ناشطو حقوق الإنسان شنّوا حملات على الشركات الأميركية التي تحاول السيطرة على قطاع المناجم في المكسيك. أرشيفية

قرية مكسيكية تثور سلمياً ضدّ شركة مناجم

أدى العصيان المدني إلى وقف إنتاج شركة رئيسة لإنتاج الفضة في المكسيك، عندما قام سكان قرية لاسيريتا، والتي تبعد 40 كيلومتراً عن مدينة غوميز بالاسيو، بإغلاق منجم لابلاتوسا الذي تملكه شركة أكسلون الكندية لأكثر من شهر من الزمن. جاء ذلك رداً على رفض الشركة التفاوض مع سكان القرية بشأن مطالبهم بأفضلية تشغيلهم في الاراضي التابعة لهم، والتي يقع المنجم فيها، إضافة إلى دفع أجر الارض التي تستخدمها. وكانت ظروف العمل في المنجم هي من القضايا التي تم طرحها أيضاً. وعمد العشرات من سكان القرية الى محاصرة أحد الطرق المؤدية الى المنجم، ولكن بصورة سلمية، إذ كانوا يسمحون لعمال الصيانة الضرورية فقط بالمرور، الأمر الذي نجم عنه توقف عمل المنجم.

وخلال الأعوام القليلة الماضية أدى تشغيل المناجم إلى إثارة احتجاجات السكان المحليين من البيرو إلى تنزانيا وبابو غينيا الجديدة. وتظل المكسيك موقع حدوث العديد من حالات الكفاح المهمة، التي كانت في المعظم تتعلق بشركات كندية. ويعارض سكان المناطق التي تقع فيها المناجم حالة فقدانهم لأراضيهم، واحتوائها على الكثير من المواد السامة، بما فيها الزرنيخ والسيانيد، والتي تستخدم بغزارة في استخلاص الذهب.

وبخلاف العديد من هذه الصراعات، فإن سكان قرية لاسيريبتا نجحوا في تكبيد الشركة تكاليف عالية ومهمة. وكما هي الحال في الاضراب الفعال، كان سكان القرية يأملون أن يؤدي الاغلاق المتواصل للمنجم الوحيد الذي تشغله شركة أكسلون في المنطقة الى إجبارها على الاستسلام. واضافة الى اصرار سكان القرية على استمرارية الحصار، تميز كفاحهم بالنجاح في وقف المنجم بصورة فعالة دون اللجوء الى العنف، الأمر الذي سيجرّ عليهم تدخّل الحكومة المكسيكية او الشركة نفسها.

واعتاد كثير من ناشطي حقوق الانسان شن حملات ضد الشركات الاميركية في المنطقة، التي تواصل السيطرة على العديد من قطاعات المناجم. ولكن الشركات الكندية تعتبر الاكثر سوءاً واستغلالاً من بين جميع شركات استخراج المواد الخام. ومنذ تسعينات القرن الماضي ظهرت الشركات الكندية باعتبارها الاضخم من نوعها في العالم. ويعتبر سوق البورصة في تورونتو المصدر الرئيس لتمويل عمليات صناعة المناجم. وفي عام 2010 امتلكت شركات المناجم الكندية أصولاً تبلغ قيمتها نحو 129 مليار دولار في مختلف دول العالم، إذ يمتلك 90٪ من قبل أكبر 70 شركة.

وبدأت شركة أكسلون العمل في منجم لابلاتوسا عام ،2004 استناداً الى الانظمة العادية التي تتبعها شركات صناعة المناجم العاملة في المكسيك، حيث يتعين عليها الحصول على رخص من الحكومة الاتحادية وتفويض من الحكومة المحلية، لكن دون تفاوض مسبق او تشاور مع السكان المحليين. ولكن تجمّع مالكي الاراضي شكّل تحدياً كبيراً للشركة. وفي عام 2008 تمكنوا من إجبار الشركة على توقيع اتفاقات تجبرها على دفع أجر الاراضي التي تستخدمها لحفر المناجم، اضافة الى تشغيل سكان قرية لاسيريتا التي تعاني البطالة. ولكن الشركة لم تلتزم بكل تعهداتها، وقال المزارع المحلي دانيا باشيكو: «على الرغم من أن الشركة تكسب 30 مليون دولار من منجم لابلاتوزا سنوياً، إلا أنها لم تقدم اي شيء لدعم وتنمية القرى التي تعمل بها».

ونتيجة للضغط الذي فرضه سكان القرية اضطر رئيس الشركة، برندان كاهيلي، إلى القدوم من كندا للتحدث مع المزارعين الذين يفرضون الحصار في يوليو الماضي، وطالب القرية بفك الحصار عن المنجم قبل الشروع في المفاوضات، ولكن القرية رفضت ذلك. وهدد كاهيلي بإغلاق المنجم، لكن السكان المحليين تمسكوا بموقفهم.

وتدخلت الحكومة التي غيرت موقفها من داعم مباشر للشركة الى وسيط بهدف التوصل الى حل، ودعت الشركة الى التفاوض مع السكان في الثاني من أغسطس الماضي.

وتوقعت الشركة أن يتم رفع الحصار خلال 24 ساعة، ولكن ذلك لم يحدث، وخرج ممثل الشركة روبرت مور، بعد خمس دقائق من بدء الاجتماع الثاني في 13 أغسطس مع ممثلي القرية في مدينة مكسيكو بحضور مسؤولين حكوميين، احتجاجاً على استمرار الحصار. وكررت السلطات الحكومية اعترافها باستعداد ممثلي القرية للتفاوض، ووعدت بمواصلة الضغط على الشركة للدخول في حوار مثمر مع ممثلي القرية. ولابد من القول إن هذه التطورات تعتبر سابقة غير معروفة في صراع المناجم في المكسيك.

الأكثر مشاركة