تفشي حالات الخطف من أجل الفدية في مصر
كان أشرف عبدالرحمن، الذي يمتلك مصنعاً للصلب بالقرب من القاهرة، يقود سيارته عائداً الى منزله الأسبوع الماضي، عندما أجبرته سيارة مملوءة بالمسلحين بالوقوف وأطلقوا النار في الهواء. ونزل منها ثلاثة رجال شاهرين مسدساتهم، اقتادوا عبدالرحمن، ولاذوا بالفرار مسرعين وهم يغطون عينيه، تاركين سيارته على جانب الطريق، وباب السائق مفتوح، وهاتفه المحمول داخل السيارة.
وفي 27 مارس 2013، كان المزارع إسحاق عزيز يحمل صورة ابنته نيرمين، طالبة مدرسة، بالغة من العمر 17 عاماً، التي فقدت يوم «عيد الفالنتاين»، ولم يرها بعد ذلك او يسمع عنها أي شيء منذ ذلك التاريخ، في مدينة المنيا المصرية. وقال مسؤول كبير في وزارة الداخلية، إن المنيا شهدت 15 حالة خطف للمسيحيين على الأقل، منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، أي قبل عامين.
وكان عبدالرحمن قد سمع قصصاً متداولة بين الناس خلال العامين الماضيين عن مصريين من الطبقة الميسورة يتعرضون للخطف من أجل الفدية، وهو مؤشر آخر إلى الفراغ الأمني في البلاد منذ ثورة عام 2011، التي أطاحت مبارك ونظامه البوليسي، ولكنه لم يهتم للأمر كثيراً، أو فكر في استئجار حراس خاصين له.
ونقل الخاطفون عبدالرحمن الى منزل خارج المدينة، حيث أجبروه على خلع ملابسه، وبقي في الملابس الداخلية، وأخبروه أنهم سيقتلوه إذا لم يدفع فدية تبلغ خمسة ملايين جنيه مصري، أو نحو 720 ألف دولار. ومع مرور الأيام كان تفكير عبدالرحمن منصباً على ابنته بصورة رئيسة.
وانتشر الخوف من جرائم العنف في مصر التي لاتزال تعيش اضطراباً كبيراً. وكانت الأزمة الأمنية واحدة من النتائج الحالكة للثورة، حيث فشل قادة الدولة، الرئيس محمد مرسي ومن قبله الجنرالات، في استعادة الأمن للبلاد. ويقول المصريون إن الشرطة التي كانت تضطهدهم خلال مرحلة مبارك انكفأت الآن إلى مراكزها، وتركت المصريين يواجهون المتاعب بأنفسهم. وأدى ذلك الى ظهور من يطبقون القانون بأيديهم، وانتعاش سوق السلاح على نحو كبير لبيع أسلحة غير قانونية، بسبب كثرة المواطنين الذين يبحثون عن حماية.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية المصرية، الجنرال عبدالفتاح عثمان، إن زيادة حالات الخطف من أجل الحصول على الفدية ازداد بوتيرة كبيرة بعد الثورة. وسجلت الوزارة 412 حالة عام 2011، و318 العام الماضي، إضافة إلى 134 حالة حتى الآن في عام 2013، وانحت باللائمة ليس على نقص عناية افراد الشرطة، وإنما على الفكرة التي مفادها أن «المصريين لم يعودوا يحترمون القانون بعد الثورة».
ولكن بعض المصريين يرون أن الفراغ الأمني يأتي كنوع من الانتقام بعد الثورة التي استهدفت سوء معاملة الشرطة، إضافة الى مبارك نفسه. وأدى انعدام الثقة بالشرطة إلى حوادث أصبحت فيها العائلات تفضل دفع الفدية بدلاً من طلب المساعدة من السلطات، بحسب عثمان، الذي أضاف أن ذلك تغير، لأن الشرطة بدأت التعامل بصورة أكثر حرفية مع حالات الخطف، بهدف تحسين الأمن المصري بصورة عامة. وقال «قريباً جداً سيعود الأمن مثل ما كان عليه سابقا».
وقال المخرج السينمائي في القاهرة، تامر سامي، إنه لاحظ ملامح الغضب لدى أفراد الشرطة عندما خضع لحالات عدة من طلب الفدية، فقد سرقت سيارته تحت تهديد السلاح، وهي جريمة شائعة أخرى، ومن ثم تم بيعها له. وبينما كان يقود سيارته عبر شوارع القاهرة عندما كانت البلد تحت سلطة الجنرالات، تم ايقاف سامي تحت تهديد السلاح، وأجبر على النزول منها وترك هاتفه النقال داخلها. وأضاف سامي أنه عندما اتصل بالشرطة ألقى الضابط باللوم على الثورة، مشيرا إلى أن المصريين يحصلون على ما يستحقون. وقال سامي «يبدو أنهم يريدون تلقين الشعب درساً قاسياً». وتم الاتصال به من قبل أحدهم الذي قال له بخنوع إنه عثر على السيارة، وتمكن سامي من استعادة سيارته بعد أن دفع 7000 جنيه عبر حارس مستأجر.
ومع كل ما يقال عن عدم مبالات الشرطة المصرية إلا انها تمكنت من العثور على عبدالرحمن بعد أن اقتفت أثر الخاطفين من خلال مراقبة اتصالهم مع والده، وأعيد إلى والده محمد الذي قال إنه يشعر بالسعادة لاستعادته ابنه سالماً معافى.