نساء من البيرو يقاضين حكومتهن بسبب تعرّضهن للعقم الإجباري
بعد أن أضحت مجموعة من النساء القرويات في إقليم أنتا في البيرو ضحايا برنامج للعقم بصورة جبرية في الفترة ما بين 1996 و،2000 رفعن دعوى قضائية ضمن كفاحهن من اجل العدالة.
وفي مايو 2009 اجرى النائب العام جيمي شوارتز، تحقيقا في الدعوى الموجهة ضد اربعة وزراء صحة سابقين، خلال ادارة رئيس البيرو السابق البرتو فوجيموري (1990ــ2000)، لكنه قرر اهمال القضية. وقال النائب العام إن القضية تتضمن جرائم مزعومة ضد حياة الضحايا واجسادهن وصحتهن، وقتلاً غير متعمد، وان الفترة التي يسري فيها نفوذ القانون قد انتهت. ولكن الادعاء في القضية رفع اتهامات جديدة في القتل والتعذيب، ونظراً الى انها تعتبر جرائم ضد الانسانية، وأنه ليس لها فترة سريان قانون. وايد مكتب المدعي العام قرار شوارتز، ورفض شكاوى ضد القرار قدمت من قبل الضحايا ومنظمات حقوق الانسان.
ولكن اتحاد النساء اللواتي تعرضن للعقم رغم ارادتهن في انتا، وهو اقليم جبلي في جنوب ادارة كوزكو، قرر المحاربة باستراتيجية جديدة، حيث رفعت قضية جديدة ضد المسؤولين عن سياسة تنظيم الاسرة خلال السنوات الاربع الاخيرة من حكم فوجيموري. ويتشكل هذا الاتحاد من 100 عضو تقريباً من النساء الريفيات اللواتي كشفت شهاداتهن عن الجانب الخفي للبرنامج الوطني للصحة التناسلية، وتنظيم الاسرة، الذي فُرض بالاكراه والخداع تحت شعار خطة محاربة الفقر. وقالت العضوة في الاتحاد سابينا هوليكا، (41 عاماً): «أتذكر اليوم الذي تم تعقيمي فيه رغم إرادتي، لان ما فعلوه لي جعلني اعيش معاناة قاسية حتى الآن. وتم ذلك في 24 اغسطس 1996»، وهي واحدة من الشهود امام السلطات القضائية ضد من نفذوا ذلك البرنامج.
واضافت هوليكا «بعد أن ولدت ابنتي الرابعة قال لي طبيب المركز الصحي إن عليّ ان اتوقف عن الانجاب، كي اتمكن من تربية بناتي الاربع، فرفضت ذلك واعتبرته امراً سخيفاً من الطبيب. ولكن بينما كنت نائمة على سرير الفحص جاءت ممرضة وحقنتني بحقنة مضادة للاخصاب. وعندما افقت كنت أشعر بتعب شديد. وقال لي الطبيب لقد انتهينا، وكانوا يخيطون جسدي، فسألتهم: ما الذي فعلتموه لي! ولكن الضرر كان قد حدث، وكان عمري 28 عاماً».
ووصف تقرير وضعته محامية حقوق الانسان والناشطة جوليا تامايو عام 1998 بتفويض من القسم البيروفي للجنة الدفاع عن حقوق المرأة في اميركا اللاتينية، طبيعة برنامج التعقيم القسري للنساء. وتم التوثيق للمرة الاولى للاستخدام المنظم للعقم الذي كان يستهدف الفقراء والسكان الاصليين وسكان الارياف.
وبعد نشر هذا التقرير تعرضت المحامية تامايو للتهديد من الحكومة، واجبرت على مغادرة البلدة، وذهبت للعيش في اسبانيا، ولكنها عادت الى البيرو الآن كي تقدم النصح لاتحاد نساء انتا بشأن القضية الجديدة.
واعترفت الحكومة البيروفية بأن هناك اكثر من 300 ألف حالة عقم جرى تنفيذها تحت اشراف برنامج التعقيم. وجمع مكتب المحقق في هذه القضية شهادات مباشرة من 2074 امرأة تم عقمهن دون إرادتهن في الفترة ما بين 1996 و.2000 وفي عام ،2003 وقعّت الحكومة البيروفية تسوية ودية امام لجنة حقوق الانسان الاميركية في قضية ماميريتا مستانزا التي توفيت عام ،1998 نتيجة الاجراءات الطبية السيئة التي تمت وفقها عملية تعقيمها من دون موافقتها. واعترفت الحكومة بمسؤوليتها عن حالات الاضرار التي انزلتها بالنساء بموجب برنامج تنظيم الاسرة.
ولكن المدعي العام تراجع عن وعوده بإجراء تحقيق شامل في القضية التي حققت بعض التحسن، قبل ان يتم ركنها على الرف عام .2009 وفي هذه الأثناء تم انتخاب اليخاندرو اغيناجا، وهو وزير صحة سابق، واحد المتهمين بالقضية، في مجلس الشيوخ عام ،2006 واصبح الآن نائب رئيس المجلس التشريعي. اما الرئيس السابق فوجيموري فإنه يقضي عقوبة السجن لمدة 25 عاماً بتهم فساد وانتهاكات لحقوق الانسان. وهناك الكثيرون من الذين شاركوا في البرنامج لايزالون يمارسون حياتهم بصورة طبيعية. وقالت تامايو وهي باحثة في القسم الاسباني من منظمة العفو الدولية «يجب على جميع المتورطين في برنامج للعقم القسري أن يحاكموا بتهمة ارتكاب جرائم التعذيب والجرائم ضد الانسانية».