السلفادور تحبس أنفاسها في يوم بلا جرائم
كان يوم السبت، منتصف الشهر الماضي، يوما تاريخيا في السلفادور، لقد مر هذا اليوم دون أن يقتل أحد في هذا البلد اللاتيني، ولأول مرة طوال ثلاث سنوات، لم يسمع عناصر الشرطة طلقات نارية ولم تسمع صفارات الإنذار من سيارات الإسعاف. يقول الرئيس السلفادوري موريسيو فيونز وعلامات الرضا بادية على وجهه «لم يقتل أحد في بلدنا». ومن المعروف أن هذا البلد الصغير يسجل سنويا عددا كبيرا من الجرائم وضعته في قائمة الدول الأكثر سفكا للدماء في العالم، بمعدل 15 قتيل يوميا، إلا أن الهدنة الأخيرة التي أبرمت بين العصابات أسهمت في تراجع عدد الحوادث بشكل ملحوظ خلال مارس الماضي. ويعلق القس أنطونيو رودريغاز على الهدنة، قائلا: «هذا السلام الذي عقد خلف أبواب مغلقة، أخفق في التعامل مع الأسباب الحقيقية للعنف»، مضيفا «هذا سلام المافيا». وفي اليوم الذي أعلن فيه فيونز عن الخبر السعيد، قالت سيدتين إن ابنيهما اختطفا في ذلك اليوم.
ويقول سكان في الأحياء الفقيرة إن السلام الحقيقي وجرائم القتل في تراجع، إلا أن ذلك لن يدوم طويلا. ويقول مراقبون إن تراجع العنف لا يعود إلى امتلاك الحكومة لجهاز أمني أكثر قوة ونظام قضائي أكثر صرامة وسجونا أشد حزما، لكن يرجع إلى دعوة العصابتين الرئيستين في البلاد وهما «مارا سلفاتروشا»، و«مارا 18» إلى هدنة. ويقول قيادي في العصابة ويدعى، كارلوس إرنستو مويكا، الذي أعلن الهدنة «نعيش في حالة حرب وتوصلنا إلى قرار بضرورة التوقف عن ذلك». أما العضو السابق في العصابات، رفائيل جوردن، فيقول «عدد الضحايا أقل بـ200 من الماضي». وأضاف أن العصابتين جادتان هذه المرة، وأن أي إجهاض أو خرق للهدنة خارج عن إرادة العصابتين، وهما بريئتان من ذلك.
من جهة أخرى، يقول سلفادور ميجيا، ويعمل سائق تاكسي «لقد انخفض مستوى الجريمة قليلا، لكنْ المجرمون يقومون بخطف الناس عوضا عن ذلك».
ويرى البعض أن إعطاء قادة العصابات وعناصرها حصانة بمجرد التوقف عن العنف، يضر بصدقية الدولة.
جدير بالذكر، أن أميركا الوسطى ظلت عاجزة أمام العصابات لأكثر من ثلاثة عقود، وتم إنشاء وحدات خاصة مدربة على محاربة العصابات في السلفادور، واستعانت بالخبرات الأميركية في هذا السياق، إذ قدم مكتب التحقيقات الفيدرالي المساعدة في تدريب عناصر الوحدات. وطالب راؤول ميانغو، وهو قيادي سابق في العصابات بإعطاء الفرصة الكاملة لاستكمال الهدنة وتحقيق السلام الدائم، وعدم التسرع في التشاؤم «على الأقل الآن من الممكن الحديث عن السلام»، مضيفا أنه قبل 40 يوما فقط، كان التوصل إلى حل للعنف المزمن فكرة يصعب تخيلها.