جيل أفغاني جديد ينشد الرفاهية والأمن
تقود طوبا هوتك سيارة والدها الفارهة بأمان في إحدى ضواحي كابل الجديدة، وتعيش الفتاة مع أسرتها في حي راقٍ يظهر الوجه الآخر لهذا البلد المنهار اقتصادياً وأمنياً.
وتتلقى طوبا (16 عاماً)، تعليماً بريطانياً وتستعين أسرتها بمدرسين خصوصيين، وتأمل أن تصبح مهندسة في المستقبل، ولا تفكر في الزواج وإنجاب الأطفال. وكبقية أقرانها عاشت طوبا فترة طويلة خارج أفغانستان، بعد استيلاء حركة «طالبان» على الحكم، وعادت العائلة إلى كابل بعد غزو الولايات المتحدة للبلاد في 2001.
وعلى الرغم من أن شريحة واسعة من الشعب الأفغاني تكافح من أجل البقاء وتعيش في أحياء وقرى تفتقر إلى أبسط الخدمات، فإن عائلات أفغانية عدة تعيش في شقق مجهزة في أحياء راقية، ويتسوق السكان في مراكز حديثة، ويستخدمون الهواتف الذكية، ويتواصلون مع العالم من خلال التلفزيون والإنترنت. وتؤكد طوبا أنها ليست قلقة مما ستكون عليه الحال بعد رحيل القوات الأميركية، وتقول «سأكون مثلما تراني»، مضيفة «هذا البلد خطير بالنسبة للأميركيين وليس للأفغان». وترد عليها مدرستها (نائلة) قائلة، «أتعتقدين أنه بإمكانك قيادة السيارة بعد عودة (طالبان)»؟ وتابعت، «سيقتلونك!».
وتنتمي طوبا ومثيلاتها إلى شريحة صغيرة من المجتمع الأفغاني لكن هذه الفئة تتنامى بسرعة، وتضم مهنيين في مجالات عدة، وموظفين في الدولة، وأصحاب أعمال.
ويبدو هذا الجيل الجديد طموحاً ويأمل في أن يسهم في بناء بلاده وازدهارها. ويخشى الأفغان الذين عايشوا حكم «طالبان» أن تتبخر أحلام هؤلاء الشباب. وتعيش طوبا في «أريا سيتي» وهو مجمع لا يدخله إلا قاطنوه، ويتعين على الزائرين تقديم معلومات واضحة لحراس المجمع حول الزيارة عند البوابة، قبل الدخول.
وبدأ هذا النوع من المجمعات ينتشر في ضواحي كابل، وتوفر هذه الأحياء الراقية خدمات متنوعة للسكان، بما في ذلك مساحات للعب والمدارس والمتاجر وغيرها.
ويستمتع هازير هوشان مع أصدقائه بتناول شطائر الهمبورغر والمشروبات الغازية في مطعم الحي. ويقول هوشان (17 عاماً) «هناك الكثير من المتمدنين والواعين في أفغانستان، لذا لا أعتقد أن الحرب ستندلع مرة أخرى». أما صديقه عبدالله حكيمي فيطأطئ رأسه قائلاً «إنهم (طالبان) ليسوا بقوة الشعب الأفغاني».
ويعبر حكيمي (17 عاماً) عن عشقه للسلاح وإعجابه بالمدربين العسكريين الأميركيين. ومع حلول المساء يذهب شباب الحي لمشاهدة فيلم سينمائي بمركز التسوق أو ممارسة ألعاب الفيديو، وهم يرتدون سراويل الجينز، ومظهرهم لا يوحي بأنهم يعيشون في بلد فقير للغاية. ويعتقد هوشان أن أفغانستان «مثل طفل جديد، الوضع جيد الآن». ويقول «نذهب إلى المدرسة ونلعب كرة القدم وبإمكاننا قضاء أوقات ممتعة مع الأصدقاء. ويوجد في المركز محال توفر آخر صيحات الموضة الغربية من الأزياء وأدوات الزينة الغالية، في بلد معروف بأنه محافظ جداً».
فتح عميد مسرابي محلاً في المركز، الشهر الماضي، ويعود الفضل في ذلك إلى المال الذي ادخره أثناء عمله في سفارة أجنبية بالعاصمة، لمدة ست سنوات. وتساعده شقيقته مزدة في الاهتمام بطلبات الزبائن. ويقول مسرابي (23 عاماً) والحماس بادٍ على وجهه «أخطط لأصبح رجل أعمال ناجحاً، ولن أظل بائعاً في محل صغير». ويذكر الشاب الطموح القصف الذي تعرضت له كابل من قِبل الفصائل المتناحرة، ويعبر عن دهشته للتغيير الكبير الذي تشهده مدينته، ويضيف «الوضع يتحسن يوماً بعد يوم، لم يكن لدينا طرق جيدة مثل هذه وبنايات ومراكز تسوق مثل التي نراها الآن». ويتابع مسرابي بابتسامة تهكمية «حتى الانتحاريون يتطورون، إنهم يقتلون المزيد من البشر!».