مليونا عامل قمامة في الهند معرّضون للتشرّد
تلان عظيمان من القمامة يقعان في قلب إحدى ضواحي العاصمة الهندية نيودلهي، الأول تل مهيب يتجاوز ارتفاعه العمارات السكنية المجاورة، أما الثاني فيقع بالقرب من مصنع تم بناؤه حديثاً لتدوير القمامة، وبين الكومتين يوجد 400 شخص يعتمدون في عيشهم على فرز القمامة. ويقضون سحابة نهارهم فوق هذه الأكوام في درجة حرارة تزيد على 40 درجة مئوية يخوضون أكوام الزبالة، في الوقت الذي توافيهم سيارات القمامة بمزيد من الأوساخ من المدينة التي تعد أكبر المدن العالمية.
يقول نور محمد الذي يعول اسرة من ثمانية اشخاص نظير 10 آلاف روبية (نحو 650 درهماً) يتقاضاها من فرز القمامة- إن «حياته اصبحت زبالة»، ظل محمد يعمل في هذه المهنة منذ 20 عاما، وأصبح الآن مهدداً بفقدان مهنته بعد ان يبدأ مصنع التدوير عملياته، ويضيف «لا أدري ما افعل، لقد اخبرونا بأننا سنحصل على وظائف في المصنع، لكن كيف يتسنى لهم توظيفنا جميعاً، وإذا لم نستطع العمل في المصنع فإننا لا نملك أي مهارة لممارسة عمل آخر».
ويحصل اكثر من مليوني شخص في الهند على معيشتهم من تدوير القمامة، ويخشون على مستقبلهم المهني بعد دخول الماكينة مجال تدوير القمامة، ويقطع السكان القاطنون في اكواخ الصفيح امتاراً قليلة في الساعات الاولى من الصباح للوصول الى تلال القمامة، وينقب الأطفال داخل الأكوام بحثاً عن البلاستيك أو المعادن التي يبيعونها للوسطاء ويحصلون من ورائها على نقود قليلة.
يقول موتي خان، الذي ظل يمارس مهنة جمع القمامة 15 عاماً «نتعرض للمرض ستة ايام تقريباً في الشهر، ونصاب بالحمى والقيء والاسهالات والطفح الجلدي وكل الأمراض».
ويعثر جامعو القمامة خلال عملهم على جميع متعلقات الحياة والموت، إذ يعثرون في بعض الأحيان على الأكفان، لكنهم يعثرون ايضاً على فساتين الزفاف، ولا احد منهم يعرف ما سيحل به من مصير بعد اكتمال مصنع غزيبور لتدوير القمامة. أحد المسؤولين في المصنع يؤكد أن هناك 100 وظيفة متاحة سيحصل جامعو القمامة على القليل منها. ومعظم الوظائف تتطلب عمالاً شبه مهرة أو فنيين، وإن لم يحصل هؤلاء على تدريب فليس هناك امل في استيعابهم في المصنع، فضلاً عن كونهم أميين. يقول المسؤول إن «الأمر متروك للمتعاقدين المسؤولين عن التوظيف ونحن لسنا مسؤولين عن وضع جامعي القمامة، فهناك جهات غير حكومية تهتم بهم».
ويعيش جامعو القمامة وعوائلهم في أكواخ مبنية من مواد مجلوبة من اكوام القمامة، وغالباً ما يعيش 12 شخصاً في كوخ واحد، مع عدم توافر الشروط الصحية او كهرباء، وتتم سرقة الكهرباء من الخطوط الرئيسة، وقبل اشهر قليلة سقط خط رئيس على الأكواخ وتسبب في احتراق بعضها.
وتبدو الحياة في هذه الأكواخ بائسة لكنها بالنسبة لجامعي القمامة تعتبر افضل حالاً من ظروف معيشتهم السابقة، حيث وفد معظمهم من منطقة مدنابور، التي تعتبر افقر المناطق في ولاية غرب البنغال الهندية، وكانوا يعملون هناك اجراء في المزارع وعاشوا ظروفاً اقرب الى المجاعة في منطقة تعج بالنزاعات السياسية والاجتماعية، وأصبحوا مثلهم مثل الكثير من المهاجرين الى نيودلهي ينعمون بحياة افضل نسبياً من التي تركوها خلفهم. واستطاع بعضهم أن يوفر ما فيه الكفاية ليفتح متجراً أو يمارس اعمالاً صغيرة ويرسل ابناءه الى المدارس المحلية. أحد جامعي القمامة ترشح في الانتخابات لمجلس محلي لكنه فشل.
ويختتم نور حديثه، قائلاً «نستطيع هنا على الأقل ان نعيش حياتنا بكرامة، على الرغم من كوننا نحيا في قلب القمامة، الا أن هذا المصنع يعني نهاية حياتنا هنا».