أرامل الهند «منبوذات»رغم استضافتهن في مدينة خاصة
وجدت لاليتا غوسوامي نفسها أرملة بعد سنوات قليلة من الزواج، فقد توفي زوجها المدمن بسبب جرعة زائدة، وعلى الرغم من معاملته السيئة لها إلا أنها تقول ان وجوده ضروري. وعانت غوسوامي على مدى عقود من أجل إيجاد القوت لأطفالها الثلاثة، لم تستطع العيش في بيت زوجها لأن عائلة هذا الأخير طردتها لتجد نفسها عبئاً على والدها في ولاية كالكوتا. ولأن الأرملة غير مرحب بها في هذه المنطقـة، إذ أنها عبء مالي وعار اجتماعي، تم نفيها إلى فريندافان، وسط الهند، المعروفة بمدينة الأرامل.
يعيش حالياً أكثر من 1500 أرملة في المدينة، ويعتقد أن فريندافان التي تضم آلاف المعابد الهندوسية، كانت ملجأ للأرامل قبل مئات السنين، وتقصدها الأرامل في الوقت الحالي طوعاً هروباً من قسوة أهاليهن في القرى والأرياف الهندية، حيث ترفض التقاليد توريث النساء. وتتساءل العجوز غوسوامي التي تعيش مع 30 أرملة في عنبر واحد «ما الذي يمكنني فعله أيضاً؟»، ولم تعد لدى العجوز قابلية للأكل إذ تعاني إسهالاً وصداعاً مزمنين. وتستفيد الأرملة في المجمع من مسكن مشترك ووجبة واحدة يومياً ومنحة شهرية تقدر بستة دولارات. ولا تعرف غوسوامي عمرها بالضبط «قد أكون في الـ70 أو ربما عمري ،80 كل ما أعرفه ان أطفالي لديهم أطفال».
في الماضي كانت المرأة الهندية ترمي نفسها في محرقة زوجها، ما يدل على فقدان قيمتها الاجتماعية بعد وفاة زوجها الذي يعيلها ويحميها، واستمر هذا التقليد لقرون، وعلى الرغم من أن هذه الممارسة أصبحت غير قانونية، فإن الأرملة لاتزال مصدر شؤم، خصوصاً في ثقافة ولاية البنغال، فوجودها في حفل الزفاف أو المهرجانات المحلية غير مرغوب فيه، وظلها يجلب الحظ السيئ. وقبل عقود قليلة فقط، كانت الأرامل تتهم بالتسبب في قتل أزواجهن، وفي الأفلام الهندية تتهم الحماة كنتها بـ«أكل ابنها»، والآن تواجه النساء صعوبة بالغة في الزواج مرة أخر بعد وفاة أزواجهن.
ويرى رئيس المجموعة المدنية الدولية «سولابة»، بندشوار باتاك، أنه «يتم التعامل مع الأرامل كالمنبوذينن»، موضحاً «التقاليد الهندية من وحي التراث والمعرفة، ولكن بعض تقاليدنا تتجاوز الإنسانية». وفي هذا السياق وعدت حكومة ولاية البنغال الغربية، حيث يعيش معظم الأرامل، بتوفير السكن إضافة إلى راتب يتجاوز ما كن يحصلن عليه في فريندافان.
ووفقاً للقوانين الهندوسية منذ قرون، ينبغي على الأرملة نبذ الكماليات والملابس المبهرجة وتناول وجبات نباتية بسيطة، وأن تتذكر زوجها دائماً.
وتقول إحدى المقيمات في معسكر الأرامل في فريندافان، وتدعى غودي، وهي عجوز في السبعينات من العمر، انها جاءت بعد التعرض للأذى من قبل ربيبتها، وهي شكوى شائعة في الهند. وتضيف العجوز المنهكة «ما الفائدة من إطعامي جيداً وضربي بالحذاء؟». وتقول متحسرة «لو ولدت رجلاً لكانت حياتي أفضل، لا يوجد الكثير من الاحترام للنساء في الهند». ولاتزال الأفكار المسبقة حول الأرامل كما هي في المناطق الريفية، حيث تصبح المرأة منبوذة وعديمة الجدوى بمجرد وفاة زوجها، إلا أن الأرملة في المناطق الحضرية تتمتع بفرص أفضل، إذ يمكن لها أن تتزوج مرة أخرى، وعادة ما تزف إلى أخي زوجها، كما تستمر في وظيفتها وتنال حصتها من التركة.
تحصل الأرملة التي تجاوزت الـ،60 على 16 دولاراً من الحكومة الهندية، إضافة إلى مساعدات غذائية، إلا أن 80٪ من الأرامل غير متعلمات ومن الصعب عليهن الذهاب إلى المؤسسات الحكومية لمتابعة ملفاتهن ومناقشة مشكلاتهن. وحتى اللواتي يتمكن من الوصول إلى الجهات المكلفة رعاية الأرامل، يؤكدن تفشي الفساد واقتطاع أجزاء من معاشهن لأسباب غير مفهومة. ويقول نشطاء إن السياسات ينبغي أن تهدف إلى جعل الأرامل مستقلات مالياً بدلاً من الاعتماد على المعونات الهزيلة. ولكن آخرين يشيرون إلى أن بعض الأرامل يحصلن على حياة كريمة في فريندافان.
ويشير مسؤولون إلى ظاهرة التسول التي انتشرت بين الأرامل، إذ يرى البعض أن العمل المشروع قد يكسب العاملة 150 دولاراً شهرياً، عوض التسكع في الشوارع والتسول عند الأضرحة والمعابد، التي يحج إليها آلاف الهندوس أسبوعياً.