المرصد

«تويتر».. تواصل سلس وانتهاكات

أصبح موقع «تويتر»، الذي يفضله المشاهير والعامة على السواء، جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية لعشرات الملايين من البشر حول الكرة الأرضية، واستطاع هذا الموقع الاجتماعي أن يغيّر ـ إلى الأبد ـ الأسلوب الذي نتواصل به مع بعضنا بعضاً، ومع العالم من حولنا، بيد أن هذه الوسيلة السلسة للتواصل، تنطوي على الكثير من المزالق القانونية، المتمثلة في ما يتمخض عن سوء استخدام ومضايقات شخصية وقذف وتشهير وخلافه، من احتكاكات بين المستخدمين.

في العام الماضي، تلقت الشرطة البريطانية وحدها ما يصل إلى 14 ألف شكوى، من مستخدمي «تويتر»، تعرضوا لمضايقات شخصية. وعلى الرغم من أن الشكاوى بشأن الانتهاكات الشخصية والمضايقات قليلة نسبيا في «تويتر»، في الوقت الراهن، إلا أنها تتزايد بشكل دراماتيكي، ومن المتوقع أن تتجاوز قريبا حالات مماثلة على مواقع اجتماعية أخرى.

ويفرض هذا الواقع الجديد تحديا جديدا للكيانين التشريعي والتنفيذي، إذ يسعى هذان الكيانان إلى مجاراة الواقع الذي يفرضه التطور السريع، بل المريع في عالم المعلوماتية. ويتساءل بعض المتخصصين في هذه الشؤون، ما إذا كانت القوانين الحالية كافية للتعامل مع المضايقات والانتهاكات الإلكترونية، ولمقاضاة مرتكبيها بمجرد القبض عليهم، وماذا بشأن مسؤولية مؤسسة «تويتر» نفسها، كمزود خدمة لهذا المنبر الاجتماعي، وكوسيط ينقل مثل هذه الرسائل المثيرة للجدل.

تتبنى بعض المؤسسات الحديثة ما يطلق عليه أسلوب «القيادة التكاسلية أو الحرة أو التسيبية»، إذ تقوم مثل هذه القيادات بدور هامشي، أو فوضوي، أو تكاسلي في إدارة منظومتها المؤسسية، وتمنح مرؤوسيها الحرية في اتخاذ القرارات، وتتبع مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة ـ ومن بينها «تويتر» ـ نمطا شبيها بذلك، وتعتقد أن المستخدمين أحرار في استخدام الموقع، وكتابة ما يرونه مناسبا، وأنها ليست وسيطا لنقل التعليقات أو العبارات الخادشة للحياء، أو المهينة مثلا بين الأطراف المستخدمة الموقع، وأنها تدرك أن أي مستخدم لديه إحساس مختلف، حيال ما يرد من تعليقات، وتطلب من أي مستخدم يشعر بأنه لا يتفق مع ما يرد إليه من تعليقات أو مواد أو أحس بأنه تعرض للإساءة، أن يسارع إلى إغلاق المجرى، الذي تتدفق ـ من خلاله ـ مثل هذه البيانات إلى حسابه، وبذلك تتنصل «تويتر» من المسؤولية وتلقيها على المستخدم، إلا أن أسلوب الإغلاق هذا لن يحل المشكلة، لأن المستخدم المسيء لايزال حرا، لينشر تعليقاته المسيئة عن المستخدم المساء إليه ليقرأها مستخدمون آخرون، ولا يستطيع المستخدم المساء إليه أن يفعل شيئا حيال ذلك، إلا إذا أثبت بطريقة، أو أخرى أن الإساءة موجهة إليه.

هذا النمط التسيبي لم يمنع مؤسسة «تويتر» ـ في بعض الحالات ـ من التدخل، للدفاع عن شركائها المؤسسين، وهو ما حدث الأسبوع الماضي، عندما وجدت «تويتر» نفسها في خضم جدل مستفيض، من كثير من المستخدمين، بعد تعليقها حساب أحد الصحافيين البريطانيين الذي يعمل من كاليفورنيا، والذي انتقد تغطية شبكة «إن بي سي» الاخبارية لأولمبياد لندن، ونقل انتقاده ذلك عبر بريد إلكتروني لحدت رؤساء الشبكة، وعلى الرغم من أن «تويتر» أعادت فتح حساب الصحافي، بعد أن أثبت أن ذلك البريد الإلكتروني متاح للاستخدام العام، وليس بريدا شخصيا، فقد سجلت «تويتر» سابقة في التدخل بمنطقة حظرتها على نفسها من قبل، لاسيما بعد أن رشح أن «تويتر» شجعت هذا الرئيس للابلاغ عن الصحافي.

لكن شئنا أم أبينا، فإن «تويتر» جاءت لتبقى، وأصبحت جزءا من الحياة اليومية للأشخاص الذين يستخدمونها، لينقلوا لأصدقائهم كل شيء، بدءا مما تناولوه على الإفطار، وانتهاء بمعاناتهم اليومية.

تويتر