مقاهي «الإنترنت» تحولت إلى فنادق من نوع خاص

يابانيون يعيشون في أقفاص بسبب ارتفاع الإيجارات

مقاهي الإنترنت تعد ملاذاً جيداً للكثير من اليابانيين المحرومين أو المشردين. أرشيفية

يعاني سكان العاصمة اليابانية طوكيو «الغلاء الفاحش» في أسعار العقارات، الأمر الذي جعل الكثيرين يعيشون في أماكن ضيقة وغريبة. ويعيش يابانيون يطلق عليهم اسم «نازحو الانترنت»، في أكشاك تشبه الأقفاص بشكل دائم في مقاهي الإنترنت أو بجانبها، في حين يؤجر آخرون خزائن صغيرة للنوم فيها أثناء ساعات الليل. كما يعيش شباب في مقتبل العمر في عربات قطارات مهجورة قاموا بتهيئتها لتصلح للعيش، وأجريت عليها تعديلات لتتناسب مع ظروف الشتاء القاسية. وبجانب العربة المهجورة تتكدس أقفاص فوق بعضها تتخللها سلالم حديدية، ويجني مالكو الأقفاص والعربات أرباحاً جيدة من خلال تأجيرها بأسعار مقبولة.

يقيس اليابانيون مساحة العقار ببساط «تاتامي» وليس بالمتر أو القدم المكعب، وتغطى أرضية المنزل في اليابان عادة ببسط خاصة، وقياس الواحد منها ‬1.6 متر مربع، وتبلغ مساحة «جيكي سيما» وهو اسم الحجرة الصغيرة التي تشبه إلى حد كبير التابوت، نحو بساطين، أي أكثر من ثلاثة أمتار مربعة بقليل. ومن المستحيل أن يقف الشخص منتصب القامة داخل حجرة صممت بشكل أفقي. ويقال إن ساكني هذه التوابيت من الطبقة الفقيرة أوسكان القرى المجاورة والبعيدة الذين يأتون بحثاً عن فرص عمل في طوكيو، إلا أن هناك أشخاصاً بالغين عملوا سنوات طويلة في مؤسسات وشركات مختلفة، يعيشون أيضا في هذه الأقفاص.

ويتشارك سكان المجمعات السكنية من هذا القبيل، الحمام ومرافق أخرى مثل المطبخ والفناء، ويختلف سعر الحجرة حسب المساحة والمرافق المتاحة. وعلى سبيل المثال تبلغ قيمة إيجار حجرة بنافذة نحو ‬55 ألف ين (‬586 دولاراً) شهرياً، ويشمل ذلك التدفئة والكهرباء. ويمكن للأشخاص الذين يريدون توفير المزيد من المال استئجار حجرة من دون نافذة مقابل ‬480 دولاراً. وتعتبر مقاهي الانترنت ملاذاً جيداً للكثير من اليابانيين المحرومين أو المشردين، ومنذ إطلاق خدمة الإنترنت في طوكيو، عمل أصحاب المقاهي على البحث عن السبل لزيادة الربح.

وبعد أن كانت مقاهي الانترنت مكاناً يلتقي فيه الطلبة والنخبة في المجتمع تحولت تدريجياً إلى فنادق من نوع خاص. ويقوم ملاك المحال بإجراء تعديلات في صالات المقاهي كي تتناسب مع الخصوصية وحيت النوم ليلا ونهارا، ويتم تأجير الحجرة الصغيرة مقابل ‬25 دولارا لليلة. وفي البداية كانت الخدمة موجهة للموظفين الذي يعملون إلى وقت متأخر ولا يتمكنون من الذهاب إلى منازلهم، ثم زاد الإقبال على هذه «الزنازين» بشكل كبير وأصبح البعض يفضل العيش فيها دائما، وإضافة إلى خدمة الانترنت غير المحدودة، توفر المقاهي لروادها وسكانها الأفلام والموسيقى وخدمات رقمية أخرى. وتراوح إيجارات حجرات الانترنت بين ‬600 و‬650 دولارا شهريا، ويمكن أن يتسع المقهى الواحد لـ‬30 شخصاً، ومعظم سكان المقاهي من الموظفين والفنانين، ولا يستطيع هؤلاء السكن في شقة بالعاصمة لأن ثمن الإيجار بالآلاف شهرياً، والعيش داخل «قفص» أرخص بكثير وعملي كذلك.

قبل ثلاث سنوات، أبدت السلطات في طوكيو اهتماماً بمصير «لاجئي الإنترنت» هؤلاء، إذ كان هناك ما يقرب من ‬5400 منهم في العاصمة اليابانية، فقررت الحكومة تقديم المساعدة المالية لهم حتى إن اللاجئين يتمكنون من تأمين مساكن مقبولة ومناسبة، ومرت السنوات الثلاث وارتفع عدد اللاجئين إلى أكثر من ‬10 آلاف، فضلاً عن سكان أقفاص «جيكي سيما».

وقد ساعد النقص الواضح في المساكن الملاك على جمع ثروات على حساب ما يسمى الفقراء العاملين، ويحدث ذلك ليس فقط في طوكيو، ولكن في بعض المدن الآسيوية الأخرى مثل بكين، وهونغ كونغ، وعاصمة كوريا الجنوبية سيؤول. ويأتي الآلاف من الآسيويين إلى المدن الكبرى بحثاً عن حياة أفضل وينتهي بهم المطاف في فخ أسعار الإيجارات العالية جداً.

تويتر