فشل الدولة في تعزيز ثقة المواطن بالنظام الأمني

نساء الهند يشهرنَ السلاح في وجه الرجـال

تعد الهند في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث انتشار الأسلحة الشخصية. غيتي

تتجه نساء الهند بشكل متزايد لحمل السلاح الناري للدفاع عن أنفسهن حال تعرضهن لمحاولات الاغتصاب أو السرقة، ولا كثير من النساء بحماية الشرطة التي غالباً ما تأتي متأخرة إلى مسرح الجريمة «إن جاءت بالفعل»، ولهذا السبب تحمل الدكتورة هارفين كاور سيدهو مسدسها داخل حقيبتها عندما تغادر منزلها الى السوق المجاورة في مدينة شاندغرا بشمال غرب الهند، واشترت سيدهو (طبيبة الأسنان البالغة من العمر 33 عاماً) هذا المسدس قبل عام، بعد أن حصلت على ترخيص بحمله لكنه الآن لا يفارقها أبدا خلال ترحالها.

وتقول «لا أثق أبدا بحماية الشرطة، فالكثير من النساء يتعرضن للهجوم في الوقت الحالي، ومن حق أي شخص الدفاع عن نفسه، وينبغي ان تحمل جميع النساء المعرضات للهجوم اسلحة نارية».

ويعتبر هذا الاتجاه الجديد جزءاً من ثقافة متنامية لحمل الأسلحة النارية في بلاد اشتهرت من قبل بمبادئ اللاعنف التي تبناها الزعيم المهاتما غاندي. ويقدر عدد الاسلحة الشخصية في الهند بـ40 مليون قطعة سلاح، ما يضعها في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في هذا الخصوص. ومن الصعب الحصول على ترخيص لحمل السلاح في الهند، لذلك فإن معظم الاسلحة غير قانونية يتم تصنيعها في ورش خلفية داخل المناطق الصناعية. وعلى الرغم من أن معدل ملكية هذه الأسلحة لكل شخص منخفضة للغاية (ثلاثة اسلحة لكل 100 شخص)، إلا ان هناك دلائل قوية تشير الى تنامي اهتمام الطبقة الوسطى بالأسلحة النارية، ومن تلك الدلائل ظهور اتحادات مثل الاتحاد الوطني لحق حمل السلاح في الهند، الذي تأسس عام ،2009 والذي يدعو الى تخفيف القيود على حمل هذا السلاح، ويقول الامين العام لهذا الاتحاد، راكشيت شارما «إننا نسعى لاستخدام السلاح كملاذ أخير»، ويضيف أن «هناك الكثير من التساؤلات من النساء الراغبات في الحصول على سلاح مع الالتزام بالقانون».

ويصبح هذا الاتجاه أقوى في المناطق التي تتميز بتقليد راسخ في استخدام السلاح مثل منطقة البنجاب في الشمال الغربي، بسبب الثروة والتاريخ العسكري الطويل، والتمرد الوحشي الذي انتهى قبل 20 عاماً. وتشير الاحصاءات إلى ان 50٪ من الاسلحة النارية المعروضة في السوق تشتريها النساء، إلا أن العدد في ارتفاع مستمر، وتفيد البيانات التي تم الحصول عليها بموجب قانون «تمليك الحقائق للمواطن» بأن 31300 رخصة سلاح تم اصدارها للنساء في منطقة البنجاب، وان 31026 منهن اشترين بالفعل اسلحة نارية.

إحدى هؤلاء النساء هي انيتا ديمان داس، التي تعيش في المركز التجاري المزدهر في منطقة ليوضيانا الغنية، الذي يبعد 80 ميلا من مدينة شاندغرا، وحصلت داس على سلاحها الناري قبل ثلاث سنوات، وتحتفظ بثلاثة اسلحة بموجب ترخيصها، وتقول انها تحمل مسدسها من نوع روجر في حقيبتها كلما ذهبت للتسوق، لأن هناك كثيراً من السرقات هذه الايام. ومثلها مثل سيدهو تقول داس، انها تحس بالأمان عندما تحمل مسدسها. ويمتلك زوجها اشوار 11 سلاحاً نارياً من بينها بنادق صيد.

وتقول ربة المنزل نافديب في ليوضيانا انها تحتفظ ببندقية في منزلها لأغراض أمنية عندما يذهب زوجها بعيداً للعمل، واشترت قبل فترة قصيرة مسدساً خفيفاً لاستخدامه خارج المنزل، وتقول إن العديد من رجال الطبقات الدنيا يضايقون النساء، لهذا فإن السلاح الناري خير وسيلة لجعلهم يبتعدون، «فإذا كنت عائدة الى المنزل وحدي في وقت متأخر من الليل فإن السلاح ضروري بالنسبة لي، لأنني حتى لو استدعيت الشرطة فإنها تأتي متأخرة».

وتعود هذه الظاهرة جزئيا الى فشل الدولة في تعزيز احساس المواطن بالثقة في النظام الامني، لاسيما وسط النساء، حيث تشير العديد من التقارير الى ازدياد حالات الجرائم الجنسية، ويعتبر الاغتصاب الجماعي أمراً شائعاً في العاصمة نيودلهي. وكشفت احدى المجلات عن انتشار «بغض النساء» بين كبار ضباط الشرطة، الذين يدعون ان المخطئ هو الضحية. وتعتقد سيدهو أن تغير نمط الحياة جعل النساء اكثر عرضة للهجوم لاسيما النساء العاملات اللاتي يعدن الى منازلهن في وقت متأخر من الليل، وتقول «لماذا اعتمد على شخص آخر حتى ولو كان زوجي او الشرطة لتأمين الحماية لي؟».

تويتر