وفيات وحالات صمم وعمى وتلوث قرى نتيجة التسمم بمادة الرصاص
أطفال نيجيريا ضحايا حمى البحث عن الذهب
انتشرت حالات تسمم غير مسبوقة بمادة الرصاص، بسبب حمى البحث عن الذهب في شمال نيجيريا العام الجاري، وأدت إلى مقتل 200 طفل، وتأثر نحو 18 ألفاً آخرين بالتسمم.
وقالت الامم المتحدة في اعقاب الاعلان عن أعداد المتأثرين، إنها ارسلت فريق طوارئ لتقييم الآثار الشاملة للتسمم الحاد الناجم عن الرصاص في ولاية زامفارا، إذ تأكد حتى الآن تلوث سبعة قرى.
وكان القرويون في جميع الحالات يطحنون الفلزات المعدنية بالأيدي بحثاً عن الذهب، الامر الذي كان ينجم عنه تحرر جزيئات الرصاص الموجودة في الصخور.
كمية الرصاص التي ظهرت من الصخور كبيرة إلى درجة انها أدت إلى قتل الاطفال، إذ إن معظم حالات القتل كانت بين الاطفال الذين تقل اعمارهم عن خمس سنوات، كما انها أدت إلى حدوث حالات صمم وعمى وأضرار في الدماغ، إضافة إلى مشكلات في العضلات.
وقالت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها والتي أجرت دراسة أولية لحالات الوفيات، أن حجم هذه المشكلة «غير مسبوق في أعمال هذه المراكز بالنسبة إلى حالة التسمم بمادة الرصاص في جميع أنحاء العالم».
وتوفي المزيد من الاشخاص في القرى المتأثرة هذا العام أكثر من أي منطقة أخرى في العالم ضربتها الكوارث خلال الـ40عاماً الماضية، حسبما ذكرته تيرا غرافيكس، وهي مهندسة بيئة تعمل في الشركة التي تأخذ على عاتقها عملية التنظيف. وقالت لورين كوني وهي مديرة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود التي تساعد أهل المنطقة «انه وضع مقلق على نحو خطر»، وفي إحدى القرى توفي نحو 30 طفلاً دون سن الخامسة هذا العام بسبب التسمم، حسبما ذكرته المنظمة. وقالت كوني «بالرغم من أنا لا ندري حتى الآن الحجم الاجمالي لهذه المشكلة، إلا أننا نتوقع ان يكون هناك تأثيرات على المديين المتوسط والبعيد في صحة سكان هذه القرى».
وتم وقف عمل المناجم في ولاية زامفارا شهوراً عدة، بسب هذه الكارثة. ويصر المسؤولون المحليون على ان الوضع تحت السيطرة، بالرغم من استجابتهم لمعالجتها تتعرض للإعاقة نتيجة المطر الغزير، الامر الذي جعل من المتعذر الوصول الى هذه القرى المنعزلة، لكن حتى الآن لايزال يسجل ظهور حالات تسمم جديدة. وعثر أطباء بلا حدود أخيراً على معدلات خطرة من الرصاص في قريتين أخريين، إذ بدأت هناك اعمال التنقيب عن الذهب، وتعتقد المنظمة أن العدد الإجمالي للمتأثرين بالرصاص يزيد على 30 ألف شخص.
من جهته، قال المساعد الخاص لحاكم ولاية زامفارا صديق أبوباكر صديقي، إن الفلزات التي يتم الحصول عليها من قرية تدعى سانكي التي تحوي معدلات عالية من الرصاص أدت إلى أكثر حالات الوفيات.
وقال صديقي «المشكلة ليست في البحث عن الذهب، وانما معالجته، إذ إن السكان ليس لديهم أجهزة للكشف عن الذهب والفلزات الاخرى، ولذلك فإنهم يستخدمون أيديهم».
وتم تحذير السلطات المحلية في شمال نيجيريا للمرة الاولى بشأن هذه المشكلة في مارس الماضي، عندما أصيب عدد من الاطـفال في قريتي بوكويـوم وانكا بولايـة زامافار، بالتشنج الشديد ومن ثم الوفاة.
وتم استدعاء منظمة «أطباء بلا حدود» لتقديم المساعدة، واعتقد أطباء المنظمة في البداية ان السبب هو مرض الملاريا، لكن عندما لم تنجح العلاجات التي قدموها، عمدوا إلى إجراء اختبار عن المعادن الثقيلة. وأظهرت العينات المأخوذة من الدم والتربة مستويات مرتفعة من الرصاص تفوق أعلى المعدلات التي يتم قياسها بالأجهزة. وكان الاطفال يعانون قلة المقاومة لهذه السموم، نتيجة صغر أجسامهم، واعتيادهم اللعب على التربة الملوثة.
وكان معدل الوفيات بين الاطفال في القرى الاكثر تأثراً بسموم الرصاص، أكثر من ثلاثة أضعاف المعدل الطبيعي الذي تمكن مشاهدته في مخيمات اللاجئين خلال أوقات الطوارئ، حسبما قالت مصادر الأمم المتحدة. وسجلت منظمة أطباء بلا حدود معدلات مرتفعة للرصاص في دم الاشخاص البالغين، وهو الأمر الذي إن لم يكن قاتلاً بصورة فورية، إلا أنه ينطوي على نتائج كارثية مع تقدم الزمن، من ضمنها ولادة جنين ميت، وحدوث مشكلات في الكلى والعقم عند الرجال.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news