الإعلام الشعبي في سورية سلاح خفي

يفرض نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، منذ اندلاع الثورة ضده في مارس ‬2011، تعتيماً متعمداً على أحداث هذه الثورة وفعالياتها، ويحاول بشتى السبل حرمانها امتلاك أدوات الإعلام والوصول إلى وسائله لتوصيل موقفها بالصوت والصورة الى الشعب السوري، سواء من خلال التظاهرات والاحتجاجات او عميات القصف والتدمير والقتل اليومية التي تقوم بها قوات النظام في مختلف المدن والبلدات.

وأدى هذا الوضع الى فتح طريق أمام وسائل إعلام شعبية ذات توجه ثوري للظهور في الخفاء، بديلاً إعلامياً يلبي رغبات المواطنين في المناطق الخطرة لنقل ما يدور من أحداث يومية.

وبعد أربعة أشهر من العمل المستمر، عقب قصف برج حلب وتدميره من قبل قوات الحكومية، بدأ بث راديو «نسائم سورية»، الذي تقوم عليه مجموعة من الشباب والعاملين ذوي الخبرة في العمل الاذاعي بمدينة حلب شمال سورية. وبقليل من الأجهزة الإذاعية والمعدات الصوتية الخفيفة الوزن ويسيرة الحمل وحاسبات شخصية وكابلات توصيل بين الأجهزة، كان ظهور إذاعة «نسائم سورية» في محافظة حلب وضواحيها، مصدراً للتغطية الإخبارية عن تفاصيل الأوضاع اليومية للحياة في تلك المحافظة خصوصاً وفي سورية عموماً

وتقول مديرة الإذاعة، التي أشارت الى نفسها باسم مستعار هو ريم الحلبي، خوفاً من الاعتقال، إن «فكرة إذاعة في منطقة حلب وريفها، كانت قائمة منذ نحو أربعة أشهر، وأن ‬40 شاباً وفتاة يعملون فيها تحت أسماء مستعارة خوفاً من تداعيات أمنية، خصوصاً المذيعين ومهندسي الصوت، المعروفة أسماؤهم، عندما كانوا يعملون في الإذاعات الرسمية وشبه الرسمية».

كما تشير الحلبي الى أنهم يحاولون توعية المواطنين عن طريق نشرات الأخبار السريعة، بعد تراجع الأوضاع المعيشية والخدمية من الكهرباء والإنترنت والاتصالات، وانعزال السكان عن بعضهم وعن العالم.

ويؤكد المسؤولون عنها انها «ستعمل على إيصال صوتها لبقية المحافظات السورية، ولا تتبنى أفكاراً سياسية أو دينية معينة، وأنها مستقلة عن أي جهة خارجية ولا تتبنى أطروحات أي تيار سياسي أو ايديولوجي».

وإلى جانب راديو «نسائم سورية» هناك إذاعات خاصة عدة، مثل «شام إف إم»، وراديو «أرابيسك»، وإذاعة «سوى» التي تحظى باستماع جماهيري أكثر من غيرها، حيث ترسل موجاتها إلى جميع المناطق السورية. وتقدم هذه الإذاعات مضمونا موسيقياً وإخبارياً مختلفاً عن النشرات التي تقدمها الإذاعات الحكومية.

وفي ظل الانتفاضة ضد نظام الأسد، برزت أيضا مجلة «ياسمين سورية» الورقية ذات التوجه الثوري والثقافي، والقصصي عن معاناة النساء السوريات في معتقلات النظام، ودورها في المجال الإغاثي والطبي. ويدير شؤون المجلة سبع سيدات من حلب يوزعن الأدوار بينهن، كل وفق اختصاصه، من إخراج وتحرير وتقارير ميدانية.

وتعتبر مجلة «ياسمين سورية» من الإصدارات الثورية ذات سياسة تحريرية لم يقرأها المواطن السوري قبل نحو أربعة عقود.

أما مجلة «عنب بلدي»، فيقوم عليها مجموعة من الشباب الهواة لا يتمتعون بخبرة صحافية سابقة، لكنهم أحبوا أن يبذلوا جهداً في تقديم جانب مختلف من جوانب الثورة السورية، ويشاركون في أحد الفضاءات الحرة التي صنعتها الثورة لتكون ساحة لأفكارهم وأقلامهم وليغردوا فيها بكل حرية.

وتصدر المجلة الأسبوعية من مدينة داريا في ريف دمشق، واختاروا اسم «العنب» لها للارتباط المباشر بمدينة داريا التي اشتهرت بزراعة العنب منذ زمن بعيد، ورمزيته المتمثلة في الأصالة والارتباط بالأرض.

الأكثر مشاركة