المرصد

«الجزيرة» بين شخص ونهج

استقالة الصحافي الفلسطيني وضاح خنفر من منصبه مديراً عاماً لشبكة قنوات «الجزيرة» الفضائية القطرية بعد ثماني سنوات كانت أمراً متوقعاً من قبل شريحة لا بأس بها من الإعلاميين والمراقبين، لاسيما بعد تسريبات وثائق «ويكيلكس» التي قالت إنه كان على صلات بمسؤولي السفارة الأميركية في الدوحة. واستناداً إلى تلك التسريبات فإن خنفر كان يلبي معظم الطلبات والرغبات التي يحملها أولئك المسؤولون والدبلوماسيون والتي تعكس انزعاج مسؤولي الإدارة الأميركية من طريقة «الجزيرة» في تغطيتها الإخبارية لبعض الأحداث وما تعتبره تلك الإدارة انحيازاً وتحاملاً في محتوى بعض التقارير التي تبثها، وأن خنفر كان يتدخل في الأخبار والتقارير لتفادي الانزعاج الرسمي الأميركي.

وفي معرض إعلانه استقالته من منصبه رفض خنفر التطرق إلى أي سبب حقيقي أو خفي لخطوته مكتفياً بالقول إنه كان قد فاتح رئيس مجلس إدارة الجزيرة» قبل فترة برغبته في عدم الاستمرار في منصبه بعد استكماله الاعوام الثمانية فيه، وأنه تفهم هذه الرغبة.

وفي رسالته التي وجهها الى زملائه في «الجزيرة» بمناسبة استقالته رفض خنفر الخوض من بعيد أو قريب في تسريبات «ويكيليكس» ومدى صحتها او موقفه منها مكتفياً بالقول «إن الجزيرة قوية بمنهجها، ثابتة بانتماء أبنائها، راسخة في مؤسستها، محروسة بوعي مشاهديها، لا تتغير بتغير موظف ولا مدير». وأضاف أنه وهو يمضي الى ميدان إعلامي آخر جديد فإنه يستلهم روح «الجزيرة» ورؤيتها ويوظف ما لديه من تجربة في الدفاع عن الاعلام الحر النزيه وعن أخلاق المهنة وميثاقها على الرغم من كل الصعوبات والضغوط.

فريق من المدافعين عن خنفر قال إن نزاهة خنفر واستقامته المهنية وكفاءته لا تثير جدلاً أو اختلافاً، وان تسريبات «ويكيليكس» جاءت لتخدم الادارة الأميركية وخصوم خنفر وتحقق رغبتهم في التخلص من هذا الرجل النزيه والعنيد ولتفتح الباب أمام أولئك الخصوم لفتح النار على الرجل. ويرد منتقدو خنفر وخصومه بالقول إن «الجزيرة» وبعد ثورتي تونس ومصر تحولت الى بوق غربي يخدم أهداف أميركا والغرب وتخلت عن موضوعيتها ومهنيتها، وإن خنفر لابد أن يكون قد لعب دوراً رئيساً في انقلاب الجزيرة على عروبتها وثقافتها العربية والاسلامية. غير أن هؤلاء الخصوم والمنتقدين تجاهلوا على ما يبدو أن الرجل الذي يسعون الى تحطيم صورته هو ذاته الذي دبّج عنه الأميركيون العديد من التقارير التي تتحدث «أن الجزيرة بدت منذ اليوم الأول لظهورها خصماً اعلامياً مزعجاً للغاية للولايات المتحدة خصوصاً والغرب عموماً». ويبقى السؤال: من ترك بصمته على الآخر، الجزيرة أم خنفر، وبصمة أيهما الأقوى؟ الأيام المقبلة قد تكون كفيلة بالإجابة.

 

تويتر