رحيل إعلامي أميركي شجاع

غيب الموت عنا، مطلع هذا الأسبوع، الاعلامي الأميركي المخضرم مايك والاس، الذي اقترن اسمه ببرنامج «60 دقيقة» الشهير، على شبكة التلفزيون الأميركية (سي بي إس)، مختتما حياة مهنية في الإعلام استمرت 60 عاما. وعمل والاس في برنامجه «60 دقيقة» منذ 1968 حتى ،2006 غطى فيها الكثير من الأحداث السياسية داخل الولايات المتحدة وخارجها، كما يبدي العاملون في مجال الإعلام كثيرا من الاحترام لوالاس، لرفضه عرضا مغريا من الرئيس الجمهوري الراجل ريتشارد نيكسون بالانضمام الى حملته الانتخابية، وتفضيله مواصلة العمل الإعلامي من خلال برنامجه التلفزيوني، وعُرف عن هذا الاعلامي شجاعته في معارضة حرب فيتنام، وانتقاد المصرين على مواصلتها في الجانب الأميركي، مغامرا بعلاقته الجيدة مع الرئيس الأميركي ليندون جونسون، كما دفعت مواقفه الرافضة تلك الحرب وانتقاداته القادة العسكريين أحدهم وهو الجنرال وليام ويستمورلند إلى مقاضاته. وفي مقابلة مع صحيفة «بوسطن غلوب»، قال والاس إنه لا يخفي إعجابه الشديد بزعيم حركة الحقوق المدنية للاميركيين السود مارتن لوثر كينغ، لمعارضته الشديدة لحرب فيتنام. وفي عام ،2004 اعتقلت الشرطة الأميركية والاس، ووضعت الأصفاد في يديه، بتهمة اثارة الشغب، والتدخل بشكل عنيف لمنع استجواب الشرطة في مدينة نيويورك لسائقه الخاص. وعلى مدى مسيرته الإعلامية، التي امتدت عقودا، أجرى والاس مقابلات مع جميع رؤساء الولايات المتحدة تقريبا، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، ورائد الحقوق المدنية مالكولم إكس، ولم يكن والاس يتردد في الاعتراف بكل جرأة أمام ضيفه بأنه شخص لحوح، واشتهر بالطريقة اللافتة لإجرائه المقابلات، إذ كان يطرح اسئلة صعبة لا يمكن للضيف التهرب منها، واكتوى مشاهير أمثال لوتشيانو بافاروتي، وتينا ترنر، وسالفادور دالي، وباربرا سترايسند بنار أسئلته الصعبة والمحرجة، كما أن والاس لم يتردد في أن يقول للزعيم الإيراني آية الله الخميني في عام ،1979 إن الرئيس المصري انور السادات يعتبره «مجنونا»، فرد الخميني واصفا السادات بأنه «هرطوق».

وفاز والاس بجائزة «ايمي» الرفيعة في سن الـ89 عن مقابلة أجراها في أغسطس 2006 مع الرئيس الايراني، ومن أبرز أعماله بعد تقاعده التقرير الذي أعده في مايو ،2007 عن المرشح الرئاسي الجمهوري المحتمل للرئاسة ميت رومني، وحوار مع جاك كيفوركيان الطبيب الأميركي الذي كان يؤيد مساعدة المرضى، الذين لا يوجد أمل في شفائهم، على وضع حد لحياتهم. بقي أن نقول إننا في العالم العربي في أشد الحاجة إلى اعلاميين يتسمون بالشجاعة، ولا يترددون في الدفاع عن مواقفهم، ويتحلون بالمهنية، مثل والاس، لأن هؤلاء هم من يحملون شعلة التغيير والتطوير في حياتنا.

الأكثر مشاركة