الشرطة اليونانية نفذت عمليات مثيرة للجدل.. واجتاحت الشوارع لتطهير المداخل المزدحمة ومراكز التسوق من المدمنين على المخدرات. أرشيفية

«الشيشة».. نوع جديد من المخدّرات يغزو اليونان بسبب «الأزمة»

أفرزت الأزمة المالية، في اليونان، نوعا جديدا من أنواع المخدرات، يطلق عليه «شيشة»، وهو عبارة عن «كريستال ميث» يتم خلطه بحامض البطاريات، وزيت المحرك، وحتى الشامبو.

لا أحد يعرف ـ على وجه التحديد ـ ما الذي جاء أولا، هل الأزمة الاقتصادية التي مزقت اليونان، أم الشيشة، ذلك الدخان الذي يطلق عليه البعض اسم «كوكايين الفقراء»، إلا أن الجميع يتفقون على أن الشيشة «قاتلة».

تقول مدمنة الهيروين السابقة، (ماريا)، إن «هذا النوع من المخدرات يحرق دواخلك ويجعلك عدوانيا، وهذا هو أسوأ شيء فيه»، وتضيف «لكنه رخيص ويسهل الحصول عليه، ولعل هذا ما يجعله قبلة جميع المدمنين». ويقول مدمن آخر إن «هذا العقار يجعلك تقتل، من دون أن تدرك أنك فعلت ذلك»، وينتشر استخدامه أسرع من الموت، ويؤدى إلى مقتل الكثير من المدمنين.

ويلجأ الكثير من اليونانيين، الذين صاروا من دون مأوى، واضطروا للإقامة في الشوارع، بسبب ما تسببت فيه الأزمة الاقتصادية من فقر ويأس، إلى استخدام عقار «كريستال ميث»، الذي يصيب مستخدمه بحالة من العنف الطائش، والأخطر من ذلك، أن هذا المخدر ليس فقط سهل الحصول عليه، إنما ايضا يسهل تصنيعه بقليل من المهارة، من قبل مجتمع لا يرى ضوءا في نهاية النفق المظلم.

يقول مدير مركز «كيثا» لمكافحة المخدرات في أثينا، شارلامبوس بلوبولس، إن الشيشة ترمز إلى تدني بعض طبقات المجتمع، وإلى حالة من العوز والفاقة، ويصفه بأن «مخدر المتقشفين».

ويضيف أن الوضع استدعى من تجار المخدرات تصميم هذا النوع الرخيص من المخدرات، الذي يناسب القدرة الشرائية للمستهلكين، الذين لم يعودوا قادرين على تحمل مخدرات أكثر كلفة، مثل الهيروين والكوكايين. يضاف إلى ذلك، كما يقول بلوبولس، أن «الشيشة يمكن استنشاقها أو حقنها، ويمكن تحضيرها في مختبرات منزلية، ولا يحتاج الامر إلى تكنولوجيا معقدة، وهذا أمر خطير للغاية».

وفي طول اليونان وعرضها، أفرزت ست سنوات من الكساد ارتفاعاً في معدل استخدام المخدرات والكحول، وارتفاعاً في معدلات الجريمة والانحراف، وانفراطاً في عقد المجتمع اليوناني، تحت وطأة تدابير التقشف التي قلصت دخل المواطن العادي بنسبة ‬40٪، وارتفعت بالمثل معدلات البغاء، وهو الطريق الأسهل لتمويل المخدرات.

وتقول خبيرة علم النفس بمركز «كيثا»، إيلينا ماريني، لقد «دفع القنوط الكثير من النساء إلى ممارسة الجنس من دون وقاية، لأنه الطريق الأسهل للحصول على الأموال»، في هذا المناخ السائد من عدم اليقين، حيث ترتفع حالات الانتحار أيضا، وتنتشر العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) بين مدمني المخدرات.

وقد تعامل الائتلاف الحاكم باليونان، الذي يهيمن عليه المحافظون، مع هذه المشكلة من خلال طرد مدمني المخدرات، وغيرهم من الأشخاص المشردين، من وسط المدينة، في سلسلة من العمليات المثيرة للجدل التي نفذتها الشرطة، واجتاحت الشوارع لتطهير المداخل المزدحمة ومراكز التسوق.

ويعلق بلوبولس على ذلك بالقول إن «ممارسة هذه الأعمال، من قبل السلطات، تشبه من يكنس منزله ويضع القمامة تحت السجادة»، ويضيف أن ما تفعله السلطات «إنما يساعد على تهميش هؤلاء الناس أكثر، من خلال دفعهم إلى أحضان تجار المخدرات، الذين يوفرون لهم الحماية».

الأشد من ذلك أنه تم تخفيض ميزانيات المنظمات التي تمولها الدولة، مثل مركز «كيثا» بمقدار الثلث، ومنذ اندلاع الأزمة المالية عام ‬2009، فقد «كيثا» ‬70 من طاقمه المكون، من ‬500 موظف.

وأتت هذه التخفيضات رغم الدراسات التي تبين أن مقابل كل يورو يتم إنفاقه في برامج مثل «كيثا»، يوفر للدولة نحو ستة يوروات بمجال التكاليف المتعلقة بالشؤون الجنائية وأنظمة الرعاية الصحية.

الأكثر مشاركة