تعبيراً عن احباطها من تدخل الولايات المتحدة في شؤونها الخاصة
دول لاتينية تقاوم مكافحة المخدرات
تعبيراً عن إحباطها من تدخلات الولايات المتحدة في شؤونها الخاص، ومن إملاءاتها عليها بشأن حربها على المخدرات، أخذت دول في اميركا اللاتينية أخيرا، في اعادة تدوير تلك الحرب والالتفاف عليها، وابدت تراخياً في استخدام القوة الكافية لقمع جماعات زراعة وتهريب المخدرات.
ويقول محللون ان المراقب عن كثب لما يجري في تلك الدول، قد يذهب به الاعتقاد الى ان مواقفها وسياساتها تبدي تهاونا في استخدام القوة لمكافحة المخدرات، وتبدو قريبة من تشريع تداولها وتجارتها وجعله قانونياً.
وهاجر آلاف البوليفيين، ومنهم والدا مارسيلا لوبيز فاسكيز، الى منطقة تشاباري في جبال الانديز، بحثا عن فرصة افضل للعيش، هربا من اضطرابات اقتصادية وبيئية اصابت الزراعة وتجمعات صناعة التعدين في مناطقهم الاصلية خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حيث نشطوا في زراعة الموز والحمضيات، ولكن ازدهرت معهم ايضاً زراعة الكوكا التي تستخرج منها المخدرات، والتي وفرت لهم مخرجا من الفقر وسيولة نقدية في ظل «الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات في اميركا اللاتينية».
وتحتل نبتة الكوكا مكانتها المهمة في الثقافة البوليفية منذ 4000 عام، وتستهلك على نطاق واسع في الاحتفالات الدينية، ويتم استخدامها لأغراض طبية، اضافة الى انها تدخل في صناعة مادة الكوكايين المخدرة.
وتقول البوليفية لوبيز فاسكيز «زراعة نبات الكوكا والاتجار فيه هو المصدر الوحيد لإعالة عائلاتنا والانفاق عليها».
وبالنسبة للولايات المتحدة فإن مشكلات المخدرات تبدأ من تلال تشاباري وسهولها المزروعة بالكوكا التي تأتي بوليفيا في المرتبة الثالثة عالميا في زراعتها بعد كولومبيا وبيرو. وكانت لوبيز فاسكيز من البوليفيين الذين قاوموا التدخل الاميركي وأفسدوا العلاقات بين واشنطن ولاباز، وأدى ذلك الى اندلاع تظاهرات تحولت في احيان عديدة الى مصادمات عنيفة.
وفي 2004 حققت عائلات مزارعي الكوكا في تشاباري انتصاراً، حينما سمحت لهم الحكومة بزراعة الكوكا بكمية معينة لكل عائلة، ليتغير الوضع عقب انتخابات ،2006 التي جاءت بالرئيس البوليفي ايفو موراليس، الذي كان احد مزارعي الكوكا، والذي تعهد بوضع حد للشكل التقليدي لنموذج العلاقات بين بوليفيا والولايات المتحدة خلال ثلاث سنوات.
كما طرد موراليس القوة الاميركية لمكافحة المخدرات، والسفير الاميركي من بلاده، متهماً اياهما بإثارة المعارضة وتأليبها.
وخلال العام الماضي كانت بوليفيا الأولى في العالم التي تنسحب من اتفاقية الأمم المتحدة للمخدرات، التي تعود إلى ،1961 وذلك لفشل الميثاق في الاعتراف بالاستخدامات التقليدية والشعبية لأوراق نبات الكوكا.
وأصبحت نقابات واتحادات المزارعين شريكة للحكومة في السيطرة على زراعة الكوكا، وتوجيه كيفية استهلاك وبيع محصولها، حيث تعمل هذه النقابات على تقليل تدريجي للكمية التي تتم زراعتها سنوياً في بوليفيا، بعيدا عن موقف الاميركيين ورغباتهم.
وفي تقريرها للعام الحالي انتقدت الولايات المتحدة بوليفيا، وقالت انها فشلت في الوفاء بالتزاماتها الدولية بمحاربة المخدرات، رغم توقيعها على المعاهدة الدولية الخاصة بهذا الشأن.
وبالنسبة لأهالي منطقة تشاباري فإن تأميم الصراع البوليفي لمكافحة المخدرات يعني الحفاظ على نمط حياتهم، وضمان الحد الادنى من الدخل، من غير تهديد بصراع دائم ومتصل.
ويقول رئيس احدى الهيئات الحكومية المشرفة على تنظيم زراعة واستهلاك الكوكا فيليب مارتينيز «أنا منتج للكوكا، وهناك تنظيم ومراقبة لتداولها بشكل قانوني، وستختفي مادة الكوكايين وتنتهي عمليات تهريبها ».
وعلى مدى السنوات الاخيرة من الحرب على المخدرات في دول اميركا اللاتينية كان يسقط آلاف القتلى في بوليفيا وغيرها كل عام، وكان تسليم اي مهرب للمخدرات الى الحكومة الاميركية يجر انتقادات شعبية كبيرة. ويقول المحلل في الشؤون الأمنية والمسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المكسيكية، ليخاندرو هوبيي، إن حكومات دول اميركا اللاتينية تقوم بتعويم وتداول افكار جديدة متنوعة في مواجهة تجارة وتهريب المخدرات لا تروق للمسؤولين الاميركيين، ويطالب حكومة بلاده بعدم التهاون في ملاحقة المجرمين الخطرين الذين يغلب عليهم طابع العنف، غير ان هناك اتفاقات وعمليات تنسيق مستمرة بين الولايات المتحدة وحكومات هندوراس وكولومبيا في الحرب المتواصلة على تجار المخدرات ومهربيها، ما يثير انتقادات جماعات حقوق الانسان للحكومات الثلاث، لما تسفر عنه تلك الحرب من قتلى واصابات في صفوف المدنيين الأبرياء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news