المرصد

إليزابيث ميردوخ ضد أبيها

على مدى سنوات طويلة في ظل مجد الإمبراطورية الإعلامية لوالدها لم يعرف عن اليزابيث ابنة قطب الاعلام اليهودي البريطاني، الاسترالي الاصل، روبرت ميردوخ، لم يعرف عن اليزابيث حبها الظهور، لكنها تمردت أخيراً على امبراطورية ابيها وقيمه وفلسفته، وظهرت لتقدم نفسها إعلامية جريئة صريحة ونزيهة واخلاقية، تدافع بقوة عن القيم الأصيلة والنبيلة المتفق عليها في مهنة الصحافة.

ومع تقدم أبيها في السن واشتداد المنافسة بين اشقائها وشقيقاتها في التسابق على المناصب الرفيعة والمؤثرة في مؤسسات امبراطوريته، آثرت اليزابيث الانسحاب بهدوء من هذه المنافسة الى خارج الامبراطورية تماماً، وتساءلت اكثر من مرة، في لقاءات ومناسبات عدة، عما اذا كانت الصحافة هي من أجل الربح ام خدمة المجتمع، والمساهمة في حل مشكلاته.

وبعد اتساع ذيول فضيحة التنصت على الهواتف التي هزت امبراطورية ميردوخ، العام الماضي، تعززت الاتهامات لمردوخ وصحفه بالانتهازية، والسعي الى الكسب المادي على حساب الاخلاقيات والقيم النبيلة التي تنطوي عليها ممارسة مهنة الصحافة كالنزاهة والموضوعية المهنية والاخلاق.

ومنذ وقت طويل، يقول منتقدو ميردوخ، إن كل ما لديه من تلفزيونات وصحف ومجلات تركز على الاثارة، سواء كانت سياسية او ثقافية او جنسية، لكسب المزيد من القراء وتحقيق الارباح. وفي خطاب لها امام احدى الندوات في جامعة أدنبرة، قالت اليزابيث: «حالياً، تسأل مؤسسة ابيها نيوز كورب نفسها بعض الأسئلة المهمة والصعبة حول كيفية واسبا ب سقوطها، في بعض سلوكياتها وممارساتها، الى اقل من مستوى سمعتها ومركزها وقيمها». ولم يكن سراً أن اليزابيث كانت تقصد بذلك شقيقها جيمس، الذي صار تدريجياً يحل محل والدهما. كما أنه ليس من قبيل الصدفة أنها تحدثت في الجامعة نفسها، وفي المناسبة نفسها، التي تحدث فيها بالماضي والدها وأخوها. وفي حديثها أشارت اليزابيث مرات عدة الى مفردات، مثل «النزاهة» و«النتائج الإيجابية» و«حرية الصحافة» و«المهنية».

وامتدحت اليزابيث الإذاعة البريطانية «بي بي سي» غير الربحية، التي تعتمد على إسهامات البريطانيين، والتي ظلت معلماً عالمياً وتاريخياً للعمل الصحافي الذي يركز على النزاهة والحياد، ونوهت كذلك بتنظيم الألعاب الأولمبية أخيراً في بريطانيا، التي قالت إنها حققت نجاحاً كبيراً وأكدت فلسفة الأعمال الخيرية والإنسانية عبر التاريخ.

كما قارنت بين «بي بي سي» وتنظيم الألعاب الأولمبية، وما كان قد ذكره شقيقها جيمس في الجامعة نفسها قبل ثلاث سنوات، من أن «الضامن الوحيد الموثوق به، والدائم للاستقلال هو الربح»،

وما زاد من استياء اليزابيث وإحباطها شعورها المتزايد بأن هناك انطباعاً عاماً تولّد في بريطانيا بأن صحف ميردوخ وتلفزيوناته ومجلاته اصبحت مثالاً للقرصنة والتطفل على خصوصيات الناس، والتنكر للقيم الصحافية المتعارف عليها. وبقي أن نقول لا ندري أهو من حسن حظ اليزابيث ميردوخ او سوئه انه في يوم حديثها في جامعة ادنبره اعتقلت الشرطة البريطانية رجلاً في اطار التحقيقات المستمرة عن جرائم القرصنة الهاتفية وعلى الإنترنت، وهي الفضيحة التي مازالت ذيولها تتفاعل ملحقة المزيد من الأضرار المادية والمعنوية بأبيها وإمبراطوريته.

تويتر