المرصد

الإعلام.. وفتاة التحرير المسحولة

تستمر تفاعلات قصة شريط الفيديو الذي يصور الفتاة المتظاهرة في ميدان التحرير، والتي قام الجنود بسحلها بعد تعريتها من الجزء العلوي من ملابسها شاغلة الرأي العام المصري والعالمي. ويقول خبراء إن مجرد استمرار ردود الفعل في تفسير ما حدث، وطبيعة ملابس الفتاة ومدى ملاءمتها لفصل الشتاء والتظاهر، يؤكد اموراً اهمها حالة الفوضى والتشتت التي يعيشها الاعلام المصري بقطاعيه الخاص والعام منذ الاطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك ونظامه في فبراير الماضي.

ويضيف هؤلاء أن تركيز الاعلام على محاولة الاجابة عن العديد من التساؤلات التي اثارها الشريط، مثل دوافع الفتاة وملابسها وعدم ارتدائها شيئا تحت العباءة، وعدد الجنود الذين شاركوا في ضربها وجرها وتعريتها ومدى تعمدهم ذلك، ومشاركة متظاهرة ثانية في الدفاع عنها ومحاولتها حمايتها وانقاذها من بين ايدي الجنود، وتلقيها الضربات نيابة عنها، والشكوك حول مدى صحة الشريط وما اذا كان حقيقيا وأصليا او مفبركاً، كل ذلك انما يدل على تحول اهتمام الاعلام وباسم حرية التعبير والديمقراطية من جوهر المسألة ولبّها، وهو لماذا تعرضت الفتاة لكل هذا العنف؟ ولماذا لم تتم محاكمة المتورطين في ضربها وسحلها؟

ويقول خبير إنه من المخجل حقا ان تحتل صورة الفتاة صدارة الصفحات الاولى من الصحف الاميركية والبريطانية، وان تدين منظمة العفو الدولية، ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون، ما تعرضت له الفتاة وتصفه بـ«العار»، بينما الاعلام في مصر ضائع بين الدفاع عن تصرفات الجنود ومحاولة تبرير تصرفات المجلس العسكري والدفاع عنها والتشكيك في عفة الفتاة وشرفها تارة وفي سلوكها وملابسها وانتمائها الوطني تارة أخرى، والتشكيك في شبان ثورة يناير تارة ثالثة.

ومن بين وجهات النظر المطروحة ما قاله اللواء عادل عمارة عضو المجلس العسكري، من أن الفيديو يخضع للتحقيق لكشف ملابسات الحادث ومحاسبة المسؤولين عنه، بينما قال رئيس تحرير جريدة الأسبوع، مصطفى بكري، «انه لابد من فحص الشريط جيداً والتأكد من انه غير مركب او مفبرك، وان يقول القضاء كلمته في الامر».

ويذهب الصحافي أيمن الصياد رئيس تحرير مجلة «وجهات نظر» الى القول إنه لم يتم تصوير الفيديو بكاميرا هاتف محمول وإنما بواسطة وكالة«رويترز». وبذلك لا يمكن التشكيك في صدقيتها، خصوصاً أن مصور الوكالة الذي التقطها موجود ومعروف.

من جانبه، قال طارق الخولي المتحدث الإعلامي لحركة 6 أبريل المصرية، ان ما حدث للفتاة جزء «مما تعودنا نحن المصريين عليه في الفترة الاخيرة من ممارسات المجلس العسكري من عنف مفرط وقلب للحقائق، وتشكيك في الثوار وشباب التحرير، ومحاولة إحداث انقسامات بين جماهير الشعب المصري، لكي يبقى هو المسيطر على مقاليد الأمور». ويقول الخولي واعلاميون إنه من الممكن ان يتفهم المرء دفاع الصحف والمحطات التلفزيونية الحكومية عن موقف المجلس العسكري، لكن ما يبعث على الدهشة هو وقوع الصحف المستقلة والحزبية ومحطات التلفزيون الخاصة في فخ الجدل حول ملابس الفتاة والتشكيك في صحة ما حدث وصحة الصور والشريط على حساب الحقيقة الماثلة.

تويتر