نساء «قرية لوي» رفضن العيش وحيدات بعد أن غاب الرجال

أمهات عازبات كسرن العادات القديمة في فيتنام

الفيتناميات انتظرن لسنوات عودة الرجال من الحرب ولم يتزوجوهن. غيتي

قبل ثلاثة عقود، قررت مجموعة من النساء في قرية لوي، شمال فيتنام، أن يصبحن أمهات، الأمر الذي أدى إلى قلب العادات والتقاليد والقوانين، التي تحكم العلاقة بين الرجل والمرأة في هذه المنطقة، وربما ساعد على فتح الباب لهذه الدولة، كي تعيد تعريف مفهوم الأبوة.

ففي صباح أحد الأيام بقرية لوي، انطلقت الفلاحات إلى حقول الأرز، في حين اأخذت مجموعة أخرى من النساء يلعبن مع أحفادهن بالقرب من جدول الماء، ولم يكن أزواجهن موجودين، ليس لأنهم قتلوا في الحرب، وإنما لأن هؤلاء النسوة قررن الانجاب من دون زواج.

وبدأت قصة هؤلاء النسوة خلال الحرب الأميركية، كما يطلق عليها في فيتنام، عندما كان العديد من الرجال يعتبرون الثورة أهم من عائلاتهم، وعندما عاد السلام الى البلاد مرة ثانية بعد عقد من الحروب، بات من الواضح أنهن ضحين بسنين شبابهن، مثل أخريات من الجيل ذاته، من أجل الحرب.

وكان من تقاليد فيتنام أن تتزوج الفتاة في تلك الأيام بسن الـ‬16، وأما من تبقى إلى سن الـ‬20، فإنها تعتبر ممن فاتها قطار الزواج، لكن الرجال العزاب الذين عادوا من الحرب سالمين، كانوا يفضلون الزواج بصغيرات السن، الأمر الذي أثار غضب النساء اللواتي انتظرن عودتهن من الحرب سنوات، وترك العديد منهن دون أزواج. وبحسب إحصاء السكان في فيتنام ـ بعد الوحدة عام ‬1979 ـ كان معدل الرجال في الدولة ‬88 رجلا لكل ‬100 امرأة، تراوح أعمارهن بين ‬22 و‬44 عاما.

ولكن النساء بعد الحرب تختلف عما كانت عليه قبلها، إذ لم تعد النساء تقبلن فكرة أنه إذا لم يأت فارس الأحلام فيجب أن تعيش المرأة وحيدة، لذلك قررت نساء قرية لوي أن يحصلن على الأمومة، ويرفضن العيش وحيدات حتى لو لم يأتِ فارس الأحلام، فقد تحملن قسوة الحرب، وتطورت لديهن قوة غير معهودة.

وأخذت هؤلاء النسوة يطلبن من أي رجل يصادفنه لمرة واحدة فقط أن يحملن منه، وأصبحت هذه الممارسة تعرف بـ«المطلوب طفل»، وهي تشير إلى انتهاك التقاليد المتعارف عليها، وتنطوي على صعوبات كبيرة، مثل تربية الطفل بمفردهن، وتميزهن عن الباقيات من النساء.

وتقول أستاذة الأجناس البشرية في جامعة سياتل، الدكتورة هاريت فيني، التي تؤلف كتابا عن هذه الممارسة «لقد كان أمراً استثنائيا، وغير عادي بتاتا». وتضيف أن الحمل من رجل خارج إطار الزوجية كان أمراً «لم يسمع به أحد» قبل هذه الفترة.

وترى فيني أن ذلك كان نتيجة لرفض هؤلاء النسوة العيش وحدهن، إضافة إلى مجتمع ما بعد الحرب، الذي جعل وضع المرأة فريدا في شتى أنحاء فيتنام، بما فيهن آلاف الأرامل اللواتي كن يربين الأطفال وحدهن. وكانت بعض النساء في لوي مستعدات للحديث عن حكاياتهن، وإن كن يرغبن دائما في عدم البوح باسم أبي الطفل، وكانت أول امرأة تطلب طفلا بهذه الطريقة في لوي هي نغويين ثي نهان (‬58 عاماً حالياً).

ومن بين نساء لوي نغوي نثي لو (‬63 عاماً الآن)، والتي أحبت رجلا قتل في الحرب، وهي تقول «كنت في الـ‬26 من العمر عندما انتهت الحرب، وكانت تلك السن تعد كبيرة جدا بالنسبة للزواج، لكن لم يأتِ أي زوج»، لكنها أرادت أن تصبح أما، وتضيف «كنت خائفة من أن أموت وحيدة».

وعلى الرغم من أن قرارها أغضب والديها وشقيقها في البداية، لكنهم قبلوا بذلك في النهاية، واشتروا لها قطعة أرض هي كل ما استطاعوا تقديمه لها في قرية لوي، التي أصبحت تعرف بأرض الأمهات العازبات.

وهي تقول «كان من المسلي ـ بالنسبة لي ـ أن أكون واحدة في مجموعة من النساء، يجمعنا الوضع ذاته».

وخارج لوي اتخذت العديد من النساء القرار نفسه، لدرجة أن الأمهات العازبات، خصوصا اللواتي شاركن في الحرب لفتن انتباه الاتحاد النسائي.

تقول رئيس الاتحاد النسائي في هانوي، تران تي نغوي، إن «العديد من النساء قدمن كل شيء في الحرب، ومن المهم أن نعترف بتضحياتهن».

تويتر