الإعلام وتبييض الوجوه
عندما اتهم المذيع اللبناني طوني خليفة من خلال برنامجه «للنشر» محطة تلفزيون «إم بي سي»، بأن النجوم الاربعة الذين وصلوا الى التصفيات الاخيرة لبرنامج «أراب آيدول»، محترفون وليسوا هواة، كما يدعي البرنامج المذكور، ما كان من محطة «ام بي سي» إلا أن ردت بطريقة راقية وتدعو للإعجاب فعلاً، إذ انها لم ترفض ما قاله طوني خليفة بل زادت على ذلك أنها عرضت الاسماء الحقيقية للفنانين الى جانب الأسماء الجديدة.
وقال طوني خليفة، إنه حاول مرات عدة الاتصال بجهات في محطة «ام بي سي» من ضمنهم الفنان اللبناني راغب علامة، وهو عضو في لجنة التحكيم التي تشرف على البرنامج وكانت اجابات الجميع صريحة وواضحة وتنم عن مدى رقي اصحابها، فقد أبلغوه بأنهم ليسوا مخولين بالحديث باسم المحطة، وانتهت المسألة عند هذا الحد.
ولكن شخصاً غير معروف من موظفي «إم بي سي» كتب ردا قاسيا يخلو من أي لياقة، وكال التهم لمحطة «الجديد» واتهم طوني خليفة بأن ما يقوم به مجرد محاولة للظهور والشهرة، الأمر الذي يدعو للتساؤل: من هو طالب الشهرة فعلاً؟ ويعتقد المذيع خليفة، حسب ما قال في برنامجه «للنشر» في حلقته الاخيرة، إن ذلك البيان الذي كتبه موظف «إم بي سي» كان بمبادرة شخصية منه وربما من دون علم المحطة.
وبغض النظر عما كان يصبو اليه هذا الموظف، سواء إظهار مدى غيرته على المحطة التي يعمل بها أم لمجرد «تبييض الوجه»، فإنه ليس الوحيد من بين العاملين في الوسط الاعلامي الذين يبادرون إلى الدفاع عن جهة العمل، أو المطبوعة او القناة، وربما يكون ذلك عن عدم اقتناع وإنما لغاية في نفس يعقوب - كما يقال. ويتعارض هذا السلوك من قبل الاعلاميين مع جوهر العمل الاعلامي والصحافي، وهو البحث عن الحقيقة، وإيصالها الى المشاهد أو حتى القارئ الذي بات يثق بالجهة الاعلامية التي يستقي منها معلوماته. وإن الاخلال بهذه العلاقة بين المصدر الاعلامي والمتلقي يمكن أن تصيب هذا الاخير بخيبة أمل كبيرة يصعب ترميمها، خصوصاً ان المنافذ الاعلامية المطروحة كثيرة جداً.
وكان واضحاً أن ما أثاره برنامج «للنشر» عن حقيقة المشاركين في «أراب آيدول» هو إيصال الحقيقة الى المشاهد، (أي ان الفنانين هم من المحترفين وليسوا هواة)، غير أنه من غير المعروف ما هو هدف من يدافع أو يهاجم الآخرين دون الاستناد الى الحقيقة، أو حتى معرفة ما يدافع عنه أصلاً، خصوصاً أن المحطة لم تنكر ذلك، كما أنه يسبب إساءة وضرراً في الوقت الذي يعتقد أنه حريص اكثر من غيره على سمعة ومكانة المحطة التي يعمل بها، والتي هي بالأساس لا تحتاج الى من يدافع عنها كونها تتمتع بالصدقية والحرفية ومشهوداً لها باعتبارها من أفضل المحطات العربية. لايزال مفهوم الحرية والمسؤولية في إعلامنا العربي يعاني كثيراً من الالتباس.