السكان يستعيدون ذكريات حكم المتشددين المؤلمة بالضحك والطرافة
الحياة الطبيعية تعود إلى شوارع تمبكتو
بدأ سكان تمبكتو، شمال مالي، يعودون إلى حياتهم الطبيعية بعد فرار المسلحين المتشددين من المدينة، ويروي الأهالي قصصاً مثيرة عن الفترة التي استولى خلالها المتمردون على المدينة.
وكان شمال مالي سقط في أيدي الجماعات المسلحة قبل تسعة أشهر وتم تحريره من قبل القوات الفرنسية أخيراً، وعلى الرغم من الشكوك التي تحوم حول استمرار الوضع الراهن إلا أن الأهالي عادو إلى حياتهم التي اعتادوها قبل الأحداث، وبإمكان عشاق الموسيقى الاستماع إلى الأغاني في حين يستمتع البعض بسهرات عائلية وتجمعات ليلية، تجعل من الحياة في هذه المدينة المترامية في عمق الصحراء متعة، وقد منع المتشددون الكثير من الأنشطة الاجتماعية وضيقوا على الناس، فلم يعد في وسعهم فعل الكثير.
وبات الماضي محل سخرية لدى البعض، وتستعيد بعض النسوة، وهن جالسات على طرف الشارع الرئيس، ذكريات حكم المتشددين بالضحك والطرافة، ولا تتردد بعضهن في تمثيل مشاهد عاينوها قبل أشهر يجسدن من خلالها سلوك المسلحين.
وتقول إحداهن وتدعى أزهارا عبدو (20 عاماً)، إنها تعرضت لعقوبة الجلد بتهمة التبرج، ثم سجنت وتم اغتصابها. وتضيف أنها صادفت قائد الشرطة التابع للمسلحين في السوق وكانت ترتدي لباساً محتشماً، لكنه لم يرق له فأمر بجلدها 40 جلدة، على الرغم من أنها نفت قيامها بأي شيء يخالف الأعراف الاجتماعية. وتروي عبدو قصتها والحسرة بادية على وجهها، إذ تم اغتصابها في مكتب القائد من قبل خمسة أشخاص، ثم أطلق سراحها بعد شكوى قدمها والدها إلى قادة المسلحين.
يقول إمام مسجد سنكور الشهير، عبدالرحمن عاقب، «لم أكن أرغب في الحديث معهم (المسلحين)». ويحظى الإمام باحترام كبير من قبل الأهالي الذين يعتقدون أن إغضابه يجلب اللعنة. أما عمدة المدينة عثمان هال، الذي قرر البقاء أثناء وجود المتشددين، فيتساءل «إذا كان هؤلاء قد جاؤوا لمساعدة أهالي شمال مالي فلماذا دمروا كل شيء؟».
وتتذكر جوما تراوري، (50 عاماً)، تظاهرات أكتوبر الماضي التي ضمت أكثر من 200 امرأة رفضن حكم المتشددين، وتروي الكثير من التفاصيل المثيرة، فقد تمكنت النسوة من تنظيم االتظاهرة باستخدام الرسائل النصية القصيرة، وفي ذلك تقول جوما، «لقد طفح الكيل بي، فضلت الموت على أن أعيش في تلك الحالة». وتضيف «كنا نصرخ في وجوههم: اخرجوا من أرضنا وارحلوا عن مدينتنا، لستم أنتم الذين يعلموننا مبادئ ديننا». وتغير الوضع بعد تلك التظاهرة الشجاعة وبات الوضع أكثر سوءاً بالنسبة للنساء، ومع ذلك تقول جوما إنها لا تشعر بالندم عما فعلته.
ويروي علي مبارك، (70 عاماً)، الذي يرتدي تعويذات حول رقبته لحمايته من الشرور «وجعله قوياً وشجاعاً»، أنه تعرض للتوبيخ مرة عندما كان متجهاً إلى السوق لبيع الأغنام بسبب تركه الصلاة، فرد حينها قائلاً، «يجب أن تتوقفوا عن ضرب الناس والتعامل معهم كأنهم حيوانات. لم أهتم لرد فعلهم ولم أكن خائفاً». وبسبب جرأته تعرض العجوز للضرب ونزع التعويذات من حول عنقه، كما قام أحدهم بأخذ المال والأسورة الفضية التي كانت بحوزته. ويضيف مبارك «لا أندم على ما فعلت لأنه كان يتعين علي فعل ذلك، لأن الناس تقتدي بي كوني شيخاً كبيراً».
ويرى الأهالي أن تمبكتو فقدت الكثير وتحتاج إلى وقت حتى تعود إلى حالتها الطبيعية. وفي هذا السياق يقوم المقاول عثمان ديكو (50 عاماً)، بجهود كبيرة لتنظيف المدينة وترميم المناطق المتضررة. ومن أجل ذلك جمع ما يستطيع من عتاد وطلب من الأهالي المساعدة لتنظيف الأحياء، وبات الشباب متحمساً بعد ذهاب المتمردين، لإعادة بناء مدينتهم وجعلها أفضل مما كانت بكثير.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news