ظروف السجناء، الا بخبر صغير في الاعلام. واتهم السجناء بأنهم انتهكوا انظمة السجن. ويقبع العديد من السريلانكيين في السجون انتظارا للمحاكمة سنوات عدة. وثمة ذهنية سائدة بين القضاة وحتى المحامين مفادها ان السجناء يستحقون البقاء في ظروف سيئة كنوع من العقاب لهم. وقال نواك «حالما يصبح السجناء وراء القضبان يفقدون معظم حقوقهم الانسانية وغالباً ما يتم تناسيهم من العالم الخارجي».

وكانت التقارير التي وضعها نواك أخيراً في مهمته التي غطى فيها 15 دولة وتضمنت لقاءات مع مساجين في نيجريا تم تقييدهم في زنازين بأعداد كبيرة تصل الى المئات وتعرضـوا للتعذيب أمام بعضهـم بعضا. وكذلك في نيبال وسريلانكا حيث كانت الزنازين مكتظة إلى حد يمنع نوم جميع المساجين في وقت واحد. وتقع مسؤولية إطعام وإكساء السجناء في عدد من الدول الآسيوية على عائلتهم. وكانت عائلة الصحافي والحقوقي عبدالرزاق دفعت نحو 30 ألف تكا اضافة الى عنزة لضباط مركز شرطة بايكاغاشان عندما احتجز فيه لمدة 12 أسبوعاً. وكانت هذه الأموال في بعض الأحيان من اجل السماح لادخال الطعام اليه او حمايته من الضرب و التعذيب. وبالنظر الى ان تهمته كانت مزيفة تم اطلاق سراحه ولكن لم يتم تعويضه.

وتشير تقارير وضعها العاملون في المجال الاجتماعي في سجون كمبوديا الى أن السجناء يتعين عليهم دفع المال مقابل الاستحمام، ومن الهند تحدثت تقارير عن أن المحتجزين يجب ان يدفعوا المال كي يتم احضارهم الى المحكمة والا سيبقون في السجون الى ما لا نهاية. ومن دون المال ودعم العائلة فإن المعتقلين يمكن أن يموتوا لولا انهم يقدمون بعض الخدمات لبعضهم بعضا او لموظفي السجن مقابل بعض الطعام.

وفي بورما حيث لاتزال السلطات العسكرية الحاكمة تحظر على الصليب الاحمر دخول السجون، فإن هذا الوضع يتم استغلاله بصورة منظمة. وطبقاً لما تقوله لجنة آسيا لحقوق الانسان، وصحافيون وصوت اميركا وراديو آسيا الحرة، فإن المساجين السياسيين يوضعون في سجون تبعد عن بلداتهم وعائلاتهم مئات الكيلومترات وبالتالي فإنهم يكونون بلا أي دعم.

واكتشف نواك خلال مهمته أن عدداً من الاشخاص يبقون داخل السجون الملحقة بمراكز الشرطة لاسابيع عدة دون امكانية الوصول الى «التواليت» في زنازين في دولة غينيا الواقعة على خط الاستواء. ويمكن ان يتبولوا أو يتغوطوا في زجاجات أو اكياس تحملها عائلاتهم. ويمكن استخدام الزنازين الملحقة بمراكز الشرطة لاعتقال المشتبه فيهم لساعات عدة، ولكن يتم استخدامها بصورة اعتباطية للاحتجاز لفترات اطول من ذلك بكثير.

وأظهرت خمس سنوات قام بها نواك من العمل في اوضاع المساجين أن هذه السجون عادة ما يتولد عنها أسوأ ما لدى الناس على جانبي القضبان. وأما الذين خسروا حقهم في الحرية فإنهم بحاجة الى حماية ما تبقى لهم من حقوق، وباحتراس.

الأكثر مشاركة