يتسلّقون أماكن شاهقة وخطرة بحثاً عن المتعة وهرباً من الواقع
متهورون روس «يمشون في السماء»
ظهر جيل جديد في روسيا يعشق المجازفة، ولا يتردد في القيام بأي شيء لإشباع فضوله، ومن بين هؤلاء شباب وصل بهم التهور إلى حد الجنون، إذ يتسلقون أماكن شاهقة وخطرة، لا لشيء إلا تحقيق المتعة، يقول أحدهم إنه اكتشف عالما لا تضبطه قواعد أو قوانين، ويسمي نفسه ومن يفعل أفعاله «أبطالاً» يستحقون التقدير.
وبدأ ما يسمى «المشي في السماء»، قبل سنوات في روسيا، وتحول إلى ظاهرة عالمية، ويعود الفضل في ذلك لمجموعة من الشباب الروس الذين قرروا لفت الأنظار، من خلال الوصول إلى قمم الأبراج الشاهقة، وغيرها، ومن ثم التقاط صور يقومون بنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، أو مواقع خاصة على الانترنت، وراجت الفكرة في أوروبا ومناطق أخرى حول العالم، ليصبح عدد ممارسي هذه الهواية الخطرة بالآلاف.
وما إن يصل المجازف إلى قمة بناية شاهقة، أو رافعة بناء عالية، أو تمثال ضخم، أو دعامة جسر، حتى يبدأ في عرض قدراته على التماسك، وأحيانا يمشي على أسلاك رفيعة، أو يقف على حافة قضيب حديدي، وبعدها يصور المنظر من أعلى، وبعد ساعات تكون الصور في متناول مستخدمي الانترنت وهواة هذا النوع من المجازفة.
وبالنسبة لهؤلاء الشباب، فإن «المشي في السماء» يعد متنفسا لهم، للهروب من مشكلات روسيا اليومية، مثل البطالة أو التجاذبات السياسية.
وفي ذلك يقول الطالب في قسم التصوير، أرتيوم لكتيونوف، «تبدو المشكلات عديمة القيمة، عندما تعانق النجوم، وحتى الزحام الذي نراه في الشوارع يصبح تافها ونحن فوق».
ويضيف الشاب البالغ من العمر 19 عاما، «صحيح الأمر مخيف، لكنه قابل للتحكم وإذا حدثت مشكلة ما فهو خطأ المجازف، حتى على الأرض قد يواجه الإنسان المشكلات، إذا لم يتحكم في الأمور بشكل جيد».
ويرى أخصائيون في علم النفس أن لجوء بعض الشباب الروس إلى هذا النوع من المجازفة، هو محاولة للهروب من الواقع، «يريد هؤلاء الشباب التعويض عن النقص الذي يعانونه في حياتهم».
ويقول الخبير النفسي في مركز التأهيل، ألكسندر كولمنوفسكي، الذي يرى أن هؤلاء ضحايا، ويجب ألا يوجه إليهم اللوم، «ليس غريبا أن يكون معظم المجازفين من روسيا، لأن البلاد لاتزال تعاني تبعات انهيار النظام الاشتراكي القديم، في حين لم نبن بعد نظاما بديلاً».
يتسلق الطالب في معهد البرمجة، ألكسندر رامنف (18 عاماً)، المباني الشاهقة مع أصدقائه، من حين إلى آخر، ولا يستخدمون وسائل السلامة، مثل الحبال ومكابح التسلق، ويكتفون باللباس العادي فقط. وبدأ رامنف هذه الهواية قبل خمس سنوات، عندما اكتشف هو وصديقه سقفاً مكشوفاً على الطابق الـ11.
ويقول الشاب إن وجوده في الأعلى يحرره من القيود، ويجعله يعيش تجربة مختلفة تماماً.
وفي هذه الفترة تسلق رامنف البنايات مئات المرات، في أماكن مختلفة من روسيا، ليصل إلى السطح «ويستمتع بالمناظر من فوق».
من جهتها، تقول السلطات إن المجازفين يخرقون القانون بالمشي الخطر فوق الأسطح الشاهقة «أما إذا لم يتسببوا في ضرر واضح، فإنهم يتعرضون لغرامات ضئيلة»، كما يؤكد رئيس نقابة الشرطة الروسية، ميخائيل باشكين.
ويرى باشكين أنه يتعين على الدولة أن تهتم بهذه الشريحة من الشباب، لأنها تعرض أمن البلد للخطر.
وفي هذا السياق، رفض رامنف وأصدقاؤه كشف الطريقة التي وصلوا بها إلى أعلى مركز «جي يو إم» للتسوق، وكيف تحايلوا على الحراس، ويعتبر سقف المبنى مكانا مثاليا للقناصين، الذين ربما يستهدفون الساحة الحمراء، وسط موسكو.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news