المرصد

«لوموند» في المزاد

تكافح «لوموند» الصحيفة الفرنسية العريقة للبقاء على قيد الحياة في عصر الانترنت، وعصر الازمة الاقتصادية، هذا العصر الذي اطاح بالكثير من كبريات الصحف. وصارت تسجل خسائر كبيرة كل يوم الى ان وصلت ديونها الى ما يزيد على الـ100 مليون يورو، فاطلقت صرخة للمستثمرين لإنقاذها، هذه هي الصحيفة التي اسسها الزعيم الفرنسي شارل ديغول عام ،1944 عندما كانت فرنسا تطرد القوات النازية عن باريس. دخلت الكثير من الجهات في سباق لشراء ما يبدو انها مؤسسة رمزية اكثر من كونها مدرة للدخل من بينها بليونير روسي، وكسب الصفقة تحالف شمل ثلاثة رجال اعمال: بيير بيرغي، اكسافير نيل، وماثيو بيغاسي.

ويمكن النظر الى هذه الصفقة من ثلاثة اتجاهات مختلفة: اولاً تاتي هذه الصفقة في اطار اتجاه الاثرياء ورجال الاعمال ومجموعات الشركات الى شراء الصحف وشركات الاعلام الخاسرة مثلما هو الحال مع شركة «ليغاردي» التي تحوز مجلة «باري ماتش»، ومجموعة «ديسول» التي تمتلك صحيفة «لافيغارو» صحيفة وسط اليمين، ومجموعة «ال في ام اتش»، مجموعة تهتم بتسويق البضائع الفاخرة وتمتلك صحيفة الاعمال اليومية، «لي ايشاو».

من الناحية الاخرى فإن مشكلة «لوموند» المالية تعكس الامراض العضال التي تعانيها العديد من الصحف حول العالم، من ضمنها رواج الانترنت وانكماش سوق الاعلان على الرغم من الدعم الحكومي المقدم لها، وايضا بسبب الاقبال الضعيف للفرنسيين على قراءة الصحف خلال تنقلاتهم. فالمسافرون على المترو يفضلون مطالعة كتاب او صحيفة مجانية بدلاً من شراء صحيفة لمطالعتها. كما ان «لوموند» فاقمت المشكلة باطلاقها ملاحق مكلفة للغاية وتعيين موظفين اكثر مما هي تحتاج اليه في الواقع.

المنحى الثالث يتمثل في ان هذه الصفقة تاتي في اطار سياسي قبيل انطلاق الحملات الرئاسية في ،2012 إذ إن اثنين من ملاكها الجدد لهم ارتباطات مباشرة مع الحزب الاشتراكي. فقد ساعد بيرجي في تمويل الحملة الرئاسية للمرشحة السابقة سينغولين رويال عام ،2007 كما ان بيغاسي عمل تحت شخصيتين اشتراكيتين هما دمونيك ستراوس كان ولورنت فابيوس، كما ان نيل مناهض لساركوزي.

ويبدو ان هذه الصفقة لم تعجب الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي الذي حاول ايقافها، لكنه لم ينجح عندما استدعى رئيس تحريرها، ايريك فوتورينو الى قصر الاليزيه الشهر الماضي.

يخشى الاليزيه من ان يحول نيل صحيفة يسار الوسط هذه الى وسيلة مضادة لحملة ساركوزي الرئاسية عام .2012

 

تويتر