حمّى غير مسبوقة للبحث عن الذهب تجتاح إندونيسيا
على الرغم من معاناتها توترات طائفية بين المسلمين والمسيحيين، تشهد منطقة أمبون الإندونيسية منذ فترة حمى غير مسبوقة بحثاً عن الثراء السريع من خلال البحث عن الذهب. وتحمل مدينة امبون بصمات التراث الهولندي عمرانياً وثقافياً، وحتى في التقاليد التي تعود الى بدايات قدوم الغزاة المستعمرين الهولنديين في بدايات القرن الـ17 الى أرخبيل الجزر الإندونيسية، التي ظلت لعشرات السنين تسمى جزر البهار، التي يتوزع سكانها الذين يطلق عليهم «الملوكيين» بين المسيحية والإسلام. ولم تميز وحشية الغزاة الهولنديين في التعامل بين المسلمين والمسيحيين حتى جاءت الحرب العالمية الثانية، حيث خدم المسيحيون في جيش المستعمر الهولندي بأعداد كبيرة، في وقت كانت تتبلور فيه ملامح دولة اندونيسيا الحديثة الطامحة للاستقلال بأغلبية سكانها المسلمين. ولأغراض استعمارية قامت السلطات الهولندية في الستينات من القرن الماضي بنقل أكثر من 10 آلاف من سكان امبون الذين خدموا في الجيش الهولندي الى معسكرات خاصة في هولندا، حيث عاشوا هناك نحو 20 عاماً قبل ان تعيدهم الى امبون ليلقوا استقبالاً غير ودي من السلطات الإندونيسية التي سرعان ما اعتقلت أعداداً منهم، الى جانب عمال مناجم يبحثون عن الذهب قدموا من مناطق مختلفة، كجزيرة جاوا وجنوب سولاويسي. وعلى مدى سنوات طويلة كانت «جزيرة بورو» تشهد عمليات بحث واسعة ومكثفة عن الذهب، حتى اواخر العام 2011، حينما عثر احد السكان المحليين على قطعة من الذهب في منطقة غونن بوتاك في جبل بالد. وخلال بضعة اشهر كانت المنطقة تعج بآلاف الباحثين عن الذهب في مشهد يعيد الى الأذهان حمى البحث عن الذهب في منطقة سييرا نيفادا الاميركية في القرن الـ19، وفي منطقة باثورست في استراليا في منتصف ذلك القرن حيث تخلى الرجال عن وظائفهم وأعمالهم ومزارعهم وتفرغوا للبحث عن الثراء السريع من خلال التنقيب عن الذهب. وقفز عدد سكان جزيرة بورو خلال بضعة اشهر من 90 ألفاً إلى أكثر من 130 ألفاً مع استمرار تدفق الفقراء والعمال الإندونيسيين من مختلف المناطق عليها بأعداد كبيرة وبصورة يومية. ومقابل غض الطرف عن عمليات التنقيب عن الذهب باعتبارها غير قانونية يتلقى الجيش الإندونيسي نسبة من الأرباح. وسقط العام الماضي ما لا يقل عن 12 قتيلاً بسبب المصادمات بين جماعات متنافسة تنقب عن الذهب، بينما قال سكان محليون ان مئات آخرين لقوا حتفهم بسبب انهيارات المناجم. وتفتقر مناطق البحث عن الذهب الى الحد الأدنى من خدمات البنية التحية كالصرف الصحي، ما يزيد من قلق السلطات المحلية من انتشار الكوليرا وغيرها من الأمراض المعدية.