الأطفال الأفارقة ضحايا استغلال العصابات المرتبطة بشركات صناعة الأجهزة الإلكترونية. غيتي

«الصناعات الإلكترونية» تؤجّج صراعات إفريقيا

تعمل الشركات الرائدة في مجال صناعة الأجهزة الإلكترونية على تأجيج الصراعات الدموية في القارة الإفريقية، عن طريق استخدام فلزات معدنية قام باستخراجها المستعبدون و عمالة الأطفال، والتي تدخل في صناعة أجهزة الهاتف المحمول والكمبيوترات والكاميرات الرقمية.

ويعتبر الصراع الذي نشب في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطي، وهي مصدر كبير للعديد من المعادن الثمينة، مثل الذهب والقصدير والتنغستين، والتي تستخدم في الصناعات الالكترونية الحديثة، من أكثر الصراعات دموية ووحشية، منذ الحرب العالمية الثانية، حيث قتل فيها 4.5 ملايين شخص، ووصفت المنظمات الدولية كيف تقوم الميليشيات في المنطقة بالسيطرة على العديد من المناجم التي تنتج الذهب، حيث يجبر السكان المحليين، بمن فيهم الأطفال على العمل بأجر لا يتجاوز الدولار في اليوم، وتقوم الجماعات ذاتها بتهريب الفلزات المعدنية إلى الخارج، حيث ينتهي بها المطاف لتصبح من مكونات أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف النقالة وألعاب الفيديو.

وعندما قامت صحيفة تايمز البريطانية بالاتصال بالشركات الإلكترونية الرئيسة، مثل سوني ونوكيا، وآبل، وإنتل، وديل وإتش بي، ومايكروسوفت، وباناسونيك، اعترفت الشركات بأن ما يعرف بـ«فلزات الصراع» قد تكون موجودة في منتجاتها، على الرغم من أنه ليست هناك أدلة تؤكد أنه تم استخدامها رغم معرفة ذلك. وقالت جميع الشركات انها تجرب اساليب تمكنها من عدم استخدام هذه الفلزات، ولكنها تشير الى ان طريقة تزويد هذه الفلزات معقدة جدا، لدرجة انه يصعب تماما التوصل الى مصدرها، ولكن هذا الادعاء اصبح الآن محل تشكيك من قبل جماعات الضغط التي تعمل مع الامم المتحدة، والذين تعقبوا سلسلة الطرق التي يتم فيها تزويد هـذه الفلزات، والتي تدار من قبل عصابات مسلحة.

ويقول ديفيد سوليفان من مشروع «كفاية»، وهي الجماعة التي تجري البحث عن مصادر هذه الفلزات «من الواضح ان سلسلة الطرق التي تزود هذه الفلزات معقدة جدا، ونحن لا نفند ذلك ولكن هي معقدة لدرجة أنه لا يمكن معرفة اصلها؟ نحن لا نصدق ذلك»، ويبدو ان الجدل الدائر حاليا حول هذا الموضوع يذهب نحو اتهام شركات الصناعات الإلكترونية. وفي الشهر الماضي أصدر الكونغرس الاميركي قانونا يطالب الشركات بالتصريح عن الجهة التي تزودها بالفلزات المعدنية، واستبعاد أي مواد فلزية قادمة من منطقة الصراع، في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطي.

وفي بريطانيا ايضا قامت جماعة اخرى تدعى «غلوبال ويتنيس»، باتخاذ اجراءات قانونية ضد الحكومة، لأنهم يقولون إنها لم تتخذ أي اجراء عقابي ضد الشركات والأفراد الذين يتعاملون في تجارة هذه المواد الفلزية. وتظهر ابحاث منظمة «كفاية» أن نقطة البداية بالنسبة لصراعات المواد الفلزية هي مناجم واقعة في مناطق جنوب وشمال كيف في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومن ضمن المناجم البالغ عددها ،200 في المنطقة تشير تقديرات الامم المتحدة ومنظمة خدمات معلومات السلام، وهي منظمة بحثية مستقلة، الى ان نصفها تسيطر عليه الميليشيا المسلحة. وهناك مجموعتان مسلحتان رئيستان يعتقد أنهما قوى تحرير رواندا يقودها منظمو المجازر الكبيرة التي وقعت في رواندا عام ،1994 والجيش الكونغولي، وذلك في انتهاك لقوانين المناجم في الدولة، وتقوم هذه الميليشيات بفرض ضريبة على اصحاب المناجم وتعذب السكان وتدفع لهم اجورا منخفضة.

وتشير تقديرات البنك الدولي الى ان نحو 40٪ من العاملين في المناجم الصغيرة، يمكن ان يكونوا من الاطفال. وتؤكد التقديرات ان الجماعات المسلحة جمعت نحو 180 مليون دولار من تجارة الفلزات عام .2008 ويتم نقل الفلزات بالشاحنات أو على ظهور العمال الى «بيوت التجارة»، وتقول مصادر مشروع «كفاية» إنه في هذه المرحلة «يمكن القول بصراحة تامة» ما الجهة التي ستذهب إليها الفلزات. وتشير المصادر الى ان مفتشي الحكومة الكونغولية شرحوا كيف ان كل كيس من الفلزات يحمل لونا مختلفا عن الآخر بحسب المنجم الذي جاءت منه.

ويتم تصدير بعض المواد الفلزية بصورة شرعية، ولكن المعظم يتم تهريبه عبر المنافذ الحدودية، ويجد طريقه الى الشركات المعالجة، التي معظمها في الصين وتايلاند والهند وماليزيا. ويتم في هذه الاماكن خلط هذه الفلزات وصهرها مع فلزات اخرى، تم جلبها من جميع انحاء العالم، حتى يصبح من المستحيل معرفة مصدر تصديره.

وترى مصادر مشروع «كفاية» أنه في هذه المرحلة تحتاج شركات صناعة الإلكترونيات الى التأكيد على الدليل الذي يثبت مصدر هذه الفلزات، وقالت مصادر معظم الشركات التي تم الاتصال بها، إنها تعتمد على التأكيدات المكتوبة من قبل الموردين، والتي تؤكد أن هذه الفلزات ليست من مناطق الصراعات، ولكن بعض الشركات مثل انتل المتخصصة بصناعة الرقائق تؤكد أنها تقوم بزيارات لمركز صهر الفلزات في الصين.

 

الأكثر مشاركة